Notice: _load_textdomain_just_in_time تمّ استدعائه بشكل غير صحيح. Translation loading for the amnews domain was triggered too early. This is usually an indicator for some code in the plugin or theme running too early. Translations should be loaded at the init action or later. من فضلك اطلع على تنقيح الأخطاء في ووردبريس لمزيد من المعلومات. (هذه الرسالة تمّت إضافتها في النسخة 6.7.0.) in /home/aslim/public_html/wp-includes/functions.php on line 6114
ماكسنس غروجييه: طوباوية السايبورغ. إنسان جديد في مستقبل مشحون بالتكنولوجيا / ترجمة: م. أسليـم – محمد أسليـم

ماكسنس غروجييه: طوباوية السايبورغ. إنسان جديد في مستقبل مشحون بالتكنولوجيا / ترجمة: م. أسليـم

1657 مشاهدة
ماكسنس غروجييه: طوباوية السايبورغ. إنسان جديد في مستقبل مشحون بالتكنولوجيا / ترجمة: م. أسليـم

ينقسم النص الحالي إلى قسمين: الأول: هو عبارة عن تحليل للتطور للتكنولوجي لجسدنا الذي سيؤدي في «محطة ختامية» إلى خلق أسطورة السايبورغ المعاصرة. والسايبورغ هو كائن نصفه إنساني ونصفه آلي. وهدف هذه الأسطورة المعلن هو تجاوزٌ للإنسانية إلى ما بعدها يتوقع أن يتيحَ التخلص من القيود المادية والمعنوية التي تحكم مجتمعاتنا. أما القسم الثاني، فهو عرض مقال مؤسِّس، ونعني به «بيان السايبورغ» لضونا هاراواي الذي يضخ بعدا نقديا في أسطورة السايبورغ كما يعيد تحيين الأطروحات النسوية. «الخيال والسخرية» عندها وسيلتان لتجاوز إطار النقاشات النظرية الكلاسيكية حول ما بعد الإنسانية التكنولوجية ومجموعة تعديلاتها الجسدية الحقيقية أو المتخيَّلة من أجل الوصول إلى إعادة قراءة مثمرة لهذه الأسطورة. وبذلك فبيان السايبورغ هو كذلك، وفي المقام الأول، استعارة لتطورنا التكنولوجي الممكن تشتمل، بالتالي، على قدر كبير من الشعر والطوباوية الخيالية العلمية.
الجسد اليوم هو موضوع تفكير يحظى بتغطية إعلامية قوية جدا، يمكن القول إنه صار «موضة»، ومن خلاله يتم التعبير عن مشاعر متناقضة، إذ يحظى المظهر الخارجي باهتمام نرجسي خاص ويبدو الغلاف اللحمي أحيانا «آلة مُكتملة» بينما، في أحيان أخرى، يبدو أنَّ الجسد نفسه لا زال هشا للغاية، مريضا أو غير مكتمل. ويؤدي هذا التصور الثاني بأتباع (التعديلات الجسدية) والفنانين السبرنيطيقيين، وممثلي فن الجسد «body-art» وبعض الباحثين إلى إرادة «تغيير الجسد».
يرغب الجميع في تحويل الجسد بطرق عديدة، متذرعين أحيانا بوُجوب التخلي عن الوعي الإنساني في يوم من الأيام ليستعيد مكانته الرمزية ببساطة داخل الجسم الاجتماعي في ضوء التقدم التكنولوجي لعصرنا. والشيء المؤكَّد الوحيد هو أن رؤيتنا للجسد قد تغيرت جذريا مع الزحف القوي للعلم والتكنولوجيا على بيئتنا. لا شكَّ وعيَ ما بعد مواليد الخيال العلمي المُغذَّونَ على طريقة الخيال العلمي يتصَّوَّرُ تخطي مرحلة زمنية جديدة ويتنبأ بأن تطورنا باعتبارنا نوعا يجب أن يمر حتما بالمستقبل التكنولوجي للجسد.
تعمل الآلة الآن مثل أيقونة ثقافية، ويذهب باحثون مثل هانس مورافيك(4) وفنانون مثل ستيلارك أو كتاب الخيال العلمي إلى حد القول بأنَّ اندماجها مع الإنسانية أمرٌ وشيكٌ، بل ومرغوب بسبب زوال الجسد الإنساني، في رأيهم، في بيئة تكنولوجية على نحو متزايد. وبفضل تطورات الهندسة الوراثية والتكنولوجيا البيولوجية والمعلوماتية يكتشف الكائن البشري إمكانيات جديدة.
تدفع التكنولوجيا حدود الجسد المادي خارج غلافه التشريحي. حتى الآن، كان يمكن مقارنة الجسد البشري بجزيرة يحيط بها غلاف من اللحم، والإحساسات البشرية تقتصر على حواس خمس لضمان اتصال مادي مباشر مع العالم المحيط. وكل علاقة مع هذا الأخير كانت تحدَّد بمسلمة: «أنا وحدي في جسدي واللحمُ هو واجهة التواصل الوحيدة التي تتيح لي أن أتواصل مع الخارج». والاتصالات الكثيرة التي يُشكل الجسد موضوعا لها اليوم (خاصة من خلال شبكة الإنترنت وأدوات الاتصالات الجديدة، مثل الحاسوب والهاتف المحمولين وجهاز الـ GPS، الخ.) تجعل من الجسد طرفية إدخال وإخراج للتدفق المعلوماتي. وعن طريق الاتصال اليومي بالآلة، يكتسب الجسد ميزات ربما لم يكن قادرا على تطويرها وحده. ويمكن تحديد هذه الميزات على النحو التالي:
– إدماج هويات متعددة (هويات افتراضية أو «فصام مدعوم بالحاسوب» على نحو ما يمارسها المشاركون في الألعاب داخل الشبكة أو منتديات المناقشة في شبكة الأنترنت) و/أو إدماج عناصر ميكانيكية في الجسم الإنساني أو الحيواني (الأطراف الاصطناعية، زراعات وظيفية بدءا من الرقاقات العابرة للجلد، حيث «نظم التحديد بدون تماس»، وصولا إلى وسم الحيوانات أو الأشجار، الخ.5)؛
– الحضور عن بعد والتعدُّد عبر شبكة معلوماتية عالمي(6)؛
– تمديد معدل الحياة والحفاظ على الشباب واللياقة البدنية بالكيمياء والعقاقير الصيدلية؛
– تحوير النمو البيولوجي واشتغاله باستخدام التكنولوجيا البيولوجية والهندسة الوراثية؛
– القدرة على خلق أشكال جديدة من الحياة الاصطناعية وأنواع عابرة للجينات (أو معدَّلة وراثيا)، وذلك باستخدام الهندسة الجزيئية.
