تأثير الإنترنت على أشكال الإبداع والتلقي في الأدب العربي الحديث

1٬605 views مشاهدة
تأثير الإنترنت على أشكال الإبداع والتلقي في الأدب العربي الحديث

(تأليف: د. إيمان يونس، دار الهدى للطباعة والنشر كريم / دار الأمين للنشر والتوزيع، الأردن – عمان / فلسطين – رام الله، 2011 (384ص، عرض: محمد أسليـم)

البحث الحالي هو في الأصل رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في الآداب، يطمح إلى «وضع حجر أساس لبعض المفاهيم والمصطلحات الأساسية بظاهرة الأجناس الأدبية الرقمية وطرق تلقيها، والتي لا تزال تعتريها الضبابية وعدم الوضوح والاستقرار في الأوساط النقدية العربية». (ص. 2-3). ويعد من الدراسات الأكاديمية الرصينة النادرة التي يمكن للقارئ أن يطمئن إليها بالنظر إلى زخم الكتابات المتطفلة على الأدب الرقمي في عالمنا العربي الراهن…
وقد انطلق من مجموعة من الأسئلة: «هل يمكن الحديث عن بداية تشكل مفهوم جديد للأدب ولمنتجه ومتلقيه؟ وما هي الأنواع الأدبية الجديدة التي أفرزتها التكنولوجيا الحديثة؟ وما هي خصائصها؟ وهل نحن بحاجة إلى تسميات جديدة وتقسيم جديد للأجناس الأدبية؟ وما تأثير هذا كله على متلقي الأدب؟ بماذا يختلف قارئ النص الرقمي عن قارئ النص الورقي؟ وهل يتيح النص الورقي لقارئه نفس القدر من التفاعل الذي يتيحه النص الرقمي؟ وماذا بشأن الكاتب الرقمي؟ ما هي مواصفاته؟ وهل يكفي أن يمتلك الموهبة فقط لإنتاج نص أدبي أم يحتاج إلى ثقافة رقمية إضافية؟ وماذا عن النقد الرقمي؟، وما هي المعايير الجديدة التي يجب أن يستند إليها في الكتابة النقدية حول النص الرقمي؟ وهل يمكن الحديث عن بلاغة جديدة هي البلاغة الرقمية؟» (ص. 2).
للإجابة عن هذه الأسئلة اعتمد البحث نهجا «من حيث المبنى والسيرورة، هو البحث النظري»، وانطلق من فرضية ذات شقين:
الأول: اختلاف الأداة يؤدي إلى اختلاف في طبيعة المنتج. وتم إفراد البابين الأول والثاني من الرسالة للتحقق من هذا الشطر. أما الثاني، فهو: اختلاف المنتج يؤدي إلى اختلاف في كيفية التعامل معه، بمعنى أن التحولات التي أصابت النص الأدبي ستقود إلى حصول تغييرات مقابلة في طريقة تلقيه، وقد تمَّ تخصيص البابين الثالث والرابع للإجابة عن هذا الشطر. علما بأن البابين الثاني والثالث يشكلان جوهر البحث ولبه، فيما يمثل البابان الأول والرابع إغناء للموضوع بوضعه في سياقه العام، وتأطيره من حيث المفاهيم والتمثلات والمواقف الاجتماعية المحيطة به.
هكذا، انكب الباب الأول على تعريف الأدب الرقمي بشكل عام، وعرض مختلف أنواعه وفروعه مع التمييز في النصوص الرقمية بين نوعين: بسيطة ومركبة: البسيطة هي التي نشرت إلكترونيا على شبكة الأنترنت بدون توظيف تقنية الوسائط أو تقنية النص المرتبط أو هما معا (النص المرتبط هو الترجمة التي تقترحها الباحثة لمصطلح hypertext، وسنعود لمناقشة هذا التعريب في ثنايا القراءة الحالية). أما النصوص المركبة، فهي التي تنشر على شبكة الأنترنت مع توظيف تقنية الوسائط أو تقنية النص المتشعب أو هما معا بما يجعل من المتعذر الحصول على نسخ ورقية من هذا النوع من الأعمال ورقيا.
في حين توقف الباب الثاني عند خصائص النصوص الرقمية ومميزاتها بنوعيها، وبين تأثرها بتجليها عبر الشبكة من حيث اللغة والأسلوب والبناء وطريقة العرض، وذلك بتحليل أمثلة مختلفة من الأدب العربي الرقمي. وقد قسمت الباحثة هذا الباب إلى فصلين، تطرق أولهما للنصوص الرقمية البسيطة، والثاني للنصوص الأدبية الرقمية المركبة.
وقد أتاح هذا الباب للباحثة التأكد من صحة الشطر الأول من الفرضية، وإظهار كيف أن استخدام الحاسوب وتوظيف تقنياته التكنولوجية المختلفة في الكتابة الإبداعية أدى إلى إحداث تغييرات عديدة في شكل النص الأدبي ومضمونه.
لاختيار نصوص الفصل الأول من هذا الباب تم مراعاة أربعة عناصر، هي: تمثيلية الجنسين، بمعنى اختيار نصوص لمؤلفين ذكور وأخرى لمؤلفات إناث؛ والتمثيلية الجغرافية بحيث تحضر نصوص من أقطار عربية مختلفة؛ وتمثيلية نوعي الشعر والنثر، وأخيرا تمثيل النصوص المختارة لمواقف متنوعة من شبكة الأنترنت، فكان أن تشكل متنٌ يتألف «رواية بنات الرياض» لرجاء الصائغ السعودية، والمجموعة القصصية «أحاديث الأنترنت» للسورية ندى الدنا، وقصيدة «غرف الدردشة» للسعودي عبد الرحمن ذيب، وقصة «المسيخ إلكترونيا» للمغربية حياة الياقوت، وقصة «بريد إلكتروني» للمغربية فاطمة بوزيان، وقصيدة «ذاكرة الأنترنت» للمصري أحمد فضل شبلول، ثم ديوان «ولي فيها عناكب أخرى» للمغربي طه عدنان. وستتخلى المؤلفة عن هذه المعايير في النماذج التي ستختارها للتحليل في الفصل المقبل (الخاص بنصوص الأدب الرقمي المركبة) لقيد يفرضه بدوك شك هزال المنجز الأدبي العربي في هذا الباب.
وقد حللت الباحثة كل عمل من الأعمال السابقة بغاية تبين تأثرها بنشرها إلكترونيا في شبكة الأنترنت، فخلصت إلى أنه على الرغم من حفاظ هذه النصوص على خصائص النص الأدبي الورقي وعدم توظيفها للتقنيات التكنولوجية التي يتيحها الحاسوب وشبكة الأنترنت، فهي تأثرت بمجرد نشرها عبر شبكة الأنترنت، وذلك في جوانب كثيرة جمَّعتها الباحثة في المحاور التالية:
– بروز الانترنت موضوعا رئيسيا في الخطاب الأدبي: حيث عالجت جميع النصوص المدروسة موضوع الشبكة ومدى تأثيرها على حياة الإنسان المعاصر من حيث أنه صار شديد الارتباط بها، تتأثر تفاصيل حياته اليومية وعلاقاته بالآخرين عبرها، كما أن الأدباء يعسكون في نصوصهم تصوراتهم حولها ومواقفهم منها بحيث صارت محورا لإنتاجاتهم الأدبية.
– تأثير الأنترنت على لغة الخطاب الأدبي: ويتمثل في استعمال ثروة لغوية جديدة، كما في الثراء الطباعي، واستخدام اللغة الأنجليزية، والكتابة باللغة العامية.
– تأثير الأنترنت على طول الخطاب الأدبي: ويتجلى أساسا في جنوح الأدباء إلى كتابة نصوص قصيرة لاعتبارات غير أدبية تتمثل في الإرهاق الجسدي الذي تسببه القراءة في الشاشة، ومواكبة إيقاع السرعة الذي بات يسم العصر، وتوفر كم هائل من النصوص في الشبكة، وآلية الكتابة التي ولدها الميل للاختصار وتقليص الجهد العضلي، وأخيرا حرية النشر التي باتت حقا للجميع.
– تغيير مفهومي الزمان والمكان في الخطاب الأدبي الأنترنتي: ويتجلى في إلغاء الشبكة للمقولتين السابقتين بمعناهما المتعارف عليه لفائدة مكان وزمان افتراضيين يُحَيِّدان البعد الفيزيائي والوقتي لصالح وجود ينصهر فيه الهنا والآن لدى سائر المتواجدين في العالم الافتراضي. وقد أفضى هذا الاستنتاج بالباحثة إلى مساءلة أحد معايير اختيار متن دراستها، وهو تمثيلية عدد متنوع من الأقطار العربية كما قادها إلى طرح مجموعة من الأسئلة حول مستقبل القصيدة والرواية العربيتين وحول إمكانية ولادة رواية أو قصيدة كونيتين وعن إمكانية كتابة أجناس أدبية عابرة للقارات.
وأهم ملاحظة قد يثيرها هذا الفصل كون الباحثة توصلت إلى نتيجة أن النصوص المدروسة قد تأثرت بمجرد نشرها عبر شبكة الأنترنت عن طريق تحليل موضوعات تلك الأعمال ولغتها وطولها، الخ. والحال أن سبيل الوصول إلى هذه الخلاصة قد يتطلب التركيز على تلقي تلك النصوص وقراءتها ووضعها الاعتباري الناجم عن التغيير الذي ألحقه الوسيط الرقمي بحلقات النشر التقليدية. فديوان ولي فيها عناكب أخرى، مثلا، صدر ورقيا في الأصل، ولولا أريحية الناشر الذي سمح بإعادة نشره رقميا لما وصل إلى الشبكة إطلاقا، اللهم عن طريق القرصنة. وكذلك الشأن بالنسبة لرواية «بنات الرياض» التي ظهرت بداية في طبعة ورقية والنسخة المتداولة منها في النت هي مجرد قرصنة للإصدار الأصلي. بتعبير آخر قد يكون العنوان الأنسب لهذا الفصل هو «موضوعة الأنترنت في الأدب العربي الحديث»، ودراسة متنه بمعزل عن نشره – أو عدم نشره – في الشبكة، وبالتالي لا جدوى إدراجه ضمن أنواع الأدب الرقمي.
