لغة العلاج والنسيان: 06 – أمنية النبي

1٬275 views مشاهدة
لغة العلاج والنسيان: 06 – أمنية النبي

ما من إنسان إلا ويرفض آخر مَّا. وهذا الآخر غالباً ما لا يكون سوى القِسْمةِ الحميمية منهُ هو نفسه التي لا يقوى على احتمالها. لكنَّ هذا النبذ، هذه الصلة الخاصة التي يقتضيها مع القسمة المرفوضة، هو الوسيلة الوحيدة التي يجدها الإنسان الرَّافِض للحفاظ على شيء ما منه. شيء في أعماق نفسـه.

لكل ثقافة آخَرهَا. وَهذا الآخر يُقْذَفُ به في الفضاء، يُحْصَرُ داخل حدود، وَيُحَدَّدُ بإسم. إنه حميمي وناءٍ في آن واحد. وآخَرُ عالمِنَا الغربي المتوسطي هو العالمُ العربي. في نسخته الحديثة هو الجزائر نموذجيا. وفي نسخته الأصلية هو الإسلامُ نقيضُ المسيحية. علما بأن تاريخ الديانتين، قبل الحروب الصليبية، متداخل في كُتُبٍ واحدةٍ وأساطير واحدة.

الآخرُ في الثقافتين معا، الإسلامية والمسيحية، هو الشيطان أوَّلاً وقبل كل شيء. فنصوصُ الإنجيلَيْنِ تقصُّ حكاية فتنة المسيح، والنصوص العربية تذكر قصة «الآيات الشيطانية»[1]. وهما قصتان لا يمكن التحقق من وقوعهما و«صحتهما»، كما لا يحتملهما أولئك الذيـن يُمَثِّلُونَ اليوم حُرَّاسَ الـمعبد.
أسْطُورَتان تحُزَّانِ في نفوس المؤمنين، لكنهما رغم كل شيء توجدان في مصادر تاريخهم، في حكايات أصولهم. أسطورتان تحكيان انبثاق الرغبة، ثم إبعادها[2]. لكن، ألا تنخرط هذه العلاقـة بالآخـر أوَّلاً في الاعتراف بالفرق بين الجنسين، وتحديدا في اعتراف الرجل بالآخر المؤنث؟
فيما وراء الضَّجَّة التي نفخت فيها وسائـل الإعلام، وخارج القلق الذي أحَسَّ به المسلمون فيما يخص التعامل الاجتماعي مع ديانتهم، تَطْرَحُ قضيةُ «الآيات الشيطانية» المشكلةَ التاليةَ: وهي مسألة طفح القضايا الكبرى – التي طُرِحَتْ منذ البدء – على واجهة حياتنا المعاصرة، وهي قضايا لا تكف عن مساءلة الأفراد والمجتمعات. وبالنظر إلى الإنفعال العميق الذي أحدثته هذه القضية، يمكن طرح السؤال التالي: أي شيء تمسُّه هذه الآيات (أو الكلمتان أو الحرفان) في أعماق حياة الماضي والحاضر، شيء من الأهمية والحيوية بحيث صادف في الحياتين معا، الماضية والحاضرة صدىً مثل هذا؟
لا يمكن للدراسة الحالية أن تتناول القصة التي نحن بصددها من الزاوية التارخية: فحقيقتها مُنْفَلِتَةٌ منَّا نهائيا، وسيظل مستحيلا إلى الأبد معرفةُ هل جرَتْ فعلا أم لا؟[3]. كما لا نودُّ إطلاقا وضعَ السِّجَالِ في المنظور الديني، وهو منظور «حقيقة» الإسلام والرِّهان الذي يحتمل أن تنطوي عليه تلك القصة. والحقيقة الوحيدة لهذه المسألة هي أنه يتم الحديث عنها، هي أن الخبر في ذاته تَتَنَاقَلُهُ المصادر العربية منذ زمن طويل. فقد نقله فقهاءٌ بالرغم من انزعاجهم منه: ومعنَى ذلك أنها تتضمَّنُ رسالةً تتطلَّبُ الإنصات إليها. رسالة يبدو جيدا أنها تهُمُّ مسألة اختلافِ الجنسين ودلالتـِـه.

ملخـص القضيــة:
خلال المرحلة الأولى من رسالة النبي محمد (وتسمى بالحقبة المكية لأن مكة شَكَّلَتْ مسرحها إلى حدود سنة 622م) تعرَّضَ الرسول لِعَدَاوَةٍ كبرى لأنه اقترَحَ عبادة إله واحد، هو الله، في مدينة تعبدُ آلهة متعددة، فتمنَّى أن تتقلَّصَ المعارضة التي كان يلقاها هو وأتباعـه.
ويُقال إنَّه قد تَلاَ علانيةً، في تلك الظروف، ما يُسَمَّى بالآيتين «الشيطانيتين»، وهما آيتان تَعْتَرفَان بإلهاتٍ ثلاثٍ. وبعد ذلك بمُدَّةٍ لا نعرف كَمْ قَدْرها، أعْلَنَ الرَّسُولُ أنَّ تلك الآيتين لا تدخلان ضِمْنَ ما أوحِيَ إليه. وبقدر ما ابتهج خصومه لاعترافهِ بآلهتهم حقدوا عليه حقدا كبيـرا بعدَ تخلِّيهِ عنها. ويَعتبرُ الفقهُ الإسلامي أنَّ تلك الآيتين ألقاهُمَا الشيطان على لسانِ النبي، وأنَّ جبريل هو الذي ساق الرسول إلى إلغائهما[4].
ولكون هاتين الآيتين قد نُسِخَتَا فهُمَا لا توجدان في النص القرآني، اللَّهُمَّ في «نقطة اشتباكهما»، وهي ذكر أسماء الإلهات الثلاث. وقد وصلتنا هذه الآيات عن طريق التقليد العربي المتمثل في نصوص المؤرخين ومفسري القرآن.

• السيــاق القرآني:
يتعلق الأمر في هذه القضية بمقطعين قرآنيين: الأولُ سورةُ النجم (19-20)، والثاني سورةُ الحج (51-52). وأولى السورتين هي مكان وجود الآيتين المنسوختين قبل أن تنزل السورة الثانية لتُبَرِّئَ الرسول ضمنيا من هذه «الفَلْتَةِ لِلِّسَانِ«. وما يو حي بذلك هو أنَّ مفسري القرآن إنما يعرضون هذه القصة في سياق شرح هذه الفقرة بالضبط. ولولا هؤلاء المفسرون لربما كان هذا الحدث قد مُحي نهائيا من التاريخ. وأقدم هؤلاء وأشهرهم هو الطبري المتوفى سنة 923م/310هـ[5].