تفتحُ هذه الميزات الناتجة عن تحالف بين الجسم والتكنولوجيا أصبح ممكنا أخيرا، بفضل التطورات التي حققتها العلوم البيولوجية في ارتباطها تأثيرات التصغير والرقمنة والحوسبة، تفتحُ جسد الإنسان على مجموعة من الممكنات ظل استكشافها لحد اليوم مقصورا على الخيال العلمي. وبذلك أتاح المزج بين الجسد والتكنولوجيا تطوير نموذج ما بعد إنساني، أو «سايبورغ»، وهو تجميع مركَّبُ من الجسم الحي والآلة. «والسايبورغُ كائنٌ حي سيبرنطيقي هجين من الآلة والكائن الحي، هو مخلوق من الواقع الاجتماعي ومخلوق متخيَّل» (التعريف الذي تقترحه دونا هاراوي في بيان السايبورغ).
ولد مفهوم السايبروغ، هذا الاصطلاح المفتاح للمتخيل المعاصر، في ستينيات القرن الماضي في أذهان الباحثين الأميركيين بوكالة ناسا الذين أرادوا تسريع عملية استعمار مختلف كواكب مجموعتنا الشمسية. وقد كان يشير هذا المفهوم – في غاية الجدية – إلى جميع أنواع التجارب التي تشمل إجراء تعديلات مختلفة على الجسد عن طريق التكنولوجيا الميكانيكية (أذرع زائدة، هياكل عظمية خارجية(7)، بدلة تتحدُ بلابسها بحيثُ يصيران جسما واحدا(8)، الخ)، والأدوية (مزيلات القلق، المنشطات والمُهلوسات) والمعلوماتية.
لذا، فالسايبورغ هو الإنسان «المُضَخَّم» ذو الجسد المعدَّل تكنولوجيا، القادر بيولوجيا ونفسيا على عبور فضاءات لانهائية بين النجوم وإنشاء مستعمرات المستقبل. هو أيضا وبالخصوص النموذج الأولي للمقاتل المثالي. كيان مُذَكرٌ خالص، ومجسِّد لجميع القيم الذكورية والبطولية للمنافسة: قانون الأقوى، الفحولة المفرطة، والإنسان الآلة الذي لا يكلّ، ولا يصيبه الإنهاك، والكفء والفاتح والغازي(9). وترى كولديا سبرينغر (ناقدة نسوية من الثقافة الشبكية) أنَّ السايبورغ كائنٌ يعبر مجازا عن «الحنين إلى زمن كان التفوق الذكوري فيه أمرا طبيعيا»(10).
لم يكن في الإمكان صياغة فكرة السايبورغ، أي اتحاد التقني والعضوي، من دون خلق وسيلة جديدة لـ «فك شفرة العالم»، وهي السيبرنطيقا التي نشأت من مؤتمرات ماسي(11) التي جمعت باحثين من تخصصات عدة في نهاية أربعينيات القرن الماضي وبمبادرة من عالم الرياضيات نوربرت فيينر. «تعرف [السيبرنطيقا] العالم الذي نعيش فيه بأنه حقل واسع من المعلومات»(12)، ويرى فيينر أنَّ الإنسانية كانت تستعد لدخول عصر الاتصالات الذي يلي منطقيا العصر الصناعي مع ظهور أول آلة لمعالجة البيانات الضخمة: وهو الحاسوب. وقد روَّج السابقة «cyber» (التي ابتكرها الفيزيائي والرياضي الفرنسي أمبير في عام 1834) فيينر نفسه في نصه المؤسِّس الصادر عام 1948 (السيبرنطيقا أو التحكم والاتصال في الحيوان والآلة). ومنذ تصغير الأجهزة المعلوماتية وإنشاء شبكة الإنترنت ونشرها على النطاق العالمي(13) انتشر المفهوم بالتَّوسُّع في العالم وأدى إلى ظهور حشد من الكلمات الجديدة. فبالإضافة إلى «السايبورغ» («السيبرنطيقي/العضوي»)، نعرف جميعا مصطلح «الفضاء الشبكي» (cyberespace) الذي ابتكره الكاتب وليام جيبسون(14) ليشير به إلى مشهد افتراضي يعمل مثل شبكة طرق سريعة حيث تتدفق المعلومات بين قواعد بيانات ضخمة، ثم ظهر منطقيا اصطلاح «المُبحر الشبكي cybernaute» (الذي يُبحر في الفضاء الشبكي)، الخ. كما ظهر مفهوم «التصعلك الشبكي cyberpunk»(*) لأول مرة في عام 1980، ونشره على نطاق واسع في عام 1984 الناقد غاردنر دوزوا حول روايات الخيال العلمي العنيفة، وذلك باستخدام التكنولوجيا ذات التقنية العالية. وفي كل هذه الأبعاد «للواقع السيبرنطيقي»، تجعل الآفاق المفتوحة أمام الإنسانية من الجسد موضوعا مركزيا للثقافة الشبكية. والتعارض بين الجسد الثقيل قليل التكيف وبطئ التطور والفضاء الشبكي أو هذا المكان الافتراضي حيثُ جميع التكنولوجيات متاحة وحيث الجسدُ يكون مُجرَّدا، ذلك التعارض هو أحد الثنائيات الأساسية للتمرد الشبكي.