أما الفصل الثاني من الباب الثاني، فانكب على تحليل نماذج من أجناس النصوص الرقمية المركبة لإبراز خصائص كل جنس ومميزاته على حدة، وما يجعله مختلفا عن النصوص الورقية، والدور الذي تلعبه الوسائط المتعددة في بنائه شكلا ودلالة، وبيَّنَ كيف أن استخدام الوسائط المتعددة التي تتيحها برامج الحاسوب والأنترنت في الكتابة الأدبية قد أدى إلى إحداث تغييرات عديدة في شكل النص ومبناه الخارجي، ما تولد عنه أجناس أدبية جديدة تجمع بين خصائص أدبية من جهة، وخصائص تكنولوجية من جهة أخرى. هذه الأجناس تتحدد، حسب المؤلفة في: الشعر البصري الرقمي الذي ميزت فيه بين نوعين فرعيين: أولهما يعتمد على توظيف مؤثرات بصرية وأخرى قصائد وثانيهما يعتمد على توظيف مؤثرات بصرية وسمعية، ثم الشعر الجمعي، وأخيرا النصوص التفاعلية المتخلفة التي تتفرع إلى رواية / قصة تفاعلية، ورواية الواقعية الرقمية التفاعلية، ثم الشعر التفاعلي. وقد خصت كل نوع من هذه الأنواع بتحليل واف انكب على نماذج منه.
هكذا، فمن القصائد التي تعتمد مؤثرات بصرية، حللت ستة نماذج: ثلاثة للشاعر المغربي منعم الأزرق، هي: «قالت لي القصيدة ضوءها العمودي»، و«غيمة لا تشبع منها العينان»، و«لعبة المرآة… سماء… » والرابعة للمغربي إدريس عبد النور، بعنوان «سيدة الياهو»، والخامسة للشاعر جمال محداني بعنوان «أسود ما يحيط بشقراء النعامة»[1]، وأخيرا قصيدة «كونشرتو الذئاب» للعراقي عبد الله عقيل.
ومن القصائد الرقمية الموظفة لمؤثرات بصرية وأخرى سمعية، حللت الباحث أربعة نماذج، هي: «قصيدتان لبيت الوحيد»، للشاعر المغربي منعم الأزرق، وقصيدة «رقصة صوفية» للشاعرة الكندية كينية الأصل سولارا الصباح، وقصيدتان للشاعر السعودي يوسف البلوي، هما «صحراء الغرام»، و«يا طيور الأنس غني»، وهما تندرجان ضمن ما يسمى بـ «الفلاشات الإسلامية» التي سنعود إليها بعد قليل[2].
والخلاصة التي انتهت إليها الباحثة عبر تحليل هذه النماذج أن «أهم تغيير طرأ على القصيدة الرقمية بشكل عام، بعد توظيف تقنية الحركة، هو انهيار البنية المكانية وهندستها المعمارية» (ص. 15، ومن ثمة ضرورة «إعادة النظر في النظريات والدراسات التي عنيت حتى الآن ببلاغة المكان في النص الشعري، وأصبح واجبا على النقاد أن يمنحوا هذه البلاغة قراءة جديدة تأخذ بعين الاعتبار التغييرات التي طرأت على بنية الفضاء في الشعر الرقمي» (ص. 160).
إليه يضاف أنَّ النص الأصلي (أي الخطي المجرد من المؤثرات البصرية من حركة وصورة) لقصيدة «كونشرتو الذئاب» موجودٌ في شبكة الأنترنت[3]، لكن نسخته الرقمية المعتمدة في الدراسة غير متوفرة، لاختفائها من مكان النشر، رغم حضور رابط إليه في أكثر من موقع، بما في ذلك بوابة جهة الشعر[4]، بسبب استنساخه بمؤثراته البصرية التي استخدم فيها الشاعر محرر الفرنت بيج في أغلب الظن[5]. ورغم حرص منتديات أبناء مصر[6] على إيراد نص القصيدة، فإن اختلاف محرر النصوص المعتمد في إنشاء القصيدة عن محرر نصوص منتديات الفي بي (vb-bulletin) حال دون إعادة إنتاج المؤثرات البصرية المعتمدة في النص، ما يتيح استنتاج أن النصوص الرقمية المركبة لا يتعذر استنساخها ورقيا فحسب، بل ويستعصي إنتاجها في جهاز الحاسوب نفسه وشبكة الأنترنت ما لم تؤهله تقنيات بيئة التلقي[7] لذلك.
الشعر الجمعي: وفيه يعمد مبدعون عدة إلى كتابة قصيدة واحدة. وقد حللت الباحثة تحليلا وافيا نموذجا منه قصيدة «المرساة»، وهي الوحيدة المتوفرة حاليا في الأنترنت العربي– في حدود ما نعلم – بعد اختفاء المؤثرات البصرية لسابقتها، وهي «قصيدة ميدوزا» (تم كتابتها يوم 04 / 05 / 2005)، على إثر تحويل قاعدة بيانات منتديات ميدوزا من اسكريبت phbb إلى vb-bulletin، ما أدى إلى تحول القصيدة إلى أطلال من الأكواد[8]، ما يفسح المجال للتساؤل عما إذا كان هذا النوع من النصوص الرقمية مُرَكَّبا فعلا، إذ تقع نصوصه تحت رحمة محررات النصوص التي لا تنتج مؤثرات بصرية وسمعية إلا داخل سكريبت كتابتها ونشرها، ومن ثمة تعذر إعادة إنتاجها ليس في منتديات أخرى فحسب، بل وكذلك في سائر مجلات إدارة محتويات المواقع، والمدونات والمواقع الشخصية المبنية بالفرنت البيج أو بأحد برامج تصميم المواقع. حقا.
اشترك في كتابة «المرساة» تسعة شعراء، وخلصت الباحثة من تحليلها إلى أن «القصيدة الجمعية هي قصيدة متعددة الجنسيات والثقافات، قصيدة تخرج عن «الأنا» الواحد الذي اعتدناه في القصائد التقليدية الورقية إلى تعدد «الأنا» واختلافه وتشابكه مع الحفاظ على تماسك القصيدة العضوي والتقني» (ص. 182).
أما النصوص التفاعلية، التي يعرفها البحث بأنها «توظف إلى جانب تقنية الوسائط المتعددة، تقنية النص المرتبط (التشعبي أو المترابط)، مما يجعلها نصوصا فائقة» (ص. 183)، ويقسمها إلى ثلاثة أنواع فرعية هي: الرواية / القصة التفاعلية، ورواية الواقعية التفاعلية، والشعر التفاعلي، فتم تناول نماذج من كل قسم فرعي: رواية «ظلال الواحد» وقصة «صقيع» لمحمد سناجلة، وقصة «ربع مخيفة» للمصري أحمد خالد توفيق نماذج للقسم الأول، ورواية « شات» لمحمد سناجلة نموذجا للقسم الثاني، و قصيدة «تباريح لسيرة بعضها أزرق» للشاعر العراقي عباس مشتاق معن نموذجا للقسم الثالث، وهو الشعر التفاعلي الذي تحددهخ الباحثة باعتباره يعتمد على توظيف تقنية النص المرتبط بشكل أساسي في بنائه وينتمي بذلك إلى مجموعة النصوص المركبة (ص. 231).
وقد خلص هذا الفصل إلى إجمال مميزات النصوص الرقمية المركبة في: امتزاج الفنون، والدينامية، وتعدد مفاتيح التأويل، والتداخل والتشابك، والارتباط (الترابط أو التشعب)، والمشاركة، والافتراضية، ثم التفاعلية. وربما تنطبق هذه الصفات جميعا على قصيدة «تباريح لسيرة بعضها أزرق»، حيث تقول عنها الباحثة: «متعة القراءة في هذه القصيدة لا تكتمل في حدود قراءتها فقط، وإنما تتخطاها إلى عوالم أكثر سخونة. إذ ترتبط المتعة هنا بالموسيقى، واللوحات، والتشعب بين المتون والحواشي والهوامش، حتى ليشعر القارئ بأنه يدخل إلى ممرات ودهاليز كثيرة لا يعرف أين ستنتهي به ولا كيف ستنتهي، فما عليه سوى الانتظار والترقب حتى إذا ما شعر بالملل أو القلق من الاستمرار يستطيع العودة إلى بر الأمان ونقطة الانطلاق فيغير مسلكه أو يقرر الانسحاب» (ص. 245).
سيلاحظ القارئ بدون شك أن الباب الحالي هو أغنى أبواب الكتاب على الإطلاق لكونه يمزج بين تقديم الأدب الرقمي العربي للقراء العرب وتحليل أكثر ما يمكن من نماذجه المتوفرة من جهة، ويحسس بعدد من الإشكاليات التي يطرحها لقاء الأدب بالحاسوب من جهة ثانية. من أهم هذه الإشكاليات في رأيي: مسألة اختفاء مجموعة من النصوص من الشبكة، وانتماء الفلاشات الإسلامية إلى الأدب الرقمي.
إذا كان الاختفاء، في حالة مجموعة من الأعمال الرقمية العربية، يرجع لأسباب تقنية بحثة، هذه الأسباب التي تمضي أحيانا إلى حد اختفاء مواقع بكاملها عندما يتعذر استرجاع قاعدة بيانات الموقع، على غرار ما حصل لواحد من أوائل المنتديات الأدبية والثقافية التي عرفها النت العربي، وهو فضاءات[9] الذي أنشأه الأديب الصحفي نضال قحطان اليمني المقيم في السعودية، فإن الاختفاء نفسه يدخل في صميم هذا النوع من الأعمال الأدبية الرقمية الذي يتلاشى بمجرد قراءته، فيتعذر ليس أخذ نسخة منه فحسب، بل وكذلك يستحيل قراءته مرة ثانية من لدن القارئ الواحد[10]، والذي يطلق عليه النقاد الفرنسيون اصطلاح «بلاغة الحرمان Réthorique de la frustration». معنى ذلك أن الأدب بصدد مغادرة عصر النص-الوثيقة (أو النص-الحجة) الذي دخله مع ظهور الكتابة، منذ حوالي 4000 سنة، هل لفائدة عودة إلى عصور المشافهة الأولى كما يؤكد الفيلسوف بيير ليفي[11] أم لفائدة تلاش تام للأدب إما على إثر لقائه بالتكنولوجيا، على نحو ما يُنذر البعض[12]، أو للاجدواه على إثر فشل مهمته على امتداد الألفتين السابقتين، كما يرى البعض الآخر[13]، أو لاحتمال نهاية الكتابة نفسها كما يتوقع البعض الآخر[14]. وحده المستقبل سيقدم الجواب عن هذا السؤال، فإنَّ اليقين الذي نملكه الآن هو أن الأدب لم يعد هو الأد إطلاقا على إثر لقائه بالمعلوماتية.