ســورة النجـــم
حسب ما يُوردُه الطبري، لقد قرأ الرَّسولُ هذه السورة على مسامِع جمعٍ من أهل مكة يضمُّ المسلمين والكفار. ذكَّرَ الرسول أوَّلاً بصحَّة رسالتـه: فهو لم يضل، بل بالعكس «قد رأى عَلامات ربه الكُبرى»، ثم واصل:
«أَفَرَايْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى، وَمنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى،[تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى، وأَنَّ شَفَاعَتُهُنَّ تُرْتَضَى][6]. أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى، تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى، إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَـا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى، أَمْ لِلإنْسَانِ مَا تَمَنَّى» (النجم: 19 – 24).

[الترجمة الفرنسية:]
19. «Avez-vous considéré al-Lât et al-’Ozza
20. et Manât, cette troisième autre
20. bis Ce sont les Sublimes Déesses
20. ter et leur intercession est certes souhaitée
21. Avez-vous le Mâle et, Lui, la Femelle!
22. Cela, alors, serait un partage inique!
24. L’Homme a-t-il ce qu’il désire?
25. A Allah appartiennent la (Vie) Dernière et Première.
23. Ce ne sont que des noms dont vous les avez nommées, vous et vos pères; Allah ne fit descendre, avec elles, aucune probation. Vous ne suivez que votre conjoncture et ce que désirent vos âmes alors que certes, à vos pères, est venue la Direction de leur Seigneur»[7]
والآيتان الشيطانيتان في هذه الترجمة هما 20ب و20ج. وقد تم حذفهما من النص القرآني. والآية 23 التي تُكَسِّرُ الإيقاع والسَّجْع تُعتَبَرُ لاحِقَةً.

سـورة الحـــج:
في هذه السورة يجدِّدُ الرَّسُول تأكيد رسالته أمام تمادي المشركين في كفرهم، فينزل الوحي:
«وما أرسلنا من قبلك من رسول ولانبي إلاَّ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم. ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد» (الحج: 51 – 52).
ما يوحـي به هذان النـصان:
من خلال ما تُورِدُه الرِّوَايات المتعلقة بهذه الآيات يبدو أن الرَّسُولَ مُحَمَّداً قد رَاوَدَتْهُ نفسُهُ، إرضاءً لقومه أو تخفيفا عن أتباعه، أن يمنح إلهاتٍ ثلاثٍ مَحَلِّيَّاتٍ، هُنَّ اللاَّت والعُزَّى ومَنَاة، مكانة بجانب الله. بل يَرِدُ في بعض هذه الروايات أن النبي قَرَأ عَلاَنِيةً هذه الآيات التي تَعْتَرِفُ لَهُنَّ بوضع اعتبارِيٍّ إلَهِيٍّ.
بهذا المعنى فَهِمَ التَّقْلِيدُ الفقهي كلمة غرانيق التي تترجم إلى الفرنسية بآلهات، ويعني مفردها حرفيا «كـُرْكِيّاً»[8].
يرى جمهور الفقهاء أنَّ ما مَطْرُوحٌ هنا هو مسألة التوحيد أو تعدد الآلهة. لقد فهموه ضمن هذا المنظور، بدون أي شك، كما يشهـد بذلك رَدُّ فِعْلِ مفسري القرآن.
ومع ذلك، فسياق الآيات المباشر يحمِلُ على النِّزَاع. والآية التالية صِيغَتْ على هذا النحو:
«أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأنثى» (النجم: 21)
وتُرجِمتْ إلى الفرنسية كما يلي:
«Le mâle est-il pour vous, et pour lui la fille?»[9].
«Le mâle serait-il pour vous, et pour lui la fille?[10].
«Il vous reviendrait le mâle et lui la femelle?»[11].
ولهذه الآية صلة بآية أخرى هي:
«أمْ لَهُ البَنَاتُ وَلَكُمُ اٌلْبَنُــونُ» (الطـور: 39).
إذا كان النص العربي في الآية الأخيرة يستعمل مصطلحات نوعية لتسمية البنات (les filles) والبنين (les fils)، فإن التقابل في الآية الأولى يَقُومُ فِعْلاً بين المؤنث والمذكر. ومفردة ذَكَر تفيد أيضا معنى «العضو الجنسي المذكر» ومعنى «الإشارة التي تُذَكِّرُ».
أَبِنِسَاء يتعلَّق الأمرُ في هذه المسألة أم بإلهاتٍ؟ لماذا يقع التركيز في هذه الـمجادلة – التي تقابل بين إله واحدٍ وإلهاتٍ متعددات – على تَفَوُّق الذَّكَر؟ أيّ صِلةٍ توجد بين اختلافِ الجنسين وتَرَاتُبِهِمَا والوحدةِ التي مَدَارُ التَّوحِيدِ فيها تأكيدُ أن الواحد هو الواحد؟
لقد طرَحَتْ نيكول لورو هذا السؤال في دراستها التي تحمل عنوان «ما هي الإلهة؟»، والتي تتساءل فيها عن الدلالة التي تحملها الآلهة الذكور والإناث في الميثولوجيا الإغريقية، فاستنتجتْ أنَّ الإلَهَة في هذه الأساطيـر ليستْ امرأة، وإنما هي إلهٌ مؤنَّثٌ. لكن هناك أيضا، مُقابلَ الألوهيةِ الفرديةِ الألُوهيةُ «المتعدِّدَةُ» أمثال المويراي[12] والإرينيات[13] التي تُعَدُّ واحِدَةً ومُتَعَدِّدَةً: ورقم ثلاثة – فيما وراء الوحدانية والمثنوية – هو مبدأ التَّعَدُّد. وفيما وراء هذه التعابير ترتسم صورة الأمومة: الإلهة الأم الكبرى التي تعلو سائـر الآلهة وتُرْجِعُ إلى الأصل. وتضيف نيكُول لورو: «أما أنا، فأقـول إن الإلهة الأم العظيمة هي استيهـامٌ[14]. استيهامٌ قويٌ جدا، له قدرة مدهشة على المقاومة[15]، وبخصوص هـذه الصُّورَة «الوحيدة والأمومية»، تحيل المؤلفة على نص لفرويد يتناول نظامـا أموميـا بدائيا:
«وفي مرحلة من هذا التطور، يصعب تحديدها، ظهرت الآلهة المذكرة، والتي استمرت قائمة إلى جانب هذه الأخيرة حقبة مديدة من الزمن. وفي أثناء ذلك، حدث انقلابٌ اجتماعي هائل: فقد دبَّت الحياة من جديد في نظام الأبوة، وأطيح بنظام الأمومة. والحق أن الآباء الجدد ما كانوا أقوياء بمثل قوة الأب البدائي. فقد كان تعدادهم كبيرا، وكانوا يعيشون في جماعات أوسع وأكبر من العشيرة البدائية. وكان لزاما عليهم أن يتفاهموا فيما بينهم وأن يضعوا الأسس لبعض القواعد الاجتماعية التقييدية. ومن المحتمل أن تكون الآلهة الأمومية قد ظهرت يوم وضع حد لنظام الأمومة، وذلك تعويضا على الأمهات المخلوعات. وقد صُورت الآلهة المذكرة في البداية في صورة أبناء بجانب أمهاتهم القويات، ولم تتلبس هذه الآلهة الوجه الأبوي إلا في زمن لاحق. والحق أن الآلهة المذكرة تعكس شروط المرحلة الأبوية: فقد كانت كثيرة التعداد، ملزمة بتقاسم السلطة فيما بينها، بل منصاعة في بعض الأحيان لإله أعظم قوة منها. وبذلك لا تعود بيننا وبين الموضوع الذي يشغلنا هنا سوى خطوة تالية واحدة: العودة إلى إلهٍ ربٍّ أبٍ، واحدٍ، أوحـد، كلي القدرة.»[16].
أن يَكُـونَ المـرءُ اثْنَيْـنِ
في الآية الثانية، يُقَالُ بصدد الإلهات: «وإنَّ شفاعتهن تُرْتَضَى» (الآية 20 في ترجمة بلاشير). وقد تُرجمتْ كلمة شفاعة العربية إلى الفرنسية بـلفظة «intercession» التي تدل فيها على المعنى نفسه.
غير أن المعجم العربي لسان العرب لابن منظور[17] يقدم لهذا الجذر (شفع) سِلْسِلَةً من المعاني التكميلية[18]. وأول هذه المعاني هو «الزوج» خِلاَفُ «الوتر». وتتضمَّنُ سورة الفجر (الآية: 3) دعاءً بـ«الشفع والوتر». ويرى بعض المفسرين أن «الوتر هو الله والشفع خلقه»، أو «الوتر آدم وشُفِعَ له بزوجته»، و«ناقة شافع: في بطنها ولد يشفعها».
ورغم أن كلمة «شفاعة» تتردد في القرآن بمعنى «الدُّعَاء أو التشفُّع»، فإنَّ معناها مع ذلك يُرْجِعُ إلى فكرة الزوج، أي إلى فكرة الذكر والأنثى، وبكيفية أدق إلى فكرة الأم وولدها. ويمكن أن نرى فيه الوُصُولَ إلى الأوحَد من قِبَلِ من هو أقرب إليه لدرجة تشكيل «اثنين» معه. الشفاعة تثيرُ معنى الإزوَاجَ أو القَرْنَ: أنْ «تشفَعَ» الإلهاتُ اللهَ (الذي يُعْتَبَرْنَ بمثابة بناته)، أو أن «يَشْفَعَ» البَشَرُ الإلَهَاتِ (اللواتي تُعتَبَرْنَ بمثابة أُمَّهَاتٍ لَهُمْ)، بما أن هذا »الإزواجَ» يُوجَدُ في أسَاسِ الشفاعة. وبذلك قد تكون الرِّسَالة أيضا هي: «وشَفَاعَتُكُمْ وإياهُـنَّ تُرْتَضَى».