علاوة على ذلك، فقد تراجعت أسطورة السايبورغ قياسا إلى تصورها في ستينيات القرن الماضي، كما لم تسلم استعارة جندي المستقبل المفتول العضلات من الانتقادات. يرى عالم الاقتصاد جيريمي ريفكين، على سبيل المثال، أنه ليس من باب الصدفة أن «يظهر مفهوم السايبورغ في الولايات المتحدة بوصفها البلد السباق في مجال البحوث المعلوماتية وعبادة الجسد»(15). ومُتخيَّل السايبورغ هو نسخة مختصرة من المتخيل الأمريكي المهووس بعبادة الإنجاز، بطبيعة الحال، ولكنه أيضا نتاج مشاركة مانوية للعالم بين الطيبين والخبيثين، بين الخير والشر. بهذه الطريقة، يندرج السايبورغ في أوهام الأبطال الخارقين (موضوع متواتر في الرسوم المتحركة والرسوم الكرتونية الأمريكية) التي تلتزم لما فيه خير للولايات المتحدة الأمريكية، وأخيرا لما فيه خير للبشرية جمعاء، وفقا للبلاغة الأمريكية(16). ونكاد نقول إنَّ موجة التكنولوجيا والموجة الفسيولوجية تنطلقان من الحاجة نفسها: نفاذ صبر التحول، والحاجة إلى التطور وتغيير النظام البيئي، وغزو فضاءات جديدة، باختصار كل ما يمثل عبادة التقدم ويمسك بأوامر تشريح يرمي إلى تحقيق الكمال. إيديولوجياً يعرضُ السايبورغ، وفي تناغم مع بلده الأصلي، الجسدَ بمثابة شعار للرأسمالية المطلقة، ويدفع حدودها بدون توقف ويربحُ القوة والطاقة باستمرار. لم تولد هذه الطوباوية في أي مكان حماسا مماثلا لما ولدته في الولايات المتحدة الأمريكية حيثُ الإطار المرجعي التكنولوجي هو السمة الدائمة المميزة للحياة اليومية. يرى جيريمي ريفكين أنَّ «هذا الإطار للحياة قد شارك في حبس أجيال متعاقبة داخل رؤية للعالم تمجد ثقافة الآلات وتنسب طبيعة حية لكل ما هو حي وجزء من العالم العضوي»(17).

بيان السايبورغ لضونا هاراواي
في هذا السياق، أصبحت ضونا هاراواي، وهي أنثروبولوجية وعالمة اجتماع وناقدة، شخصية رئيسية في النظريات النسوية السيبرنطيقية، بعرضها لأفكارها بشأن مستقبل الإنسانية في مجال العالم المشحون بالتكنولوجيا، وذلك بوضعها لأسس فكر سياسي ساخر ومفارق لـ «مصيرنا السايبورغي»، بعد انغماسها منذ وقت مبكر في عالم العلوم والتكنولوجيا المتقدمة جدا. في بيانها المعنون بـ «بيان السايبورغ: العلم، والتكنولوجيا، والاشتراكية النسوية في أواخر القرن العشرين»، تقترحُ مقاربة جديدة لطبيعة الآلات لا تحاول فيها استمالة القارئ أو فرض وجهة نظرها عليه، بل تسعى إلى تحسيسه بإلإمكانيات التطورية الواردة في المصير – السايبورغ.
في هذا النص، تفكر ضونا هاراوي في مفهوم السايبورغ من وجهة نظر سياسية وإبستيمولوجية في آن واحد. فهي تجعل منه أداة نظرية تتيح لها ليس تعزيز المنطق الاجتماعي القائم، بل على العكس يسمح باقتراح تمييز جديد للأدوار يتجاوز حواجز التمييز على أساس الجنس والعنصرية والصراع الطبقي، كما أنَّها لا تفكر في إمكانيات تعديل الجسد الواردة في مفهوم السايبورغ إطلاقا من أجل زيادة أداء هذا الجسد وكفاءاته. ومع ذلك، وكما يكتب مارك دري المراقب النبيه للثقافة السيبرنطيقية، «فسايبورغ هاراوي هو رمز حي لاختلاف (جنسي، وعرقي وغيره) يرفض أن يتحلَّلَ أو يُكبَت في القادم كله»(18). وبالفعل، فهاراوي باستخدامها للتكنولوجيا وسيلة للقضاء على الاضطهاد الأبوي التقليدي، وإنما تقترح قراءة تقدمية لأسطورة السايبورغ، إذ كتبت في المقدمة: «ستسعى هذه المقالة جاهدة لبناء أسطورة سياسية وساخرة أمينة للنزعة النسوية، والاشتراكية والنزعة المادية، [ …]، في الاتجاه الذي يمكن فيه للتجديف أن يكون وفيا […] يطلب التجديف دائما أخذ الأمور على محمل الكثير من الجد. أنا لا أعرف أفضل موقف يجب اتخاذه في صميم التقاليد العلمانية والدينية للولايات المتحدة». ترى هاراوي أنَّ السايبورغ لا يُختَزَلُ في الصورة الذكورية الرُّجولية اليهودية المسيحية التي تعرضها وسائل الإعلام وأفلام هوليوود، بل هو كذلك، وبالخصوص، شعار مستقبل مفتوح على أشكال من الغموض والاختلاف، من خلال انصهار العضوي والميكانيكي، الطبيعة والثقافة، في الجسد الواحد.