بخصوص الفلاشات الإسلامية: يتمثل الوجه الإشكالي في كون الباحثة لم تتردد في نسب هذه الفئة من الأعمال إلى لأدب الرقمي، ودعمت هذه النسبة بإخضاع نصين للتحليل باعتماد الأدوات نفسها التي حللت بها باقي النماذج التي ينشرها مؤلفوها باعتبارها أدبا، والحال أنَّ مؤلفي هذه الفلاشات لا يكتفون بعدم إثبات هذا الانتماء فحسب، بل ولا يكلفون أنفسهم عناء ذكر اسم المؤلف إلا في حالة «إخراج» – إن جاز هذا التعبير (وهو لمحمد سناجلة في نصه «صقيع») – نصوص لمبدعين آخرين قد تكون أدبية أو دينية يغيب لدى مؤلفها الانشغال الرقمي (ربما تلك حالة النموذجين الذين حللتهما الباحثة ونماذج شعرية أخرى عديدة[15]). في هذا الصدد، نجد أعمالا تخرج بالفلاش مجموعة من قصائد دينية قديمة، أشهرها نونية ابن قيم الجوزية في وصف الجنة وحورها ونعيمها. بتعبير آخر، إزاء هذه الأعمال نكون أمام نقل معلوماتيين لنصوص أدبية أو دينية، عبر استخدام برنامج واحد هو الفلاش، انطلاقا من هاجس ديني دعوي لا إبداعي أدبي. وهم، فوق ذلك، يسمون هذه الأعمال «فلاشات دعوية» ويدرجونها عادة في أقسام «السمعيات والمرئيات الإسلامية»[16] لا في باب الأدب، ما يفسر أن هذا النقل لم يقتصر على الشعر فقط، بل انكب أيضا على مجموعة من القصص القرآنية[17]. هذا من جهة، من أخرى، العديد من هذه الأعمال يتم تحويلها من ملف فلاش إلى ملف فيديو وينشرونها في مواقع مثل يوتوب[18]، وهي بمجرد قابلية النقل تخرج من دائرة الأدب الرقمي وتدخل في دائرة شعر الفيديو أو الفيديو شعر vidéo-poésie الذي لا علاقة له بالأدب الرقمي بمعناه الاصطلاحي على نحو ما سبق أن بينتُ في تعقيب على أحد أعمال هشام عينو الفيلالي بمنتديات اتحاد كتاب الأنترنت العرب… إضافة إلى ما سبق، فمتى اعتبرنا الفلاشات الدعوية أدبا رقميا حصلنا على كم هائل من النصوص الأدبية العربية الرقمية، من جهة، ما لا يجرؤ ناقد على زعمه، ثم وجدنا أنفسنا أمام ضرورة إدراج البطاقات الفلاشية التي تعج بها مواقع عربية وأجنبية ضمن الأدب الرقمي من جهة ثانية، وسبق أن كانت هذه البطاقات موضوع نقاش في منتديات اتحاد كتاب الأنترنت العرب دونَ أن تُدرج ضمن الأدب الرقمي لا لشي سوى لأنها، شأنها شأن الفلاشات الإسلامية، لا تتوفر على خاصية التفاعل.
أما الباب الثالث من البحث، فسعى إلى الكشف عن التحولات التي طرأت على تلقي النص نتيجة للتغييرات التي لحقت بالنص نفسه والتي تعتبر جميعا محصلة تأثير شبكة الأنترنت وما أتاحت من إمكانيات للقارئ والكاتب على حد سواء. فعلى صعيد القراءة أو التلقي، رَصَدَ البحث لدى قارئ النصوص الرقمية خاصيات الإبحار والمزاوجة في التلقي بين المشاهدة والاستماع، ثم الإبداع الذي يميز فيه بين مبدع مقيد وآخر حر. الأول هو «ذلك التلقي الذي يبني نصه من خلال روابط إبحاره بين الروابط التي يتضمنها النص، أي هو المتلقي المبحر الذي يختار بين الروابط العديدة والإمكانيات المختلفة التي يتيحها النص، فيشكل نصا جديدا من حيث البناء والسيرورة والتشكيل، كما تمليه عليه رغباته وحب استطلاعه وفهمه. هذا المتلقي يحقق إبداعه من خلال إسهامه في العملية نفسها حيث لا يبقى مكتفيا بمتابعة النص، بل يبني ويصوغ بطريقته الخاصة وهو ينقر على الفأرة ويتحرك في جسد النص الذي يقرأه» (ص. 285). أما المبدع الحر فهو «المتلقي الذي يملك مطلق الحرية في الإبداع وذلك حين يشارك هو في كتابة النص حقيقة، دون أن يكون مقيدا بالاختيار من بين إمكانيات متاحة، و نجد مثل هذا المتلقي في النصوص الجمعية، وهي التي تطلب من المتلقي أن يشارك في بناء النص وكتابته». (ص. 286). وأخيرا التعليق، وهو شكل هام من أشكال التفاعل، وفيه «يستطيع المتلقون التعليق على النصوص التي يقرأونها بشكل مباشر على الشبكة». (ص. 289).
وقد خلص هذا الباب إلى أنه فيما ظل تفاعل المتلقي مع النص الورقي محدودا ومحصورا في الحيزين الذهني والمعنوي أتاح النص المنشور في الشبكة للقارئ أشكالا تفاعلية جديدة مثل تصفح متن النص والتجول عبر روابطه وقراءته قراءة غير خطية والتدخل في بنائه ووجهات مساراته والاستمتاع بمشاهدته أثناء تشكله والاستماع إليه، ثم المشاركة والمساهمة في كتابته وصياغته، فضلا عن التعليق والتعقيب والإدلاء بالرأي حول النص وحول تفاعلات متلقين آخرين معه.
أخيرا، تحت عنوان «الأدب الرقمي بين مؤيد ومعارض» عالج الباب الرابع المواقف التي صادفها الأدب الرقمي في العربي من لدن القراء والنقاد العرب مصنفا إياهم في فئتين كبيرتين: معارضون ومؤيدون: الأوائل رأوا فيه أدبا للنخبة المعلوماتية، وأنه أدبا شابا، وأن الذهن البشري هو مصدر الإبداع لا الآلة، ثم عدم وجود أطر لتعليم أصول الكتابة الرقمية ومبادئها، وعدم القدرة على الإحاطة بجميع ما يُنشر في الشبكة، وعدم وجود حصانة للنشر الإلكتروني، واستغلال الأدب لتحقيق أهداف غير أدبية، والاهتمام بالشكل على حساب المضمون، وغياب الرقيب، وطرق باب المحظورات، ومحو الثقافة والهوية الأدبية، وسقوط النخبة وبروز الشعبي. وقد خصت الباحثة كل حجة من هذه الحجج بعرض واف. وهو ما فعلته مع أنصار الأدب نفسه الذين يدعمون موقفهم بحجج: الحفاظ على اللغة العربية، وتشجيع المبتدئين ومنحهم فرصة للظهور على الساحة الأدبية، والتفاعل بين الكتاب والقراء، وإثراء النص بواسطة لبنات ثقافية مختلفة، وحرية التعبير، وسهولة تداول الكتب الرقمية، وزيادة عدد القراء، وتماشي الأدب الرقمي وعصر السرعة، وموسوعية الأدب الرقمي، وأخيرا كون هذا الأدب هو تعبير عن العصر الرقمي.
ولم يفت الباحثة إنهاء هذا الفصل بما أسمته «رؤية مستقبلية للأدب الرقمي»، حيث حاولت استشراف مستقبل الأديب الرقمي العربي المعاصر قيد التشكل، فتوقعت حصول تغييرات في ثلاثة محاور أساسية هي: عولمة الأدب، والحاجة إلى مدارس ونظريات نقدية أدبية جديدة، وأخيرا إشكالية تجنيس النصوص الرقمية.
بخصوص عولمة الأدب، توقع البحث أن تفضي هذه الظاهرة إلى أدب «عالمي يتسم بمزج الثقافات (…) أدب جامع لثقافات وجنسيات عديدة تستفيد من بعضها البعض، وتدعم بعضها البعض» (ص. 341).
أما عن المدارس النقدية، فترى الباحثة أن للنص الأدبي الرقمي معايير وخصائص لم تتطرق إليها المدارس والمذاهب النقدية الموجودة، ومن ثمة وجوب «التفكير باتجاهات نقدية جديدة تعنى بدمج التكنولوجيا والأدب معا والتفكير بنظريات حديثة ومدارس نقدية جديدة تتخذ من الميزات التقنية معايير أساسة لتقييم العمل الفني» (ص, 345). وقد اقترحت الدارسة مجموعة من الأسس التي يجب أن يقوم عليها النقد الرقمي، وهي: أ) وضع تعريفات واضحة للأدب الرقمي وأنواعه؛ ب) تحديد مفهوم البلاغة الرقمية، أسسها ومعاييرها؛ ج) الإلمام بمبادئ التصميم في الكتابة الرقمية.
أخيرا، حول إشكالية تجنيس النصوص الرقمية، دعت الباحثة إلى التفكير في اتجاهين: إما البقاء على فكرة التجنيس، مع الأخذ بعين الاعتبار تطور النوع في ظل المستجدات التكنولوجية، أو سقوط الأجناس الأدبية لاستحالة الإحاطة بالتطورات السريعة التي يعرفها الأدب في ظل لقائه بالمعلوماتية. وقد رجَّحت الباحثة الاتجاه الأخير.
بعد هذا العرض الموجز جدا لمحتوى الكتاب، أود مناقشة جملة قضايا أثارتها فيَّ قراءته، وهي: عنوان المؤلف، وتجنيس النصوص الرقمية، وتعريب مصطلح الـ hypertext. علما بأن مسألة تحولات القراءة في ظل الوسائط التكنولوجية الحديثة تستحق وقفة مطولة قد نعود إليها لاحقا.

