م. أسليـم: كتاب «الإسلام والسحر»: 02 – القرآن والسحـر

688 views مشاهدة
م. أسليـم: كتاب «الإسلام والسحر»: 02 – القرآن والسحـر

يُظهر إحصاءٌ للمقاطع القرآنية الخاصة بالسحر أن هذه الممارسة تشكل موضوعة كثيرة التردد في القرآن:
انطلاقا من التفسيرات المقترحة لهذه الآيات سيتشكل أدب بكامله حول السحر. وقد اتخذ هذا الأدب نقطة انطلاق لتآليف حديثة تسعى إلى استخلاص حكم السحر في الإسلام[1]، مما يُظهر أن الخفي كان – ولازال – يشكل موضوع انشغال جدِّي من قِبل القرآن والفقهاء المسلمين على السواء. إذا كان الوقوف على دلالة هذا الانهمام وأسبابه يتطلبان عملا منفردا يتجاوز الحدود التي رسمناها للعمل الحالي، فإنه يمكن استخلاص ما يهم أسئلتنا مباشرة انطلاقا من نصين، هما الآية 102 من سورة البقرة، ثم سورة الفلق[2].

1. الآيـة 102 من سورة البقـرة

عندما دعا الرسول يهود مكة إلى الإيمان برسالته ردوا عليه بأنهم كانوا على دين النبي سليمان، ولكن عندما قال لهم بأن مهمته كانت بالضبط هي تأكيد رسالة سليمان وإتمامها، أجابوه بأن سليمان لم يكن نبيا وإنما كان ساحرا، إذ قال بعض أحبارهم: «ألا تعجبون من محمد! يزعم أن ابن داوود كان نبيا! والله ما كان إلا ساحرا!»[3]. آنذاك، جاءت كلمة الله لتحسم هذه المسألة، ولكن أيضا لتثير موضوعا لن يتوقف المفسرون عن النقاش حوله. تقول هذه الكلمة:
«واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت، وما يعلمان به من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر، فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله، ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم. ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاص ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون» (البقرة، 102).
وقد تمَّ ترجمتها إلى الفرنسية على النحو التالي[4]:
«Ils ont suivi ce que communiquaient les Démons, sous le règne de Salomon.
Salomon ne fut point infidèle, mais les Démons furent infidèles. Ils enseignèrent aux Hommes la sorcellerie et ce qu’on avait fait descendre, à Babylone, sur les deux Anges, Hârout et Mârout. Ceux-ci n’instruisaient personne avant de ]lui[ dire: «Nous sommes seulement une tentation. Ne sois point impie!» ]Les Démons[ apprenaient de ]Hârout et Mârout[ ce qui sème la désunion entre le mari et son épouse – ]les Démons[ ne se trouvent nuire à personne, par cela, sauf avec la permission d’Allah -, ils apprenaient ce qui ne leur nuisait ni ne leur était profitable.[Les fils d’Israël ] apprirent que ceux qui ont acheté ]l’art de tenter autrui[ n’ont nul part (halâq) en la [Vie] Dernière. Certes, quel détestable troc ils ont fait pour eux-mêmes! Ah! s’ils se trouvaient savoir!»[5].
و:
«Ils ont suivi ce que les Démons avaient imaginé contre le royaume de Salomon; mais ce n’est pas Salomon qui fut infidèle, ce sont les démons. Ils enseignent aux gens la magie et la science qui avait été donnée aux deux anges de Babylone, Harout et Marout. Ceux-ci n’instruisaient personne dans leur art sans dire: Nous sommes la tentation, prends garde de devenir infidèle; les hommes apprenaient d’eux les moyens de semer la désunion entre l’homme et sa femme; mais les anges n’attaquaient personne sans la permission de Dieu; cependant les hommes apprenaient ce qui leur était nuisible, et non pas ce qui pouvait leur être avantageux, et ils savaient que ce celui qui avait acheté cet art était déshérité de toute part dans la vie future. Vil prix que celui pour lequel ils ont livré leur âmes, s’ils l’eussent su!»[6].
إذا كان مضمون هذه الرسالة واضحا جدا بالنسبة للقارئ الأعجمي، فإن الأمر على خلاف ذلك بالنسبة لمفسري القرآن داخل اللغة العربية. ذلك أن تأويل الوحي الإسلامي يشكل موضوع اختلافات تصل إلى حد التعارض الكلي أحيانا لسبب مزدوج: طبيعة اللغة العربية نفسها، ثم تنوع الاستراتيجيات الممكنة لقراءة القرآن. ومع ذلك، يمكن القول بكيفية عامة إن المفسرين، لكي يحصلوا على معنى الآيات، يقومون بمسعى مزدوج: يجزئون النص أولا إلى وحدات تركيبية يحللونها لغويا، وبعد ذلك يستخرجون موضوعات؛ ينتقلون من تحليل تركيب النص إلى استخلاص دلالته باستدعاء أو استثمار معطيات من خارج النص، تتمثل أساسا في «مخزون» من الأساطير أو المعلومات (روايات أو أخبار). بعبارة أخرى، يتم تسخير التحليل التركيبي لتحديد وجهات للمعنى تختلف فيما بينها ما لم تتناقض. وإذا كان هذا المشكل يبدو غريبا في القرآن المترجم إلى لغة أخرى، فذلك لأن أي ترجمة لهذا النصّ لا يمكن أن تكون ما لم تنخرط مسبقا في اتجاه محدَّد من المعاني التي يمنحها النص، وإلا كانت الترجمة مستحلية.