داخل إرادة إنتاج طوباوية تتيح التنقل داخل حقل من الممكنات، بدلا من تأكيد تعزيز النظام القائم تستخدم هاراوي صورة كائن حي هجين بين الإنسان والآلة رمزا لاستعارة قوية: «في نهاية القرن العشرين كلنا أوهامٌ وهجينو آلات مصمَّمة ومُصنَّعة. وبعبارة واحدة، نحن سايبورغات. علاوة على ذلك، تلاحظ: «إذا كان الخيال العلمي مليء بالسيابورغات، فالطب الحديث بدوره مليء بالسايبورغات وبالجمع بين الكائنات الهجينة والآلات التي تمَّ تصميم كل واحدة منها باعتبارها جهازا مشفَّرا ومفصولا عن قيود الجنسانية».
كما تفسر العلاقة التقليدية بين الإنسان والآلة باعتبارها حرب حُدُودٍ تفصل أيضا بين الرجال والنساء: يجب التحكم في الآلات تماما مثل النساء. فالأنوثة خارج نطاق كل سيطرة تُخيف العالم الأبوي القديم تماما مثلما يُثيرُ القلقَ تنامي قدرة الآلات «الذكية»(19). على سبيل المثال، في فيلم متروبوليس لفريتز لانغ (1927)، تظهرُ «المرأة-الآلة» شيطانية وفاجرة وخارقة القوة، ومن ثمة لابد من تدميرها لتحرير «المرأة الحقيقية» («العذراء، والأم، والفاضلة»، أي الآمنة وفقا لمعايير مجتمعاتنا الأبوية). ومع اعتراف هاراوي بالأصل العسكري والذكوري أساسا للتكنولوجيا (المعلوماتية بالخصوص) فهي تتحدث عن اللذة التي يتم الحصول عليها بإتقان هذه التكنولوجيا، وبالتالي، ترفضُ، من خلال عملها، الصورة النمطية للنساء التي تجعل منهنَّ قريبات بالطبيعة من «أمنا الأرض»، بعيدات عن عالم الآلة، وتنصبُ حاجزا بين النساء واستخدام التكنولوجيا. تقترح هاراوي وجهة نظر جديدة حيثُ يمكن للمرأة أن تستخدم التكنولوجيا دون أن تمسَّ بأنوثتها (معارضة الكليشيه الذي يريد لكل ما يتعلق بالتقنية أن يكون «قضية الرجل»)، وترى أنه لا يجب على النسوية أن تعزِّزَ بالخصوص الترويج لـ «ميتافيزيقا مناهضة للعلم ومُشيطنة للتكنولوجيا» ترى أنَّ التطور العلمي الحالي للبشرية سيُفضي إلى فقداننا السيطرة على مجتمعنا.
علاوة على ذلك، تسخر ضونا هارواي من مفهوم «الطبيعة»، إذ ترى أنه لم يعد له وجود على الإطلاق في القرن العشرين بل ومنذ أن شرع الإنسانُ في زراعة الأرض واستخدام الأدوات والسفر عبر جميع أنحاء العالم. ولذا، لا خشية من اقتران الجسد (الطبيعي المفترض) بالآلة (المنحدرة من التطورات التكنوثقافية) مادام السايبورغ – في رأيها – هجينٌ، مما هو منطقي في حد ذاته: ففكرة «الطبيعة» هي سرابٌ رجعي للمدافعين عن سراب جنة مُفترضة مفقودة: «يتخطى السايبروغ مرحلة الوحدة الأصلية، مرحلة التماهي مع الطبيعة بالمعنى الغربي. هذا هو وعده اللاشرعي الذي يمكن أن يؤدي إلى التدمير والاضطرابات والاحتجاج والتمرد والثورة». تشير [ضونا هارواي] في دراستها إلى إمكانيات حقيقية لعمل نسوي نقدي وإبداعي في مجال تكنولوجيات المعرفة والبيولوجيا: «لقد تمَّ تشييد علوم الاتصالات والبيولوجيا الحديثة بحافز مشترك يتمثل في كون ترجمة العالم هي مشكلة ترميز، من جهة، والبحث عن لغة مشتركة تختفي فيها كل مقاومة للمراقبة والتحكم وإخضاع كل عدم تجانس للتفكيك، وإعادة التجميع، والاستثمار، والتبادل»، من جهة أخرى. ثم تأخذ مثال الكتابة والمعنى واللغة: «الكتابة هي أولا وقبل كل شيء تكنولوجيا للسايبورغ. وسياسة السايبورغ هي الكفاح من أجل اللغة والكفاح ضد التواصل الكامل، وضد الرمز الواحد الذي يجب أن يترجم بالضبط كل معنى تحت عقيدة «مركزية القضيب». وتمضي ضونا إلى حد ابتكار اصطلاح صعب الترجمة هو «النزعة المركزية لقضيب اللوغوس» للتعبير بشكل أفضل عن التحكم «القضيب-قراطي» الممارَس على اللوغوس (المعنى) في مجتمعنا. وفي مجال الحركة النسوية، تقترحُ استعادة امتلاك النساء للتكنولوجيا على نحو يتيح لهنّ أخيرا أن يُمسكنَ بزمام اليد الأدوات التكنوثقافية المعاصرة ويُشجعهنَّ، من ثمة، على البحث والتعليم وإنشاء مشاريع اجتماعية جديدة، الخ. وهي أعمالٌ لن تعيقها إطلاقا حواجز العرق أو الجنس أو العمر.