عنوان المؤلف:
مع أن الكتاب يحصر موضوعه في دراسة العلاقة بين متغيرين هما: شبكة الأنترنت والأدب (إنتاجا وتلقيا) فإن ما تمَّ الخوض فيه على امتداد البحث يتجاوز ذلك بكثير، إذ المعالج في العمق هو التغييرات التي عرفها الأدب العربي إنتاجا وتداولا وقراءة على إثر لقائه بالحاسوب باعتباره العمود الفقري للثورة الرقمية التي نعيش اليوم ثالث محطة في تاريخها:
– ففي خمسينيات القرن الماضي ظهر الجيل الأول من الحواسيب التي كانت عالية الكلفة كبيرة الحجم، بحيث كان يشغل الواحد منها بناية كاملة، ومن ثمة قلة أعداد تصنيعها واقتصار استعمالها على أغراض صناعية. وفي نهاية ذلك العقد نفسه جرى أول لقاء بين الأدب والحاسوب، إذ تمَّ إنتاج أول نصوص شعرية بمساعدة الكمبيوتر، في نهاية 1959، وذلك بالتزامن في فرنسا وألمانيا وأمريكا[19]. علما بأن توظيف الحاسوب في إنجاز دراسات نصية كان قد بدأ قبل ذلك بعشر سنوات[20]،
– وأخيرا في مستهل سبعينيات القرن نفسه بدأ انتشار الحواسيب الشخصية بحكم التطور المذهل الذي تعرفه صناعة التكنولوجيا المعلوماتية؛ ما تمرّ على جهاز الحاسوب الأكثر تطورا مدة 18 شهرا حتى يظهر حاسوب جديد يضاعف الأول كفاءة مرتين ويصغره حجما بمرتين (قانون مور). وفي تلك الفترة بدأت أول عملية نقل للأعمال الأدبية من الرفوف الواقعية إلى الرفوف الافتراضية، وذلك مع مشروع جتنبرغ الذي أطلقه يوم 4 يوليوز 1971 ميكائيل هارث[21].
– في مستهل تسعينيات القرن الماضي تمَّ إطلاق شبكة الأنترنت، ما أدى إلى ظهور الشبكات والعالم الافتراضي وسائر التحولات التي تغير وجه العالم تحت أعيننا اليوم. وعلى هذه المرحلة يقتصر مؤلف د. إيمان يونس مع أن أول لقاء بين الثقافة العربية والحاسوب كان قد تمَّ منذ مستهل ستينيات القرن الماضي عبر الدراسة المفهومية للقرآن التي أجراها غارنييه[22] عام 1963.
فبدون كمبيوتر لا يمكن لشبكة الأنترنت أن توجد أصلا. أليست هذه الشبكة في نهاية المطاف مجموعة هائلة من الحواسيب المتصلة فيما بينها بلغة خاصة؟ وإدراج ملحق بالكتاب الحالي، على شكل قرص مدمج، هو شاهد على إمكانية قراءة الأعمال المحفوظة في هذا الحامل بمعزل عن الاتصال بالشبكة، والأمر نفسه ينطبق على النص المرتبط (أو المتشعب) الذي يُقرأ في مدار مغلق، أي في قرص مرن أو مدمج، كما يقرأ في مدار مفتوح، يحتاج إلى الشبكة، متى تطلبت روابطه ذلك. وبالمناسبة لا نص إبداعي عربي رقمي واحد يندرج في النوع الثاني.
بتعبير آخر، من شأن تركيز البحث على صلة الحاسوب بالأدب أن يجلو أكثر الآثار التي تلحق بالأدب حاليا كتابة وقراءة ونشرا مع ما يلازم ذلك من تحولات طرأت على الوضع الاعتباري للمؤلف والقارئ والملكية الفكرية إثر استعمال جهاز يتجاوز مجرد حامل للنصوص إلى كونه وسيطا مركبا يقوم بوظائف خمسة هي: الكتابة والقراءة والتخزين والبث والاستقبال.

