م. أسليم: الكتاب الورقي والنشر الرقمي / حوار عزيز أزغاي

1٬220 views مشاهدة
minou
حواراتفي الرقمية
م. أسليم: الكتاب الورقي والنشر الرقمي / حوار عزيز أزغاي

1 – ما هي القيمة المضافة التي أتى بها الكتاب الرقمي؟
يجب أولا تدقيق معنى الكتاب الرقمي. كل مخطوط يُرقمن ويُوضع رهن التصفح في قرص مُدمج أو في شبكة الأنترنت يصير كتابا رقميا، ولكن للكتاب الرقمي أيضا معنى آخر يُطلق على هذا النوع من الأجهزة التي ظهرت منها لحد الساعة أجيال دون أن تنتهي التجارب إلى اختراع نموذج معياري يُستخدم من لدن مجموع القراء. هذه الأجهزة تشبه الحاسوب المحمول، لكن بوزن أقل، وقادرة على تخزين عدد كبير من الكتب مُرفقة بأدوات دعم للقراءة، بل وحتى بإمكانيات لتدوين آثار القراءة. إلى هذا يُشار – ضمن ما يُشار إليه – بقولهم منذ بضع سنوات، إن الكتاب الرقمي سيعوض نظيره الكتاب الورقي في غضون الثلاثين سنة المقبلة…
في الحالتين معا جديد الكتاب الرقمي يتمثل في اختفاء السند المادي (الورق) لفائدة سند شبه خفي قادر ليس على تخزين كم هائل من الكتب في حيز صغير جدا، بل وكذلك على الجمع بين الصوت والصورة والخط، مما يُدخل الكتاب في دورة حياتية جديدة تتمثل في صيرورته جُزءا من الوسائط المتعددة، والجديد الأخير هو التغلب على عوائق المادة والزمان والمكان التي ظلت إلى وقت حديث عائقا أمام وصول الكتاب إلى أكبر عدد من القراء وفي أكبر عدد ممكن من الرقع الجغرافية؛ حكاية نفاذ طبعة هذا الكتاب أو ذاك انتهت لقدرة السرفرات (في حالة الأنترنت) على إمداد ملايين القراء بالنسخة ذاتها من الكتاب نفسه في وقت واحد 24 ساعة على 24 ساعة. لا يتوقف الإمداد إلا باختفاء الموقع أو توقف السرفر عن العمل.
عما سبق تترتب أمور أهمها:
– اتساع دائرة القراء نظريا لاختفاء الإكراهات العديدة التي كانت تحول دون وصولهم إلى الكتاب الورقي.
– اتساع دائرة الكتاب بشكل غير مسبوق؛ يكفي أن يمتلك المرء جهاز حاسوب متصل بالشبكة ومساحة استضافة فإذا به يصير مالكا لما يُعادل دار نشر تُمكنه من نشر ما شاء، وبالصفة التي يشاء، إلى مجموع قراء الكرة الأرضية المحتملين.
في الحالتين معا نحن إزاء وضع شبيه لما ترتب عن اختراع جتنبرغ للمطبعة في منتصف القرن XV الميلادي، لكن بإيقاع أسرع وآثار أكبر.
– مُراجعة الوضع الاعتباري للمؤلف وتراجع سلطته الرمزية؛ صارت الكتابة، ولأول مرة في التاريخ، نشاطا مُتاحا لجميع الناس وعلى قدم المساواة، بل وربما نحن على أبواب الاختفاء النهائي للأعلام الأدبية على نحو ما نفهمها اليوم.

2 – ما هي أوجه التكامل أو التجاوز التي يمكن رصدها في علاقة الكتاب الرقمي بالكتاب الورقي؟
التكامل بين الكتابين يتمثل في كون الكتاب الرقمي حفيدا وسليلا لنظيره الورقي، بل هو تحول له. الرجوعُ إلى تاريخ الكتابة والكتاب يُطلع على وجود بحث منتظم استغرق آلاف السنين في السعي لابتكار حوامل أقل تكلفة ماديا ولتنظيم فضاء الكتابة ولتخزين أكبر عدد ممكن من الكلام المكتوب في حيز أصغر… وقد توج ذلك البحث مع الثورة الرقمية بظهور الكتاب الرقمي الذي ذلل العديد من الإكراهات التي كان يصطدم بها نظيره الورقي.
التجاوز يتمثل، كما سبق الذكر، في تغيير السند الذي جعل من الكتاب من الآن فصاعد جسما سائلا قابلا للسكب في أي وعاء، قادرا على التحرك في لمح البصر بين أرجاء المعمور والوصول إلى أكبر عدد من القراء.

3 – هل بإمكان هذا المنتوج أن يشكل إضافة نوعية في مجال مضاعفة القراءة، وإحداث موارد جديدة للاقتصاد الوطني؟
لا يمكن الجزم بإمكان مضاعفة المنشورات الرقمية للقراءة، بل تشير بعض الدراسات إلى أن ما يُنشر اليوم في شبكة الأنترنت أكثر مما يُقرأ، مما يتيح استنتاج أن نسبة القراءة تعرف تقلصا، ولكن إطلاق حكم التقلص يتخذ مرجعية له القراءة التقليدية الخطية التي يأتي فيها القارئ على الكتاب من أول صفحة منه إلى آخر صفحة فيه. القراءة الرقمية هي قراءة شذرية وترحالية في المقام الأول تشبه الزابينغ.
الموارد الجديدة للاقتصاد الوطني يمكن إحداثها بالتأكيد، لكن ليس بالكتب والنصوص الرقمية وحدها، وإنما عبر القنوات الأولى الموصلة للقراءة وهي المؤسسات التعليمية. إحداث مؤسسات تعليمية افتراضية يُوفر على خزينة الدولة قسما هاما من الإنفاقات المالية الهائلة التي تُصرف في بناء البنايات وشراء التجهيزات مع ما تقتضيه من صيانة وإصلاح.

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الجمعة 28-09-2012 07:02 مساء

الاخبار العاجلة