وترى هاراوي أنَّ السايبورغ يمضي إلى ما هو أبعد من التحولات البيوآلية الناتجة عن الاتصال جسد-آلة، إذ تستعمل صورة السايبورغ لما تحتويه من ممكنات، وتستخدمها لعرض رؤية للعالم القادم بفضلها سيُمكن تحطيم كل مَحَاور النظام القائم وسائر الحدود التي فرضتها الهيمنة الذكورية على الجسد والعقل. فالسايبروغ لا يعرضُ نفسَه باعتباره جسدا مُعدَّلا يُعاد ابتكاره باستمرار فحسب، بل وكذلك يظهر بمثابة مادة لإعادة كتابة نص جميع الأجساد الخاضعة للهيمنة والمتعرضة للاستغلال والتجنيس.
ولهذا الصراع النظري نتيجة هي إعادة النظر في النظام الرمزي الذي يجسده السايبورغ، ذلك أنَّ «الثقافة الأبوية» – كما يُلاحظ مارك ديري في فصله «الجسد السياسي باعتباره سايبورغا» – «طبَّقت التكنولوجيا على جسد المرأة بانتظام لخدمة الاستيهامات الذكورية: أنتجَ مِشَدُّ الصَّدر نُهُودَ الروايات العاطفية البارزة والمستديرة، ولو عرقل ذلك عملية التنفس وأعاق الحركة وزعزع الأعضاء الداخلية، والأثواب المبطنة ترفع العجيزات وتُكبِّرها، مُنتجة وضعة جسد «أنثى حيوان ساخن»(20). أوهامٌ تجسَّدَت بالتأكيد في مفهوم «الجنس الشبكي» – أو الجنس المدعوم بالحاسوب(21). وقد سبق أن، تساءلَ عالم الاجتماع الأمريكي شارل ماك لوهان، منذ عام 1951، عن «أحد أكثر جوانب عالمنا الغريب، وهو الانصهار الاستيهامي للجسد في التنكنولوجيا»(22).
نرى، من ثمة، عودة ظهور رغبة الشريك المكبوتة المصَمَّمة فقط للمتعة، بشكل عصري ومتحرِّك هو هيأة دمية قابلة للنفخ أو إنسان آلي يمارس الجنس – في فيلم شفرة عداء، تُقابلُ «بريس»، وهي النسخة أو المرأة الروبوت، الفكرةَ التي يحملها الذكر الغربي عن الكمال الأنثوي. هذه الرؤية لإنسانية «خارجة عن كل قيد عضوي»، متجنبة لمزالق النوم، متخلصة من التعب ومن الحاجة إلى الأكل، ومطيعة خالقها طاعة عمياء، تلك الفكرة تنتشر عادة في البيئة المغلقة لهواة ألعاب الفيديو والمعلوماتية (المهووسون(23) nerds ou geeks). ويؤدي هذا الانصهار للخيال والواقع إلى خلق استيهامات مُجَسَّمَة هي كائنات رشيقة مثل عارضات أزياء ثلاثية الأبعاد مخلوقة افتراضيا وذات تشكيل يتصف بالكمال. مخلوقات جميلة باردة مدعومة بالحاسوب، ذات وجوه وسيقان وقامات ونهود خاضعة لرتوشات، مُنتجة بسلسلات، قابلة للتبديل، وتقدم باعتبارها رموزا للجمال المعاصر. ليست هذه الصور الذكورية النموذجية سوى مرآة (وهم خطير) للشرائع عصرنا الجمالية ولحاجة الجنس الذكر الغربي النموذجية إلى سيطرة تتفق ورغباته واستيهاماته الأشد حميمية. ويُبالغ في استعمال هذه العملية في مجال الإشهار والمجلات النسائية وحتى في المجلات الإيروتيكية(24).
ويتضح هذا الشغف لتحقيق الكمال بشكل جيد في الكتاب «الجمال الديجتالي» ليوليوس فييدمان(25)، وهو إنجيل حقيقي لعالم مصممي العوالم الافتراضية، إذ يعرضُ عددا كبيرا من الفنانين الذين يستعملون جميع البرامج المعلوماتية المتخصصة في الرتوش الرقمي (فوتوشوب، مايا، الخ.) ويعطي فكرة جيدة عن الرؤية التي يحملها مجتمعنا (وجميع البلدان) عن الأنوثة.
في كتاب «أسطورة الجمال: كيفية استخدام صور من الجمال ضد المرأة»(26)، تأخذ ناعومي وولف من جانبها النموذج الأنثوي غير قابل للتحقيق الذي تقترحه صناعة مستحضرات التجميل والأزياء، والذي تترجمه المرأة المعاصرة بالألم، وفقدان الشهية، والحميات الغذائية القاسية، والجراحات التجميلية المتكررة، الخ. واليوم، بعد مُرور أكثر من ثلاثين عاما عن رؤى ماكلوهان التحذيرية تجدُ موضوعات التكنولوجيا الإيروتيكية، والجنس المدعوم بالحاسوب، وممارسة الجنس مع التكنولوجيا والرغبات اللَّحمية التي لا جسَدَ لها، تجدُ نفسها مقترنة في جميع الفلسفات المرتبطة بعالم السيبرنطيقا وراسخة بعمق في الثقافة السيبرنيطقية تحت اسم «الجنس الشبكي».