ترجمة مصطلح hypertexte:
بعد عرض سائر ترجمات هذا الاصطلاح، وهي: «النص المتفرع»، و«النص الفائق»، و«الهايبرتكست»، و«النص الممنهل»، و«النص المتشعب» و«النص المترابط»، من اقتراح د. سعيد يقطين، فضلت الباحثة التعريب الأخير لكونه، والكلام لسعيد يقطين، «يعبر جيدا عن مفهوم الهايبرتكست. فمن جهة لكلمة ‘’النص’’ مفهوم شامل يستوعب جميع أشكال الخطاب، كما أنه قابل لاستيعاب جميع العلامات من صور وحركة وصوت، ومن جهة ثانية فإن كلمة ‘’مترابط’’ تشير إلى صلته بغيره وعن طريق الاشتراك الذي تتضمنه صيغة التفاعل (ترابط)، كما ويتيح الجذر ‘’ربط’’ الذهاب إلى أن هذه الصلة تتحقق من خلال روابط تربط هذا النص بغيره من النصوص والعلامات التي يتفاعل معها، وهي متوارية لأنه يجب تشظيتها» (ص. 36-37). لكن هذا الاقتراح قد يؤدي، في نظر الباحثة، إلى لبس يتمثل في كون صفة «‘’مترابط’’ هي صفة قابلة لأن ننعت بها جميع النصوص: الورقية منها والإلكترونية (…) لذلك فهذه التسمية قد لا تحيل إلى فكرة ارتباط النص بغيره من النصوص» (ص. 36)، ومن ثمة اقترحت تعريبا آخر اعتبرَته قريبا جدا من السابق، وهو «نص مرتبط» بدل «نص مترابط»، لأن «كلمة مرتبط، تشير بباسطة إلى ارتباط النص بعلامات أو بوصلات أو بنصوص أخرى غير ما هو ظاهر للعين، وهي الفكرة الأساسية التي يقوم عليها هذا النص» (ص. 36).
لا أظن اجتهاد الباحثة كان موفقا لكون مجرد قراءة تعبير «نص مرتبط» ستثير في ذهن القارئ سؤال: مرتبط بماذا؟، فلا يجد جوابا عن سؤاله. بتعبير آخر: إذا كان عيب تعريب سعيد يقطين يكمن في إيحاء صفة «مترابط» بانغلاق النص المعني، على غرار ما توحي به صفات مجاورة مثل «متماسك» و«متجانس» و«متلاحم»، فإن عيب اقتراح إيمان يونس يمكن في إيحاء صفة «مرتبط» بارتباط النص المعني بغيره دون أن تتضمن ما يشير إلى اشتمال هذا النص على نوعين من الارتباطات: داخلية (كما في حالة نصوص المدار المغلق) وخارجية (كما في حالة نصوص المدار المفتوح). باختصار، إذا كانت ترجمة سعيد يقطين تجازف بنفي ارتباط النص المعني بنصوص خارجية، فإن ترجمة إيمان يونس تجازف بنفي ارتباط وحدات النص بعضها ببعض عبر وصلات (أو روابط).
ومع كوني لا أدعو إطلاقا إلى التخلي عن ترجمة سعيد يقطين (وهل بوسعي ذلك ما دامت الاصطلاحات تشبه العملة؛ ما يروج منها يبقى ويصلح وما لا يروج يختفي؟)، فإني أود إبداء بعض التوضيحات بخصوص الفرق بين التعريبين الرائجين الآن للاصطلاح hypertexte، وهما «النص المتشعب» (أو «التشعبي») و«النص المترابط»:
يشترك المفهومان معا في إبراز طبيعة تعامل النص الحامل لهذه الصفة، سردا كان أم غيره، مع فضاء الكتابة. جوهرُ هذا التدبير غيابُ الخطية بحيث يمكن أن تبلغ درجة تتعدد معها مداخل القراءة فيتحول التصفح إلى ما يشبه «الزابينغ» الذي يمكن أن يحصر القارئ في وحدات النص الواحد، على غرار ما في النصوص التشعبية القابلة للقراءة في مدار مغلق، كما يمكن أن يفضي بالقارئ إلى مغادرة نص القراءة إلى نصوص أخرى خارجية، مثلما عليه الأمر في نصوص المدار المفتوح، حيث بمجرد الضغط على وصلة ما يتم الخروج إلى صفحات توجد في مواقع أخرى بالشبكة؛ فعبر تنشيط روابط الحكي (أو وصلاته) التي تأخذ شكل كلمات أو جمل متناثرة هنا وهناك في أنحاء النص (تبعا لمنطق يبتكره المؤلف) يتاح للقارئ الانتقال إلى وجهات سردية أخرى أو الوصول إلى حكايات فرعية كلها في نهاية المطاف واجهات من جسد النص العام الذي يستحيل في بعض الأحيان الإمساك به في كليته، أي تستحيل قراءته كاملا، ما يجعل النص المتشعب مقولة نظرية أكثر منه جسدا ماديا[23].
ولكن كلمة «الترابط» بسعيها إلى إبراز أهم خاصية للنص موضوع الحديث، وهي تلاحم أجزائه عبر «عقد» (أو «روابط» أو «وصلات»، وكلها كلمات مترادفة)، يمكن أن تجازف بعدم الإيحاء بالخاصية القوية الأخرى للنص ذاته وهي التشتت والتشعب والمتاهة.
بالرجوع إلى أصل اشتقاق مصطلح «التشعب»، وهو «شعب»، يتضح أن هذه الكلمة تنتمي في اللغة العربية إلى هذا النوع من المفردات المتصف بسمة طباق المعاني، حيث تعني الكلمة الشيء وضده في آن. يعرف صاحب اللسان «شعب» بـ «الجمع، والتفريق، والإصلاح، والإفساد»[24]، ولإجلاء كل غموض محتمل يسوق صاحب اللسان حديث ابن عمر: «وشعب صغير من شعب كبير»[25]، ثم يشرحه بقوله: «صلاح قليل من فساد كثير».والمعنيان معا (الجمع والتفريق) يتحققان في هذا النوع من النصوص التي يُصطلح على تسميتها في اللغة العربية بـ «النصوص التشعبية» (أو المتشعبة) مقابلا للأصل الأعجمي hypertexte. علما أن الترجمة تعود لفريق البرمجة بشركة ميكروسوفت وأصلها موجود في الواجهة العربية لبرامج مثل الوورد أو الفرنت بيج، حيث ما يطلع مقابلا للتعبير الفرنسي insérer un lien hypertexte هو «إدراج وصلة تشعبية»، وربما كانت هذه الترجمة هي مصدر الاستعمال الرائج في مجموع المواقع والمنتديات العربية المعلوماتية التي تعد بالآلاف، حيث يقال «وصلة تشعبية» و«رابط تشعبي» ولا يقال بتاتا «وصلة ترابطية» أو «رابط ترابطي»[26]. علاوة على ذلك، فنتيجة البحث في محرك قوقل يومه (19/05/2011)، مثلا، عن «نص متشعب» تعطي 637000 (ثمانمائة وخمسون نتيجة)، فيما لم يتجاوز البحث عن النص المترابط 311000. أما إذا قرنا البحث بترجمة ميكروسوفت وأدرجنا في محرك غوغل العبارة «ميكروسوفت النص التشعبي» فالنتيجة التي نحصل عليها هي 6 960 000 صفحة !!! في حين، لدى إدراج الصيغة «ميكروسوفت النص المترابط» لا نحصل على أكثر من 7 040 صفحة.