تحـاشـي النسيـــان
تَتَضَمَّنُ إحدى روايات الآيتين «الشيطانيتين» التي يسوقها الطبري آيةً ثالثةً هي: «مَثَلُهُنَّ لا يُنْسَى» والتي يمكن ترجمتها بـ:
«Que leur geste ne soit pas oubliée»
أو:
«Que leur exemple ne soit pas oublié»
أو:
«Leur exemple n’est pas oublié» [19].
وهذه الإشارة إلى النسيان تثيرُ أيضا مَسْألةَ المؤنث. لنَتَذَكَّر أنَّ المذكَّرَ، في التقابل مذكر – مؤنث، يُوحِي بالذَّاكِرَة (من خلال الجذر ذكر). لكن جذر كلمة «نسيان» في المعاجم يُحيلُ إلى معاني التَّأخر، والمرأة، والنسيان. يحيل إلى تأخر حيض المرأة، ثم – يُحِيلُ بالتوسُّع – إلى الحيض نفسه.
يُوجَدُ في اللغة العربية جذر هو نَسَأَ له معنى عام هو «تَأخَّرَ، اختلف»، و«نَسَأَتِ المرأةُ: تأخَّرَ حيضُهَا، فظنَّت أنَّها حَامل[20]. وقريبا من هذا المعنى هناك جذر آخر، هو نسي، له معنى عام هو النسيان. ومن الأشياء التي تُنسى عن عَمْدٍ: «خِرْقَةُ الحيضِ الَّتِي تُرْمَى». وإلى هذا الجذر تنتمي كلمتا نِسْوَة ونِسَاء اللتان تعنيان جمع امرأة، والمرأةُ هِي مؤنث رجـل.[21]
بحسب لسان العرب، يفيد الجذر نَسَأ معنى تأخَّر حَيْضُ المرأة، فيقال إنَّهَا نُسِئَتْ «إذا كانت عند أول حَبَلِهَا، وذلك حين يتأخر حَيْضُهَا عن وقته، فيُرْجَى أنها حبلى»[22]. أما الجذر نَسَا[23]، فيفيد أوَّلاً معنى نِسْوَة، جمع امرأة، ثم يُشِيرُ إلى طُنُبِ النَّسَاء، وهو «عِرْقٌ يخرج من الوَرَك فيستبطن الفخذين ثم يمر بالعرقوب حتى يبلغ الحافر». كما يفيد معنى النسيان، وهو مفهوم هامٌّ في علاقة الله والمؤمن، بما أن الرسول هو من يُذَكِّر (فذَكِّرْ (الآية)، سورة الأعلى: 19)، والإنسان هو من يَنْسَى. وأخيرا هناك هذه الأشياء الحقيرة التي تُغْفَلُ وينساها الرُّحَّلُ وقت الرحيل، ومنها خرقة الحيض التي يقال لها النِّسْيُ.
هكذا يقتَرنُ النِّسْيَانُ بالتأخُّر أو التأجيل، والمرأة بتأخُّر الحيض. والنَّسْيُ هو هذا الحيض الذي لا يأتي، لكنه بغيابه يُرَجِّي حياةً جديدة. والنِّسْيَانُ، بالقياس إلى الله، يَتعلَّقُ بشيء تمَّ التخلي عنه )بأمر منه(، لكن دون مَحْوِهِ: أتلك حالة الآيات المنسوخة؟ تقولُ آيةٌ قُرْآنِيَّةٌ: «ما ننسخ من آية أو نُنْسِهَا (الآية)، البقرة: 106»، ترجمها بلاشير بـ: «Dès que nous abrogeons une ayât (verset) ou la faisons oublier…»[24]. وبحسب صاحب اللسـان[25]، فإن القُرَّاءَ كانوا يؤولون النسيان هنا على وجهين: أحدهما على التَّرْك، أي الإبقاء على تلك الآيات وعدم نسخها، والوجه الآخر هو نسيانها، أي نسخها.
النسيانُ – بمعنى تركُ شيء ما – يقترِنُ بالمرأة، أي بالمؤنث، بينما يقترنُ الذَّكَر – بمعنى الذاكرَة والذِكْر والتذكيُر – بالرَّجُل، أي بالمذكر. فالجذر ذَكَر يثير معاني الذاكرة، الذِّكْر، المذكَّر، الذَّكَر. وبمثابة صدًى بعيدٍ لهذا التقابل، نجدُ تلك الظاهرة المتمثلة في كَوْنِ الرِّجَال «يُذكَرُون» في أشجار الأنساب، بينما لا تُذكَرُ فيها النِّسَاء[26]…