وتبلغ استيهامات للجنس الآلي والآلات الجنسية ذروتها في فيلم ليونارد بريت «خنزير المختبر» (1984)، على سبيل المثال، حيث البطل وعشيقته ملفوفان في معدات الواقع الافتراضي (قفازات تعمل باللمس، خوذة، ثياب مجهَّزة بمعدات استشعار)، يمارسان جماعا افتراضيا. في عالم الفضاء السيبرنطيقي الأثيري، تظهر مثل مخلوقات ملساء وفضية تنصهر وجوهها ثم تنفصل في وحدة صوفية تذيبُ وحدة الجسد. ويعتَبرُ فيلم «فيديودروم» ليدفيد كروننبرغ مثالا آخر لهذا الافتتان بالانصهار الإيروتيكي بين الإنسان والآلة الذي يتحدث عنه ما مارشال ماكلوهان. وفيديودروم هو عبارة عن كائن طائر غير مُحَدَّد الهوية (OVNI) حقيقي (1974)، وهو واحدٌ من الأعمال التي لا تنسى والمثيرة للقلق، وفكرته الرئيسية (استيلاء الافتراضي على الواقعي وتحوُّلات اللحم الحقيقية أو المتخيلة الناتجة عنه) لا تزال بلا شك راهنة. والعلاقات شبه الجنسية التي يقيمها ماكس رين بطل الرواية الرئيسي مع لقطات تلفازه هي تَحذيرٌ من الانغماس في الواقع الافتراضي على نحو ما يفعل اليوم آلاف مستخدمي شبكة الإنترنت. هذا الموضوع هو ما يتناوله أيضا مُخرج فيلم eXistenZ (1999) ، حيث تُوصَلُ «عصا التحكم» التي اخترعها كروننبرغ بنوع من الإست الاصطناعي المرتبط بالجسد عن طريق الحبل السري وينتقل اللاعب إلى قلب عالم افتراضي أكثر حقيقة من العالم الطبيعي.
من خلال صنع صورة جديدة للجسد، تؤثر آفاق السايبورغ بالضرورة على النشاط الجنسي بما أنها تخلق تفاعلات جديدة مع الخارج، إذ تمر الأحاسيس بين حواجز الجسد البشري لتصبح لا نهائية تقريبا، وبذلك يُمكن لزوجين أن يمارسا الجنسَ وهما منفصلين عن بعضيهما بآلاف الكيلومترات(27). ومع ذلك، ليست القضايا المرتبطة بالجنس الشبكي، شأنها شأن قضايا الجسد والتكنولوجيا عموما، مُجرَّد حكايات نادرة بل إنها تَطرحُ مسألة «مصير النوع البشري» وضمن هذا المستقبل مكانة الجنسانية وآثارها على صعيد الهوية. يرى الفنان السيبرنطيقي سطيلارك أنه: «لم يعد هناك مجال على الإطلاق لإدامة النوع البشري من خلال التوالد، بل يدوم هذا النوع من خلال رفع العلاقات الجنسية بفضل الواجهة إنسان – آلة. عفا الزَّمن على الجسد، فنحنُ بلغنا ذروة الفلسفة وعلم وظائف الأعضاء، والعقل البشري كما نعرفه صار ينتمي إلى الماضي»(28). وتكمل هاراوي: «لا ينفصلُ الإنجابُ السايبورغي عن الإنجاب العضوي. يحل الانتاج العصري محلَّ الإنجاب ويبدو مماثلا لأحلام عمل استعمار السايبورغ. حلمٌ يجعل كابوس التايلورية كاملا ومثاليا».

من أجل نسوية جديدة سيبرنطيقية
ترى هاراوي أنَّه، بالنظر إلى التغييرات الجذرية التي تُلحقها التكنولوجيا بأجسادنا وبمجتمعنا، يجب على المرأة أن تكون قادرة على اغتنام هذه الفرصة الفريدة لإنهاء النظام الأبوي، وذلك باستخدام الغموض المفهومي المعاصر الذي ينخر الثنائيات الغربية التقليدية. تغامر هاراوي بولوج مناطق ظلت لحد الآن غير ممسوسة، إذ تقترحُ اندماجا جريئا بين الثقافة السيبرنطيقية والعلوم والتكنولوجيا والفكر الجامعي (وخاصة منه النظريات ما بعد البنيوية ومدارس النظريات الأدبية والتحليلات الثقافية التي نشأت في فرنسا خلال ستينيات القرن الماضي). «فوفقا لأطروحات ما بد البنيوية التي توافق عليها هاراوي، يقوم النظام الرمزي للغرب على تقابلات ثنائية: جسد/نفس، مادة/روح، عاطفة/عقل، طبيعي/اصطناعي، وما إلى ذلك، ومن ثمة فالمعنى هو منتوجٌ للإقصاء، والاصطلاح الأول من كل ثنائية يخضع هرميا للثاني الذي يُفضَّل عليه. وتحاول ما بعد البنيوية فضح الحيل التي تعزز بها هذه الهرميات الفلسفية وصولها إلى الحقيقة عن طريق إضعاف أعدائها.»(29). ترى هاراوي أن الثقافة الشبكية بطبيتعها تتخطى بمرح الخطَّ الفاصل المقدس الذي كان يميزُ سابقا بين الطبيعي والاصطناعي، والعضوي والأيقونوغرافي، وأنَّ النزعة السايبورغية والنسوية من خلال اتحادهما تُشاركان في انهيار المؤسَّسات المفاهيمية، وهو ما تسميه بـ «الشبكة الرمزية للأنا الغربية». تقول: «السايبورغ هو مخلوق في العالم بدون جنس؛ لا علاقة له بالثنائية الجنسية، والانصهار ما قبل الأوديبي أو استيلاب العمل»، ثم تخم بيانها السايبورغي بهذه الفكرة: «يمكن أن توحي صورة السايبورغ بنوع من الخروج من متاهة الثنائيات التي نُدرجُ فيها أجسادنا وأدواتنا، أي الآلات».