أجناس الأدب الرقمي:
تبنت الدراسة الحالية تجنيسا أنجلو سكسونيا للأدب الرقمي (لكوسكيما) يميز في هذا الأدب بين نوعين: «نصوص رقمية بسيطة» تندرج تحتها النسخ الرقمية للنصوص الورقية القديمة والنسخ الرقمية لنصوص أصلية حديثة، ثم «نصوص رقمية مركبة» وتندرج تحتها فئتان كبيرتان، هما: النصوص المعدة للنشر على الأنترنت فقط، ثم الأعمال التي تعتمد تقنيات التكنولوجيا الحديثة. وتتفرع هذه الفئة إلى ثلاثة أنواع صغرى هي: الشعر البصري، والنصوص الجمعية، ثم النصوص التفاعلية. وقد استطاعت الباحثة – كما مر معنا – العثور على سائر هذه الأنواع في المنجز الأدبي العربي الرقمي، ما يُعطي الانطباع بأن أجناس الأدب الرقمي محصورة تتولد عن مجرد لقاء الكتابة الأدبية بالحاسوب. بيد أن هناك محاولات تجنيسية أخرى، منها تلك التي يقترحها الناقد والشاعر الرقمي الفرنسي فليب بوطز اعتمادا على متن أوسع بدون شك، تقصي كليا «النصوص الرقمية البسيطة» من دائرة الأدب الرقمي، وتصنف الأعمال في مجموعتين رئيسيتين:
«الأولى تعطي الأولوية لقراءة النص على الشاشة، والثانية تركز أكثر على نظام الاتصال في مجموعه (…) ويمكن تفريع المجموعة الأولى وفقا للأنواع النصية السائدة التي أنشأتها مختلف الثقافات ولو أنَّ الأعمال اليوم تنتمي في كثير من الأحيان إلى أنواع عدة. على هذا النحو يمكن التمييز بين النص التشعبي والأدب التوليدي والشعر المتحرك. أما المجموعة الثانية، فتشمل التجهيزات والأعمال الجماعية أو التعاونية والأعمال المتمحورة حول دور البرنامج»[27].
وبعرض المنجز العربي الراهن في الأدب الرقمي على التصنيف الأخير يُلاحَظ غياب تام لارتياد الكتابة في مجموعة من الأنواع (الأدب التوليدي، والتجهيزات، والأعمال المتمحورة حول البرنامج)، وأنَّ الكتابة الرقمية العربية تعطي الأولوية لقراءة النص على الشاشة في المقام الأول، ما يفسح المجال لسؤال ما إذا كان هذا الإبداع يتم بمنطق الفرجة وأنَّ مماهاة ما تتم لا شعوريا للحاسوب مع وجهاز التلفاز.
إضافة إلى ما سبق، فالأسماء التي ارتادت هذا اللون الإبداعي في عالمنا العربي تعد على رؤوس الأصابع، وقائمة الأعمال المنجزة محصورة جدا. وكذلك الشأن بالنسبة للأجناس التي تم ارتيادها، حيث لا نتوفر اليوم على عمل واحد يعتمد التوليد génération أو التوليف[28] combinatoire أو رواية الويكي أو الرواية المكتوبة جماعيا. وقد يجد هذا تفسيره في حرص سائر من يكتب في اللغة العربية على حماية وضعه الاعتباري بوصفه مؤلفا والاستفادة من سلطته الرمزية والهالة المحيطة به، وهذا ما يجعل الحضور العربي باهتا – للأسف الشديد – في إسهامات كونية مثل موسوعة ويكيبيديا التي يثير مجرد ذكرها السخرية لدى الباحثين العرب فيما يشيد بها علماء كبار أمثال جويل روناي، إذ يقول: »تحتوي موسوعة ويكيبيديا المكتوبة بسبع وثلاثين لغة على أكثر من 1250000 مادة (200000 الفرنسية)، مقابل 75 ألف في الموسوعة البريطانية (120000 لنسخة الأنترنت)! وقد خصصت المجلة البريطانية طبيعة Nature وصحيفة لوموند في عام 2006 مقالا هاما لهذه الظاهرة المثيرة للاهتمام مع التشديد على أنه يوجد في ويكيبيديا من الأخطاء أقل مما يوجد في بعض كبريات الموسوعات مدفوعة الثمن»[29].
وحتى في الحالات النادرة جدا التي تمَّ فيها استخدام تقنية التشعب، فالروابط يتم إدراجها يدويا للغياب التام لبرامج عربية لإنتاج نصوص أدبية بتقنيتي التشعب أو التوليد بخلاف لغات أخرى[30].
ناهيك عن أن من الأدباء من لم يتجاوز إنتاجه نصا واحدا (أحمد خالد توفيق وعباس معن مشتاق ومحمد اشويكة[31])، ما يدعو إلى التساؤل عن شرعية الانتماء الفعلي لهؤلاء المبدعين إلى دائرة الأدب الرقمي بمعناه الاصطلاحي (وهو ما تدعوه د. إيمان يونس بالنصوص الأدبية الرقمية المركبة، ويدعوه نقاد غربيون بـ «الأدب المعلوماتي» أو «المعلوماتية الأدبية»[32] أو «الأدب الديجتالي»)، من جهة، وعما إذا كانت هذه التجربة لدى البعض لا تعدو مجرد نزوة عابرة من جهة ثانية، ويستدعي، من جهة ثالثة، استحضار شروط نشأة الأدب الرقمي في الغرب بُغية تفسير التفاوت بين السياقين واستشراف مستقبل هذا الفن في عالمنا العربي… سيكون لي بالتأكيد عودة إلى هذه القضايا التي إلى الكتاب الهام الحالي يعود فضل إثارتها.
———
هوامــش
[1] تقول عنه الباحثة إنه سعودي ونشر قصيدته في المرساة بتاريخ 27 فبراير 2007، والحال أنه بالتحقق من المصدر تبين أن الأمر يتعلق بشاعر مغربي مقيم في مدينة أرفود أعاد نشر نصه في منتديات المرساة بتاريخ 08 يناير 2006، وهو في الأصل قصيدة ورقية تعود كتابتها، حسب ما يُثبت الشاعر في ذيل قصيدته، إلى تاريخ 22 شتنبر 1997. انظر:
http://www.imezran.org/mountada/view…php?f=34&t=530
[2] انظر محمد أسليم، ملاحظات حول قراءة الأعمال الرقمية العربية:
ملاحظات حول قراءة الأعمال الرقمية العربية (أو الإبداع والنقد والتواصل المفقود).
ومحمد أسليم: الفلاشيات الإسلامية وبعض قضايا النقد الرقمي:
ملاحظات حول قراءة الأعمال الرقمية العربية (أو الإبداع والنقد والتواصل المفقود).
[3] في منتديات أبناء مصر:
http://www.egyptsons.com/misr/showth…t=13323&page=1