معنـى التمنـي
تتضمن الفقرة الثانية من القرآن )التي تحدثنا عنها، وهي سورة الحج( الآية التالية: «وما أرسلنا من قبلك من رسول ولانبي إٍلاَّ إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم» )الحج: 51(. ويترجمها بلاشير على النحو التالي:
«Avant toi, Nous n’avons envoyé nul Apôtre et nul prophète sans que le Démon ne jetât [l’impureté (?)] dans leur souhait, quand ils [le] formulaient. Allah abrogera donc ce que le Démon jette [d’impur (?) en ton message], puis Allah confirmera Ses aya. Allah est omniscient et sage».[27]
يرى أغلب مفسري القرآن أن نزول هذه الآيات يرتبط بقصة «الآيات الشيطانية»، وبالتالي فهم يَرْوُونَ تفاصيلَها في سياق تفسير هذه الآيات. يقول النص العربي متحدثا عن سائر الأنبياء الذين سبقوا محمدا: «إذا تمنَّى ألقَى الشَّيْطَانُ في أمنيته»، وهو ما يعني حرفيا كُلَّمَا تمنَّى ألقَى الشيطانُ في هذه الأمنية، أو بتعبير آخر: كُلَّمَا تمنَّى نبيٌّ مَّا تدَخَّلَ الشَّيْطَانُ في هَذِهِ الرَّغبة. وتُوَاصِلُ الآية قائلة إن الله ينسخ هذا الصنيع الشيطاني.
وفي الرواية التي يسوقها الطبري في تفسيره[28] ورد ما يلي:
«لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توَلَّي قومه عنه، وشق عليه ما يرى من مباعدتهم ما جاءهم به من عند الله، تمنى في نفسه أن يأتيه من الله ما يقارب به بينه وبين قومه، كان يسره، مع حبه وحرصه عليهم، أن يلين له بعض ما غلظ عليه من أمرهم، حين حدث بذلك نفسه، وتمنى وأحبه، فأنزل الله (والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى) [النجم: 1 – 2]، فلما انتهى قول الله (أفرأيتم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى) [النجم: 19 – 20] ألقى الشيطان على لسانه، لما كان يحدث به نفسه، ويتمنى أن يأتي به قومه: (تِلْكَ الْغَرَانِيقُ الْعُلَى، وَإِنَّ شَفاعَتُهُنَّ تُرْتَضَى)، فلما سمعت قريش ذلك وَسَرَّهُمْ، وأعجبهم ما ذكر به آلهتهم، فأصاخوا له، والمؤمنون مصدقون نبيهم فيما جاءهم به عن ربه، ولا يتهمونه على خطأ ولا وَهَم ولا زللٍ…»[29].
وبذلك فأمنية النبي، في حالة محمد كما في حالة من سبقه من الرُّسُل، هِيَ التي تُعَرِّضُه للشيطان. حقا، إن التدخل الإلهي ينسخ أثر هذا التَّسَلُّل الشيطاني. غير أن مفسري القرآن كانوا يحسُّونَ بما يمكن لهذا التدخُّل أن يجُرَّهُ عَلَى مِصْدَاقِيَةِ الرسول وعِصْمَتِهِ. ومن ثمة، فقد تَمَحْوَرَ التأملُ حول الدلالة التي يتعيُن مَنْحها لفعل «تمنى». وفي نهاية تفسير الطبري لهذه الآيات ذكر هذه المسألة التي طرحها المفسرون. يرى بعضهم أن الأمر يتعلق بتمنِّي الرَّسُول التأليف بين المؤمنين والكفار من خلال ذِكْرِ آلهتهم. لكن الكثيريـن يرَوْنَ أنَّ «تمنَّى» تعني هنا «قرَأَ» أو «تَلاَ» أو «حَدَّثَ». وبحسب هذه المعاني فقد يكون الأمر متعلقا بما يُحتَمَل أن يكون الرسولُ حدَّثَ به نفسَه في موضوع تمنِّي ذلك الإيلاف. ومن ثمة، فالشيطان لم يتدخل في أمنية النبي، وإنما في قراءته للآيتين المنزَّلَتَيْن عليه. وقد تبنَّى التقليد الفقهي هذا التأويل الذي ينزِّهُ الرَّسُولَ من دَاخِلاَنِيةِ الرغبة. كما كرَّسَ معجم لسان العرب[30] هذا المعنى. فبعد أن ذكر أن معنى «تمنَّى الشَّيءَ أراَدَهُ»، ساق عبارة «تمنى الكتاب» بمعنى «تلاه وقرأه» لأن «تالي القرآن إذا مرَّ بآيةِ رحمةٍ تمناها، وإذا مر بآية عذاب تمنَّى أن يُوَقَّاه».
وتتقوى الأهمية التي يتعين منحها لكلمة تَمَنَّى في هذا السياق بالنظر إلى حضور الآية «أم للإنسان ما تمنَّى» (النجم: 24) بُعَيْد ما يُسَمَّـى بالآيتين الشيطانيتين.
ولسان العرب نفسه[31] يوضح هذا الجذر بَالِغ الغنى الذي ينحدر منه فعل «تمنى». يتعلق الأمر بالجذر «مَنِيَ». ومعناه الأول هو «القَدَر»، ينضاف إليه معنى الموت (المنية)، لأن هذا الموت «قُدِّرَ علينا». وبالإضافة إلى معنى ماء الرجل (المني)، يقتضي هذا المصدر معنى الرغبة «أمنية». قد تَمَّتِ الإشارةُ إلى معنى «التِّلاوة»، لكنَّ كلمة «تمني» نفسها يمكن أن تعني الكذب: «تمنى: كذب ووضع حديثا لا أصل له. وتمنى الحديث: اخترعه»[32]. ومن هذا الجذر أيضا ينحدر اسم الإلهة الثالثة، وهي مناة.