من خلال مشاركة السايبورغ في بناء عالم متخيل بدون جنسين فهو يتيح لهاراوي أن تتجاوز المواقع النسوية التي تحاول إعادة التفكير في العلاقات الاجتماعية بين الجنسين. فهي ترفض، على سبيل المثال، مبادئ الحركة النسوية الإيكولوجية (النسوية الإيكولوجية الطوباوية) التي تريد للجسم الحي أن يكون في تناقض تام مع التكنولوجيا، قائلة إن مثل هذه المواقف تقيده وتنتمي إلى عصر آخر. كما ترفض أيضا «نسوية الاختلاف» للحركات النسوية الأولى التي حاولت إرجاع المصطلحات والسمات الحاطة من قيمة الأنوثة من لدن التراتبية الأبوية، إلى أمكنتها، (الحركة التي تؤكد، على سبيل المثال، أنَّ «الوجدان»، و«الأمومة»، و«الحساسية» وغيرها من الصفات التي يُفتَرَضُ أنها «متأصلة» في المرأة، هي ليست أقل نبلا من سمات الرجال، ولو أن المجتمع الذكوري يحط من قيمتها). ترى هاراوي أن هذه الأفكار سخيفة، إذ الطبيعة والجسد، في تقديرها، لم يعد لهما وجود – على الأقل ليس بالمعنى الإنساني لفلاسفة الأنوار – منذ اللحظة التي يجد فيها الإنسانُ نفسه مرتبطا ارتباطا وثيقا بالتكنولوجيا وتتيح فيها التكنولوجيا البيولوجية، على سبيل المثال، زرع أعضاء حيوانات في جسد الإنسان. النزعة الإنسانية القديمة لم تعد صالحة. على العكس من ذلك، يسمح السايبورغ بخلخلة الحدود بين الجنسين على نطاق واسع ومحو الحدود الجسدية المعتادة والانفتاح على التعددية واللاتحديد.
على صورة عالمة الاجتماعة مونيك ييتج وكاري-هيلين بورسييه أو الفيلسوفة بياتريس بريسيادو(30)، تعارض هاراوي على الخصوص موقفا نسويا معينا من العلم والتكنولوجيا. في المقابل، هي لا تشيطن التكنولوجيا كما لا تقبلها باعتبارها «شرا لابد منه». وأخيرا، فهي لا تحابي هذه التكنولوجيا – المواقف الثلاثة التي كانت لنا فرصة ملاحظتها في كثير من الأحيان، سواء لدى الذين يريدون أن يكونوا ناطقين باسم «التكنولوجيين المتفائلين» أو لدى الذين يخشون التكنولوجيا. تجعل هاراوي من التكنولوجيا ببساطة أحد الوسائل التي بفضلها تمَّحي الحدود بين الهويات، إذ تكتب: «أن يكون المرء آخر هو أن يكون متعددا، بلا حدود واضحة، متمدِّدا ومُجرَّدا [أي غير مادي]». ليسَ السايبورغ رجلا ولا امرأة، هو كائن هجين، وفسيفساء…
من خلال تسلح السايبورغ بهذه الصورة القوية لجسد مُعدَّل من أجل خلط المعايير والرمزيات الأشد رسوخا في حضارتنا فهو مُتحوِّل تكنوبيولوجي ينتهك القواعد التقليدية المشتركة بين بقية البشر، وخاصة منها الثنائيات الثمينة: رجل/امرأة، خير/شر، وجسم/روح. ترى هاراوي أن هذه الأسطورة تتضمن إمكانيات هائلة بالنسبة للأشخاص الذين يرغبون في إجراء تحول عميق على الطبيعة الإنسانية ويسعون إليه. بدل التضادَّات الكلاسيكية التي تُقابِل، تقترح هاراوي أن نؤسِّسَ علاقاتنا ليس على الفروقات الجنسية والعرقية والسياسية أو الاجتماعية، بل على التوافق والانسجام، والمصالح المتبادلة، متجاوزة بذلك الصراعات القديمة وهادفة إلى تأمل المكانة التي تشغلها المرأة وجميع الأقليات المهمشة في الوصول إلى عالم التكنولوجيا الفائقة كما هو اليوم وكما سيكون غدا.

ماكسنس غروجييه
ترجمة: محمد أسليـم
النص الأصلي:

Maxence Grugier, L’utopie cyborg. Réinvention de l’humain dans un futur sur-technologique

———–
هوامش: (تُترجَمُ لاحقا)

(1) L’essai a été publié dans Socialist Review puis dans son intégralité dans Simians, Cyborgs and Women : The Reinvention of Nature , New York, Routledge, 1991 et en traduction française dans la revue Futur Antérieur, n° 12, 1992. L’auteur tient à remercier Philippe Grolier pour sa traduction du Cyborg Manifesto .
(2) Selon la formule de l’ouvrage dirigé par Stéphanie Heuze, Changer le corps ??, Paris, La Musardine, 2000.
(3) Cf. Jean-Michel Truong, Totalement inhumaine, Paris, Institut Synthélabo, «Les Empêcheurs de penser en rond », 2001.
(4) Hans P. Moravec est considéré comme un des papes de la robotique aux États-Unis, il tente dans ses ouvrages d’imaginer les implications d’un monde post-biologique, dominé par des machines pensantes, capables de se perfectionner, et de se reproduire elles-mêmes. De cet auteur, voir Robot : Mere Machine to Transcendent Mind, Harvard University Press, 1998 ; Mind Children, Harvard University Press, 1990 et Une Vie après la vie. Les robots avenirs de l’intelligence, Paris, Odile Jacob, 1992.
(5) Les transpondeurs sont à base de silicium et dotés d’une antenne extérieure. Ils ne requièrent pas d’alimentation. Ils sont programmés pour transmettre en permanence un numéro unique d’identification. L’alimentation requise est fournie par le champ électrique produit par l’unité de lecture qui le porte. Les transpondeurs sont sans maintenance et ont une longue durée de vie.
(6) L’équivalent technologique du « don d’ubiquité » biblique est aujourd’hui possible pour une personne se connectant sur différents serveurs sur toute la surface du globe, donnant ainsi l’impression d’être à plusieurs endroit à la fois et dialoguant avec un nombre infini de personnes, grâce notamment aux réseaux de téléconférence.