[4] انظر فهرست باب الكتابة بالرسم:
http://www.jehat.com/Jehaat/ar/Tashkeel/white
[5] خمنا ذلك بتصفح النصوص المتوفرة في باب الشعر بالرسم في موقع جهة الشعر.
[6] منتديات أبناء مصر:
http://www.egyptsons.com/misr/showthread.php?t=13323

[7] Philippe Bootz, Qu’est-ce que la littérature numérique ?
http://www.olats.org/livresetudes/basiques/litteraturenumerique/1_basiquesLN.php

[8] يمكن الاطلاع على النص في منتديات ميدوزا:
ملاحظات حول قراءة الأعمال الرقمية العربية (أو الإبداع والنقد والتواصل المفقود).
[9] http://www.olats.org/livresetudes/basiques/litteraturenumerique/1_basiquesLN.php www.fdaat.com/vb
[10] Philippe Bootz, Qu’est-ce que la littérature numérique ?
http://www.olats.org/livresetudes/basiques/litteraturenumerique/1_basiquesLN.php >

[11] Pierre Lévy, Essai sur la Cyberculture : L’Universel sans Totalité. Rapport au Conseil de l’Europe, version provisoire :
http://hypermedia.univ-paris8.fr/pierre/cyberculture/cyberculture.html

[12] Jean Clément « La littérature au risque du numérique », Document numérique 1/2001 (Vol. 5), p. 113-134.
http://www.cairn.info/revue-document-numerique-2001-1-page-113.htm
[13] الرأي للفيلسوف الألماني بيتر سلوترديجك في كتابه «قواعد للحديقة البشرية. رسالة رد على رسالة في النزعة الإنسانية لهايدغر»:
– Règles pour le parc humain. Une lettre en réponse à la Lettre sur l’Humanisme de Heidegger, traduit de l’allemand par Olivier Mannoni, Paris, Éditions Mille et Une nuits, « La petite collection », 2000, 64 p.
ويقول فيه إننا الآن بصدد دخول «العصر ما بعد الأدبي» أو «ما بعد المراسلات»، لأن المهام المفترض أن يؤديها، وهي التربية والتخليق، الخ، دون أن ينجح في ذلك، تلك المهام بات اليوم في يد العلم إمكانية أدائها عبر تقنية النانو التي بإمكانها أن تنتقي الناس منذ وقوعهم في الأرحام. وقد أثار كتاب سلوترديجك هذا ضجة كبرى وجدلا واسعا يمكن الاطلاع على نصوصه في الرابط:
http://multitudes.samizdat.net/spip.php?page=rubrique&id_rubrique=191

[14] Dan Sperber. 2002. L’avenir de l’écriture. Colloque virtuel ““text-e” :
http://www.dan.sperber.fr/?p=77

[15] انظر قسم الفلاشيات الإسلامية بمنتديات ميدوزا:
http://www.midouza.net/vb/forumdisplay.php?f=211