ثلاث إلهـات: معاني أسمـاء
ما معنى أسماء الإلهات الثلاث المذكورة في القرآن؟[33]

الـــلاَّت
هذا الإسم مؤنث كلمة «الله»، وهو يعني إلهة. إلهة قديمةٌ عند العربِ تقترن بالشمس (خلافا للغة الفرنسية، تؤنِّثُ اللغةُ العربيةُ الشَّمسَ وتُذَكِّرُ القَمَرَ). وورد في أحد النقوش النَّبَطية أنها كانت تُسَمَّى «أم الآلهة». وقد وُضِع لها صنمٌ من حَجَرٍ مُرَبَّعٍ بُنِيَ حوله بيتٌ، وكان يُعبد. كانت معروفة عند قريش وعند جميع العرب.
وبحسب لسان العرب[34]، فالجذر لاتَ يفيد معنى «أضاء وبدا وتلألأ». واسم الله وإن كان يرتبط به في بعض الجوانب، فهو ينحدر أساسا من الجذر ألَّهَ[35] الذي يعني الإله ومشتقاته (إلهة، آلهة…).

العُــــزَّى
كانت تُعبدُ في ثلاث شجرات في وادي نخلة (الطريق الرابطة بين الطائف ومكة). وكانوا وَضَعُوا لها صَنَماً وبَنَوْا عليها بيتا وأقاموا عليها سَدَنَةً.
بحسب اللسـان[36] يفيد الجذرُ عَزَّى بالخصوص معنى القـوة والشدة والغلبة. والعزيز من صفاتِ الله أو أسمائه الحسنى، «القوي الغالب كل شيء». وكلمة العُـزَّى تأنيث الأعز. ويضيف معجم كازميرسكي[37] إليها معنى «الخليلة والمحبوبة».

منـــــــاة
يرى الكلبي[38] أنها أقدم الأصنام. يوجد معبدها على شاطئ البحر بين مكة والمدينة. وقد وضعوا لها حجرا أسود.
ينحدر اسمها من الجذر مَنِيَ – كما ذكرنا سابقا – إشارة إلى فكرة «القَدَر» أو الموت (المنية). ويرى بعض المؤلفين في التعبير الغامض «الثالثة الأخرى» (النجم: 20) الذي خصَّهَا به القرآن مُجَرَّدَ استجابة لضرورة الوزن… وتبقى المسألة مفتوحة للنقاش.

• أهي تعابيـرٌ ثلاثـةٌ عـن المـرأة؟
إزاء ذِكْرِ ثلاث إلهاتٍ، بل وإزاء هذا الإلحاح على رقم ثلاثة من خلال عبارة «ومناة الثالثة الأخرى»، لا يمكننا إلا أن نتذكر هذا الثالوث الميثولوجي، أمثال الإرينيات[39] اللواتي ترى نيكول لورو فيهنَّ تعبيرا عن المؤنث بصيغة الجمع، تعبيرا ينحو إلى نزع صفة الفردية عنهن وإحالة الجمع إلى أنثوية أصلية. لقد سجَّل فرويد أثناء شرحه لتيمة العُلَبِ الثلاث[40] أن ثالث الأخـوات هـي إلهـةُ المـوتِ، أي المنية نفسها، لكنَّهَا في اختيار باريس [إله الحرب] إلهةُ الحُبِّ…»[41]. إنه إقلابٌ مُسَجَّـلٌ في الميثولوجيا: «يبدو أن الإلهاتِ العظيماتِ أمهاتِ الشعوبِ الشرقيةِ كُنَّ جميعا حافظاتٍ أيضا وقاتلاتٍ، كُنَّ إلهاتٍ للحياة والولادة وإلهاتٍ للموت»[42].
ويقتـرح فرويد التأويل التالي:
«يمكن القول إن ما يُرَادُ تمثيله هو العلاقات الثلاث الحتمية التي يرتبط عبرَهَا الرَّجُلُ بالمرأة: ها هي [المرأة] المُنجِبة، والرفيقة، والقاتلة. أو ما يُرَادُ تمثيله هو الأشكالُ الثلاثة التي تعرض [المرأة] بها نفسَها خلال الحياة، هو صورةُ الأم نفسهَا: الأم نفسها، والمحبوبة التي يختارها الرجل على صورة أمه، وأخيرا الأرض الأم التي تستعيده»[43].
أيمكن أن نَرَى في الإلهات الثلاث المذكورة في القرآن نوعا من الصَّدَى لهذه المُعَاوَدَةِ أو التكرار الأسطوري؟ من الأكيد أن اسم الإلهة الثالثة، وهو مناة، يثيرُ في آن واحدٍ الموت، القدر، والأمنية أو الرغبة. إن علاقة الإسمين الأوليين بالموت أقلّ وضوحا، لكنها واردة وممكنة التصور. وَإذا أمكنَ الدِّفَاع عن هذه الأطروحة سَارَتْ في اتجاه تأويلنا للآيات الشيطانية، وهو أن المسألة فيها هي أساسا قضية المرأة، وأكثر تحديدا مسألةُ الأم.