(7) En biologie, l’exosquelette désigne la carapace des insectes, des tortues et de certains mollusques. Appliqué au cyborg, il s’agit donc d’une armure robotisée censée décupler et protéger l’être humain qui le portera en milieu hostile.
(8) Fruit de ces recherches, la Darpa, l’agence de recherche de la défense américaine, a lancé en 2000 le programme de création d’une combinaison de combat capable de soigner le marine qui l’occupera, de lui désigner l’emplacement de l’ennemi sur le champ de bataille et de garder le contact en permanence et en temps réel avec son état-major.
(9) Que les fictions ont popularisé à travers des personnages comme L’homme qui valait trois milliards ou encore Robocop.
(10) Claudia Springer, Electronic Eros, University of Texas Press, 1996.
(11) En 1942, les chercheurs de plusieurs disciplines (des théoriciens de la physique quantique, des mathématiciens, des ingénieurs, des biologistes, des psychiatres et des psychologues) se réunirent et formèrent un réseau informel d’échange scientifique. Parmi ceux-ci on trouve les mathématiciens Norbert Wiener et John Von Neumann, les ingénieurs Julian Bigelow et Claude Shannon,
les neurobiologistes Rafael Lorent de No et Arturo Rosenblueth, le neuropsychiatre Warren McCulloch et le physiciens Walter Pitt… De 1946 à 1952, ils furent à l’initiative d’une série de conférences : les conférences Macy. En 1946, Arturo Rosenblueth présente le fruit de discussions avec Wiener et Bigelow qui donna naissance au concept et au terme de « Cybernétique » (Cf. André Claude Potvin, L’Apport des récits cyberpunk à la construction sociale des technologies du virtuel , Montréal, 1997).
(12) Norbert Wiener, Cybernetics – or Control and Communication in the Animal and the Machine. The MIT Press, 1961 (deuxième édition).
(13) Dans un nombre sans cesse croissant de foyers dans les pays industriels et auprès des élites des pays du Sud.
(14) William Gibson, Neuromancien [New York, Ace, 1981], Paris, J’ai Lu, 2001, nouvelle édition).

(*) مصطلح منحوت من لفظة cyber (أي كل ما يتعلق بشبكات الاتصال الإلكتروني والواقع الافتراضي) وpunk (أي متمرد أجلف معادي للمجتمع)، استعمل أساساً للإشارة إلى مدرسة من مدارس الخيال العلمي (الصارخ) التي تبرز التفاعل بين الكائنات العضوية والأجهزة التكنولوجية. المصدر:
شبكة النبأ المعلوماتية:
http://www.annabaa.org/nbanews/61/585.htm
كما شكل الاصطلاح موضوع نقاش بمنتديات واتا، فتمَّ اقتراح ترجمته بـ: «متمردو الفضاء الإلكتروني» أو «رعاع الفضاء الإلكتروني».

(15) Jeremy Rifkin, La Fin du travail, Paris, La Découverte, 1ère édition, «Poche », 1997. édition française 1996].
(16) Qu’utilise magistralement l’actuel président Bush, parti en croisade contre
«les forces du mal».
(17) Jeremy Rifkin, op. cit., p. 73.
(18) Mark Dery, Vitesse virtuelle .La cyberculture aujourd’hui, Paris, Éditions Abbeville, 1997.
(19) 2001. L’Odyssée de l’espace d’Arthur C. Clarke (1968) illustre parfaitement le fantasme selon lequel les ordinateurs pourraient prendre le pouvoir, ce qui suppose la nécessité formule dans ses trois lois de la robotique : «Première loi : Un robot ne peut porter atteinte à un être humain ni, restant passif, laisser cet être humain exposé au danger. Deuxième loi : Un robot doit obéir aux ordres donnés par les êtres humains, sauf si de tels ordres sont en contradiction avec la première loi. Troisième loi : Un robot doit protéger son existence dans la mesure où cette protection n’est pas en contradiction avec la première ou la deuxième loi. » Isaac Asimov, Les Robots , Paris, J’ai lu, 1967 (édition originale, 1950).
(20) Mark Dery, op. cit., p. 222.
(21) Sur ce point, voir Fulvio Caccia, Cybersexe.Les connections dangereuses, Arléa, 1995.
(22) Marshall Mc Luhan, The Medium is the Message, Bentham Book, 1967, (édition française épuisée).
(23) Aux États-Unis, termes génériques quelque peu péjoratifs désignant les fanatiques d’informatiques.
(24) Conrad Bronski, «Les mutantes», Sans Nom, La Revue des Mœurs, n° 1, hiver, 1993-94, p. 98.
(25) Julius Wiedemann, Digital Beauties, Paris, Éditions Taschen, 2001.
(26) Naomi Wolf, Beauty Myth: How Images of Beauty Are Used Against Women, New York, Vintage, 1991.
(27) En 1999, un couple allemand a bel et bien célébré un mariage « virtuel ». Les mariés étaient équipés de combinaisons de réalité virtuelle – où «cybersuit» comprenant des capteurs et des senseurs leur permettant de ressentir le toucher, la vue et l’ouïe, et ce, à plusieurs milliers de kilomètres de distance.
(28) Stelarc, «Obsolete Body», http://www.stelarc.va.com, voir aussi l’entretien de ce même artiste avec Jacques Donguy, «Le corps obsolète», Quasimodo, n°5, (« Art à contre-corps »), printemps 1998, p. 111-119.
(29) Mark Dery, op. cit., p. 254.
(30) Monique Wittig, Éditions Balland, 2001 ; Marie-Hélène, Bourcier, Queer Zones, Éditions Balland, 2001 ; Beatriz Preciado, Manifeste contra-sexuel, Paris, Éditions Balland, 2000.

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: السبت 19-01-2013 10:52 مساء

الاخبار العاجلة