[16] يمكن الوقوف على عدد كبير من هذه الأعمال بالصفحات (على سبيل المثال لا الحصر) :
http://www.saaid.net/flash/index.htm

http://www.islamic-flash.net/Flash/Category-51.html

http://islam-flash.bdr130.net

http://www.ashefaa.com/files/flash.html

http://www.islamweb.net/flash/index.htm

[17] انظر نماذج منها :
http://www.islamweb.net/flash/index.htm

[18] انظر مثلا، نونية ابن قيم الجوزية في الرابط :
http://www.youtube.com/watch?v=kr60HoD_t2Y

[19] نشأ الشعر الذي يستخدم الحاسوب بشكل متزامن تقريبا في اللغتين الألمانية والإنجليزية، عام 1959، عندما تمكن ثيو لوتز Théo Lutz في ألمانيا وجيسين بريون في الولايات المتحدة من إنتاج أولى أبيات الشعر الحر الإلكترونية باستخدام ما كان لا زال يسمى آنذاك آلآلات حاسبة “. انظر:
– Alain Vuillemin, Poésie et informatique I: historique :
http://www.uottawa.ca/academic/arts/astrolabe/articles/art0024.htm

وقد ولَّد ثيو لوتز أولى قصائده الرقمية عبر برنامج توليدي يستخدم المائة مفردة الأولى من رواية القصر لكافكا، ونشرها في مجلة Augenblick الصادرة في شتوتغارد. انظر:
– Jean Clément, Écritures Hypertextuelles :
http://manuscritdepot.com/edition/documents-pdf/ecritures-hypertextuelle.ppt

[20] «في مجال تحليل النص المحوسب، يعتبر روبرتو بوسا Roberto BUSA هو الرائد، حيث بدأ في عام 1949 مشروعا عن أعمال القديس توما الأكويني. (ومع ذلك، يمكننا أن نفترض أنه لو لم يكن بوسا هذا هو أول من استخدم المعلوماتية في أعماله لاختيار التاريخ باحثا آخر ليقوم بالشيء نفسه). وقد أراد BUSA، وهو راهب وعالم إيطالي تتبع تطور مفهوم اللزوم الإلهية عند القديس توما الأكويني بدراسة ترابطات استخدام حرف الجر “en”. لمزيد من التفاصيل، انظر:
Stéfan Sinclair, Historique de l’analyse de texte informatisée:
http://www.uottawa.ca/academic/arts/astrolabe/articles/art0020.htm

[21] Marie Lebert, Littérature et internet des origines (1971) à nos jours: quelques expériences :
http://www.bmlisieux.com/colloque/lebertco.htm

http://www.gutenbergnews.org/about/h…jet-gutenberg/

[22] ALLARD (Michel), ELZIERE (May), GARDIN (Jean Claude), Analyse conceptuelle du Coran sur cartes perforées, Paris : Mouton, (“Ecole pratique des Hautes-Etudes. VIe section. Centre d’analyse documentaire pour l’archéologie (C.N.R.S.)”), 1963, 2 vol. (110, 186 p.). Diagrs, Bibliogra, notes. Comprend : Vol. 1 : Code ; Vol. 2 : Commentaire; Vol. 3: Boîte. [430] fiches perforées.
[23] Sophie Marcotte, George Landow et la théorie de l’hypertexte :
http://www.uottawa.ca/academic/arts/astrolabe/articles/art0012.htm
[24] ابن منظور، لسان العرب، دار صادر، 1300 هـ، مج. 1، (مادة: شعب)، ص. 497.
[25] نفسـه.
[26] محمد أسليم : الرواية العربية وقضية المصطلح، منتديات ميدوزا.
[27] فيليب بوطز، «ما الأدب الرقمي؟»، ترجمة محمد أسليم، ضمن مجلة علامات، العدد 35، 2011ويمكن تصفح نص الترجمة كاملا في منتديات ميدوزا:
http://ww–w.midouza.net/vb/showthread.php?t=8218

[28] هناك تجربة واحدة يتيمة اختفت باختفاء منتديات اتحاد كتاب الأنترنت العرب للأسف الشديد، وتمثلت في صنيع تقني الموقع مع ديوان الشاعرة المغربية فاطمة بوهراكة، هو «اغتراب الأقاحي»، في تجربة قدمها على النحو التالي:
«أعتذر بدءاً للمبدعة بوهراكة عن هذا العبث الرقمي بنصوصها، آملا التوضيح بأنه لغايات بحثية لا أكثر. في الرابط التالي طلبت من الحاسوب أن يعيد ترتيب التوقيعة الأولى من النص “رقصات الجسد العاصي” بشكل عشوائي، بعد إعطائه بعض القواعد للوصول إلى نسخ أخرى من النص مرتبة بطريقة تحافظ على سلامة الجملة نحوياً. النتائج كما ترونها في هذا الرابط:
http://www.webws.net/fatima.php

». الرابط لم يعد يشتغل للأسف الشديد.
وكم سيتسلى القارئ بقراءة ردود أفعال الأعضاء الذين عقبوا على هذا العمل، بحيث عوض طرح أسئلة حول النقل الذي يجريه لقاء الأدب بالحاسوب للمسألة الأدبية، وما يترتب عليه من ضرورة إعادة النظر في مكونات الظاهرة الأدبية ككل على نحو ما ورثناها، عوض ذلك سادت الدهشة ومضى البعض إلى اعتبار الأدب الحاسوب التوليفية هذه جهازا يدعو للخوف. للاطلاع على التعقيبات، انظر:
http://forums.arab-ewriters.net/view…?t=355&start=0

[29] Joël DE ROSNAY, 2020: Les Scénarios du futur. Comprendre le monde qui vient, Des Idées & des Hommes, Paris, avril 2007, p. 94.
[30] اعتمد مايكل جويس، مثلا، في كتابة روايته «ظهيرة» على برنامج فضاء الحكي Storyspace، من إنتاج شركة Eastgate systems المتخصصة في إنتاج برامج معلوماتية لكتابة أعمال أدبية رقمية كما في نشر هذا النوع من الأعمال. وتوفر اللغة الفرنسية عددا كبيرا من برامج توليد نصوص في أنواع خطاب عديدة (شعر، فسلفة، سرد، دين، الخ.) يمكن تصفح نماذج منها وتنزيل سكريبتاتها انطلاقا من العنوان http://www.charabia.net />[31] لمحمد اشويكة عملان: الأول بعنوان: احتمالات. (سيرة افتراضية لكائن من زماننا) صادر عام 2006:

http://chouika.atspace.com/Facette.HTM

والثاني بعنوان: محطات (سيرة افتراضية لكائن من ذاك الزمان) صدر سنة 2009:

http://www.khayma.com/ofouk

ويقدمه المؤلف باعتباره قصصا قصيرة ترابطية (أي تشعبية)، لكن دون تمكين القارئ من منطق إدراج الروابط التي تحضر عمليا في الصفحة التي تعرض عناوين سائر النصوص (عددها 66 قصة قصيرة)، ومن ثمة يمكن ولوج أي نص من هذا الفهرست. غير أنه بالوصول إلى نصوص القراءة نجد كل واحد منها يتضمن رابطا واحدا لا غير يتيح الخروج من نص القراءة إلى نص آخر دون أن تكون الصفحة الجديدة مواصلة للحكي القديم ولا حكاية تتيح الرجوع إلى ام سبقها من الحكايات.
[32] http://www-sop.inria.fr/axis/personnel/Eric.Guichard/theseEG/theseEGse25.html

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الأربعاء 05-09-2012 05:36 صباحا

الاخبار العاجلة