خلاصـــة
تثير القضيةُ التي انتهينا من شرحها – أوَّلا وقبل كل شيء – الإرادةَ الأكيدةَ في الحفاظ على أثرٍ مَّا: الحفاظ عليه، في آنٍ واحدٍ، في القرآن من خلال ذكر الإلهاتِ الثلاث والمقاطِعِ التي تُلَمِّحُ إليهن وفي التقليدِ المكتوب من خلال كتابات العلماء والمختصين المتمثلة في تفاسير القرآن. لقد كتب مؤلِّفٌ من القرن XIVم، هو ابن كثير، في سيرته النبوية أن الأمر يتعلق بقصة يعسُرُ ذكرها. ومع ذلك فهو لم يتورع عن إيراد روايتها الكاملة في تفسيره للقرآن: وهي بدون شك مُوَجَّهَةٌ لجمهور آخر من القراء. وكذلك ظل الأمر إلى حدود المصلح الشيخ محمد عبده الشهير الذي وَاصَلَ نقلَها في القرن XIXم مع إبداءِ كُل التحفظات النَّقْدِية الضرورية. والنتيجة أن ذلك كله لم يمنع من نقلِ رِسالةٍ مَّا سواء أكان في الأمرِ حَرَجٌ أم لا.
وهذه الرِّسَالةُ نُقِلَتْ داخل اللغة: ليس في دلالة الكلمات الظاهرة والشائعة، وإنما في معناها العميق، وغالبا في حرفيتها كما يحدث في الرسالة المسروقة، أي أن ما يَجِبُ إخفاؤه يَتِمُّ إِظْهَارُهُ ليظلَّ محجوبا أكثر. يُلِحُّ فرويد في معرض حديثه عن العُصَاب – الذي يرى أنه لا يفعل سوى تضخيمِ وضعية معتادة – على أهميةِ هذا المعنى الأصلي: «عندما يتَّبِعُ العصابُ الاستعمالَ اللغوي، فإنه ثمة أين يأخذُ الكلماتِ في معناها الأصلي المحمَّل بكلِّ دلالته. وحيثما يبدو العُصَابُ يَعْرِضُ كلمة مصورة، فإنه لا يعيد إنتاج شيء آخر عدا الدلالة القديمة لهذه الكلمة»[44] أليس ما يُنقَلُ بالضبط هو الوضع الاعتباري الحقيقي للنقل، وبدون علم الذين ينقلونه؟
ومن الواضح أن رسالة كهذه لا يمكن أن تُفْهَمَ إلا خارج فلَك اللاهوت والإيمان. رسالة تضع في الواجهةِ الإلهةَ-المرأةَ باعتبارها منسية (لكن لا يتعين نسيانها)، والرَّغبةَ التي يجب التخلي عنها (لكنها تظل حاضرة في المرأة والموت)، وآخرَ هو الشيطان الذي يرتسم جانبيا وراء الرغبة (ووراء المرأة، كما سيقول المفسرون على الفور). سمة موضوعة في آن واحد في الرغبة وفي موضوعها. سلسلة فريدة تتأصَّلُ في رغبة عنيفة، وتتَّجِهُ نحو الإله الآخر (وهو إلهة)، نحو المرأة، نحو الشيطان: حقائق تظل حية في رسُوخ بِنْيَةِ كلمَات اللغة، لكن يَفْرِضُ عليها القانونُ وضعا اعتباريا هو وضع غير المذكورات، وضع الأنثويات، المنسيات، المؤجلات إلى مكان آخر. أليس من العجيب أن يفكر نبيٌّ أو ينويَ – ولو لوقت قصير – أن يجعل من هذا الأمر ذاكرة؟

المصـادر والمراجــع
أ – العــربيــة:
الحــوت، محمـود سليــم، الميثولوجيا عند العرب، بيروت، 1955.
القرآن الكريـم
الطبـري، أبــو جـريـر، تاريخ الرسل والملوك، (15 ج)، ليـدن، 1879 – 1901.
الطبـري، أبو جـرير، جامـع البيـان في تفسير القـرآن، طبعة بـولاق، 1328هـ. (بالنسبة للترجمة تم اعتماد الطبعة الأولى لدار الكتب العلمية ببيروت الصادرة سنة 1992 في 12 مجلدا).
الدكتور ماصون، محاولة في تفسير القرآن، مراجعة الدكتور صبحي الصالح، طبعة مزدوجة، (د. ت).
ابـن منظور، جمال الدين محمد بن مكرم، لســان العرب، طبعة بولاق، (20ج)، 1299 – 1308هـ.
ابن منظـور، جمال الدين محمد بن مكرم، لســان العـرب، القاهـرة، دار المعارف، د.ت. (بالنسبة للترجمة تم اعتماد طبعة دار الفكر/دار صادر ببيروت الصادرة بدون تاريخ في 15 مجلدا)

ب – الأعجميـة:
First Encyclopaedia of Islam 1913 – 1936, Leiden, E. Brill, 1987 (9 vol.)
Freud, Sigmund, «Le thème des trois coffrets», in Essais de psychanalyse appliquée, Idées, Gallimard, 1933.
Le CORAN, traduit par Régis Blachere, Paris, G.P. Maisonneuve, 1957.
Le CORAN, Traduit et présenté par André Chouaqui, Paris, Robert Laffont, 1990.
Le CORAN, Essai de traduction de l’arabe annoté et suivi d’une étude exégétique par Jacques Berque, Paris, Sindbad, 1990.
Freud, Sigmund, «Caractère et érotisme anal», in Névrose psychose et perversion, Paris, PUF, 1973.
Freud, Sigmund, L’homme Moïse et la religion monothéiste, Paris, Gallimard, 1986.
Gaudefroy-Demombynes, Mahomet, Paris, Albin Michel, 1957, 1989.
Gilliot, Claude, Exégèse, langue et théologie en Islam. L’exégèse coranique de Tabari, Paris, Vrin, 1990.
Kazimirski, Dictionnaire arabe-français, Paris, G.P. Maisonneuve, 2 tomes, 1960.
Loraux, Nicole, «Qu’est-ce qu’une déesse?», in Histoire des femmes, dir Georges Duby et Michelle Perrot, t1, L’Antiquité, Paris, Plon, 1991.
D. Masson, (traduction par), Essai d’interprétation du Coran. Inimitable, traduction revue par Dr. Sobhi El-Saleh, Paris, Gallimard, Bibliothèque de la Pléiade, 1967.
Tabari, Mohammed, Sceau des prophètes, Paris, Sindbad, 1980.
Watt, Montgomery, Mahomet, Paris, Payot, 1958, 1989

هوامش

[1] – لقد انطبع الرأي العام، خلال السنوات الأخيرة، حول هذا الموضوع بحدثين: الأول صدور شريط «فتنة المسيح» سنة 1987، والثاني صدور رواية سلمان رشدي «الآيات الشيطانية» سنة 1988.

[2] – كثيرا ما يتطرق فرويد إلى تيمة الشيطان من زاوية كونه آخرَ للذات: «ليس الشيطان بشيء آخر عدا شخصنة الحياة الغريزية اللاشعورية المكبوتة». انظر: «Caractère et érotisme anal», p. 147.. (في السياق نفسه، يمكن أن نقرأ لفرويد أيضا: «ليست الشياطين في رأينا بشيء آخر سوى رغبات شريرة مستهجنة تنبع من دوافع مكبوحة، مكبوتة». انظر: S. Freud, Essais de psychanalyse appliquée, Paris, Gallimard, Idées, 1933, p. 212، أو سيغموند فرويد، إبليس في التحليل النفسي، ترجمة جورج طرابيشي، بيروت، دار الطليعة، الطبعة الأولى 1980، ص. 6. [م]).

[3] – يميز فرويد في كتابه موسى والتوحيد L’homme Moïse et le monothéisme, p. 233 sq, بين نوعين من الحقيقة: مادية وتاريخية، ويرى أن هذه الأخيرة يصيبها بعض التحريف عندما تعاود ظهورها. (بخصوص موقع هذه الفكرة في الترجمة العربية للكتاب المذكور، راجع: سيغموند فرويد، موسـى والتوحيـد، ترجمة جورج طرابيشي، بيروت، دار الطليعة، الطبعة الرابعة، 1986، ص. 179. [م]).

[4] – لقد وقف أغلب مؤلفي السيرة النبوية عند قضية «الآيات الشيطانية». نذكر منهم بالخصوص: مونتغمري واط W. Montgomery Watt، في كتابه: Mahomet, p. 131-142 وموريس غودفوري-دممبين Gaudefroy-Demombynes في مؤلفه Mahomet, p. 84 – 90. كما تَوَقَّفَتْ عند هذه القضية المصادر العربية القديمة، منها بالخصوص كتب تفسير القرآن.

[5] – يعتبر المؤرخ الطبري أحد المصادر الأساسية لبدايات التاريخ الإسلامي نظرا لـغزارة مؤلفاتهه، وأمانته في سوق مجموع الأخبار التي سبقته والتي غالبا ما ينفرد بمعرفتها. أهم مؤلفاته تاريخ الرسل والملوك (15ج)، ليدن (1879-1901)، وتفسير يحمل عنوان جامع البيان في تفسير القرآن. وقد تُرجِمَ تاريخه جزئيا إلى الفرنسية. والقسم المتعلق بالرسول في هذا التاريخ نُشِرَ في كتاب مستقل تحت عنوان Mohamed sceau des prophètes، وفيه يرد ذكر المرحلة التي تهمنا، ص. 21(. كما شكل الطبري موضوعا لدراسة عميقة قام بها كلود جيليو تحت عنوان: Exégèse, Langue et théologie en Islam. L’exégèse de Tabari.

[6] – ملحوظة: كما سيذكر المؤلف في الهامش الموالي، فإن هاتين الآيتين لا توجدان في سائر نسخ القرآن الكريم المتداولة. وقد سُقناهما عن الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار الكتب العلمية، المجلد 9، شرح سورة الحج، ص. 175 لا لشيء آخر عدا توضيح مضمون الترجمة الفرنسية لبلاشير التي يسوقها المؤلف. (م).

[7] – Le Coran, traduit par Régis Blachere, p. 561.

وبين سائر الترجمات الفرنسية تظل هذه الترجمةُ الترجمةَ الوحيدةَ التي تسوق نص الآيات المنسوخة في المكان الذي كانت توجد فيه. ولنذكر بأن الطبعات العربية لا تذكر أبدا هاتين الآيتين الشيطانيتين؛ وصياغتهما باللغة العربية توردها لنا مصنفات شراح القرآن والمؤرخين.

[8] – الكُرْكِيُّ ج كَرَاكِيَ: طائر كبير من فصيلة الكُركيات ورتبة طِوال الساق، أغبر اللون، طويل العنق والرجلين، أبتر الذنب، قليل اللحم، يأوي إلى الماء أحيانا. (م).

[9] – Masson, Essais d’interprétation du Coran, Inimitable. Traduction par D. Masson, p. 702.

[10] – Chouraqui, Le Coran. L’Appel. Traduit et présenté par André Chouraqui, p. 1106.

[11] – Berque, Le Coran. Essai de traduction de l’arabe annoté et suivi d’une étude exégétique par Jacques Berque, p. 575.

[12] – المويراي (les Moires): إلهات نشأن، بحسب اعتقاد قدماء الإغريق والرومان، منذ بدء الخليقة، من الليل أو من جِمَاعٍ زوس بزوجته الثانية ثيمس Thémis، إلهة العدل. وهنَّ ربات للأقدار والحظوظ اللائي ينظمن شؤون الحياة تنظيما لا مرد لحكمهن فيه، ويتصرفن على حد قول البعض في حظوظ الآلهة والآدميين على السواء، وتودُّداً إليهن كان الرومان يسموهن مبعدات الشر Les Parques. عن: وِلْ ديورانت، قصـة الحضـارة، ترجمة د. زكي نجيب محمـود، بيروت – تونس، دار الجيل – المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، 1988، ج 6 [حياة اليونان]، ص.337، كما يمكن الرجوع، فضلا عن معجم الميثولوجيا الإغريقية الشهير الصادر بالفرنسية عن المنشورات الجامعية الفرنسية (PUF)، إلى: – Georges Hacquard, Guide de la mythologie de la Grèce et de Rome, Paris, Hachette, 1990, p. 217 . (م).

[13] – الإرينيات (les Erinyes): إلهات نشأن – في اعتقاد قدماء الإغريق – من دم كرونوس الساقط على الأرض بعد أن بَتَر ابنُه أورانوس أحد أعضائه (…) لا يعرف عددهن بالضبط، لكن ثلاثا منهن تواتر ذكرهن، وهن: Alecto، وMégère، وTisiphone. هنَّ، في اعتقاد الإغريق، إلهات الغضب الرهيبة اللواتي لا يتركن ظلما إلا انتقمن له. كما كانوا يطلقون عليهن إسم اليومنيدات (Eumenides)، أي الحافظات أو مريدات الخير، توددا إليهن ودرءا لشرهن. عن: وِلْ ديورانت، قصة الحضارة، مرجـع سابق، الصفحة نفسهـا. كما يمكن العودة إلى جورج هاكار، دليل الميثولوجيا…، مـرجـع سابق، ص. 127-128. (م). للإشارة فقط، فإن مترجم كتاب Les structures anthropologiques de l’imaginaire، يترجم الكلمة التي نحن بصددها بـ «جنيات العذاب». راجع جلبير دوران، الأنثروبولوجيا، رموزها، أساطيرها، أنساقها، ترجمة: د. مصباح الصمد، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر والتوزيع، 1993، ط. 2، ص.91. (م).

[14] – نسبة إلى الاستيهام (Fantasme): هو سيناريو متخيل تكون الذات حاضرة فيه. وهو يصور بكيفية تتفاوت درجة تحويرها بفعل العمليات الدفاعية، وتحقيق رغبة ما تكون لاواعية في نهاية المطاف. ويتجلى الاستيهام بمظاهر مختلفة: فقد يكون استيهامات واعية، أو أحلام يقظة، كما قد يكون استيهامات لا واعية يكشف عنها التحليل باعتبارها بنيات كامنة خلف محتوى ظاهر، أو استيهامات أصلية. عن: J. Laplanche et J.-B. Pontalis, Vocabulaire de la psychanalyse, Paris, PUF., 1967, p. 152، وبالنسبة للترجمة العربية، انظر: جان لابلانش وج. ب. بونتاليس، معجم مصطلحات التحليل النفسي، ترجمة د. مصطفى حجازي، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والتوزيع والنشر، 1987، ط. 2، ص. 573. للإشارة فإن د. مصطفى حجازي، يترجم المصطلح الذي نحن بصدده بكلمة «هوام». (م).

[15] – Nicole Loraux, «Qu’est-ce qu’une déesse?», p. 54.

[16] – S. Freud, L’Homme Moïse et la religion monothéiste, p.174.

وبالنسبة للترجمة العربية لهذا النص يمكن الرجوع إلى: سيغموند فرويد، موسى والتوحيد، ترجمة جورج طرابيشي، بيروت، دار الطليعة، الطبعة الرابعة 1986، ص. 116-117. وفضَّلنا الاكتفاء بنقل ترجمته لهذا المقطع. (م).

[17] – ابن منظور، لسان العرب، طبعة بولاق، 1299-1308 هـ )في 20 جزءا(. والإحالات التي نسوقها أخذناها من الطبعة الحديثة لدار المعارف )القاهرة(، في 9 أجزاء )د.ت (. (ملحوظة: فيما يخص هذه الترجمة فقد تم الاعتماد على طبعة دار الفكر/دارصادر، الصادرة ببيروت في 15 مج، بدون تاريخ. ]م[).

[18] – لســان العرب، ج. 8، ص. 183-185.

[19] – الطبري، جامع البيان في تفسير القرآن، ج. 9، ص. 176 ويمكن إجراء قراءة أخرى في النص العربي، وهي: «مِثْلَهُنَّ لاَ يُنْسَى» تعني حرفيا «شبهن لا يُنْسَى» أو «نظيرهن لا يجب أن يُنسَى».

[20] – Kazimirski, Dictionnaire arabe-français, t. II, p. 1244.

[21] – Ibid., p. 1244.

[22] – اللســــان، ج. 1، ص. 168.

[23] – نفســه، ج. 15، ص. 321.

[24] – Le Coran, traduit par Régis Blachere, p. 43.

[25] – اللســان، ج. 15، ص. 322-323.

[26] – لمزيد من التوضيحات حول هذه النقطة، راجع جلبير غرانغيوم، اللغة والسلطة والمجتمع في المغرب العربي، ترجمة محمد أسليـم، مكنـاس، الفارابي للنشر، الطبعة الأولى 1995، صص. 112-116. (م).

[27] – Le Coran, traduit par Régis Blachere, p. 364.

[28] – الطبري، جامع البيـان في تفسير القرآن، ج. 17، ص. 131-132. وقد ترجمتُ النص العربي بالطريقة الأكثر حرفية ممكنة. ومقاطع القرآن التي نسوقها أخذنَاهَا من ترجمة ريجيس بلاشير.

[29] – الطبـري، جامع البيـان في تفسير القرآن، ج. 9، ص. 175.

[30] – اللســـان، ج. 15، ص. 294.

[31] – نفســــه، ص. 292.

[32] – انفســـه، ج. 15، ص. 295.

[33]- نشير إلى أن المصادر الأساسية التي نستخدمها هنا، عدا لسان العرب، هي First, Encyclopaedia of Islam, (9 vol.), وكتاب سليم الحوت (بالعربية)، الميثولوجيا عند العـرب.

[34] – ج. 2، ص. 584.

[35] – اللســـان، ج. 13، ص. 464.

[36] – اللســـــان، ج. 5، ص. 384.

[37] – Kazimirski, Dictionnaire arabe-français, t. II, p. 241.

[38] – صاحب كتاب الأصنــــام. (م).

[39] – الإرينيـات: سبق شرحها في الهامش 13 من الدراسة الحاليـة. (م).

[40] – S. Freud, «Le thème des trois coffrets», pp. 87-103.

[41] – Ibid., p. 98.

[42] – Ibid., p. 100.

[43] – Ibid., p. 103.

[44] – S. Freud, «Caractère et érotisme anal», p.147.

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الأربعاء 12-09-2012 03:49 مساء

الاخبار العاجلة