أ. مشاكـل المعنـى:
لا نريد التطرق إلى هذا المشكل الذي يتطلب تحليلا دقيقا. وفي المقابل، نود الاحتفاظ من التقسيم المقام على نصنا بعنصرين اثنين: الوضعان الاعتباريان النحويان والصواتيان لعنصرين من مكوناته؛ يتعلق الأمر بالحرف «ما» وبكلمة «ملكين».

ب. معنـى «مـا»:
قام خلافٌ بين مفسري القرآن الكريم حول «ما» في جملة «وما أنزل على الملكين» التي ترجمت إلى الفرنسية على التوالي بـ:
– «et ce qu’on avait fait descendre, à Babylone, sur les deux Anges».
و:
– «et la science qui avait été donnée aux deux anges»,
خلافٌ أفضى إلى قيام مواقف عديدة، يمكن تصنيفها إلى موقفين:
فبحسب جماعة أولى من الفقهاء، يفيد حرفُ «ما» معنى «الذي» (وهنا أين تقع الترجمة الفرنسية)، وبالتالي، فالمقصودُ بقوله: «واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت» هو: «اتبع اليهود، في آن واحد، ما افتراه اليهود على ملك سليمان والعلم الذي أنزل على الملكين». وفي هذه الحالة سيكون السحر علما أنزله الله على الملكين، ومن ثمَّ سيكون مصدره قدسيا، إلهيا، ربانيا.
ولكن بحسب جماعة ثانية من الفقهاء، إن المكوِّن «ما» نفسَه، في النص الذي يعنينا، هو حرف يفيد معنى «لم» (وهنا أين تجد الترجمة الفرنسية نفسها مقصاة)، وبالتالي سيكون فحوى الجملة هو: «اتبعوا ما افترته الشياطين على ملك سليمان. يعلمون الناس السحر: ولم ينزل هذا العلم على الملكين»[7].

ج. اللام في «ملكيـن»
قام خلافٌ مماثلٌ حول مفردة «ملكين» في النص الذي يعنينا، إذ تمَّ التساؤل: أينبغي قراءة حرف «ل» في هذه الكلمة مفتوحا أم مكسورا؟، فانبثق عن ذلك موقفان. تبنى البعضُ (الجمهور) الموقف الأول، فقرأ الكلمة «مَلَكَين»، ليكون معناها بذلك هو «اثنين من الملائكة»، أي كائنين قدسيين (وهنا أين تقع ترجمته الفرنسية)؛ وتبنى البعض الآخر (ابن عباس وسعيد بن جبير) الموقف الثاني، فقرأ الكلمة نفسها «مَلِكَين»، ليكون معناها بذلك هو «سلطانين، أميرين»، وبالتالي رجلين أو بَشَرَين[8].
إن التأويلات الممنوحة للمكونين «ما» و«ملكين» لا تنتمي إلى نظام الاعتباط. في الواقع، كل وضع يقود إلى تبني موقف دقيق تجاه مجموعة من الأساطير والأخبار القابلة لتشكيل دعامات لفهم للنص فهما معينا. القول بأن «ما» اسم موصول وقراءة «ملكين» مَلَكَين هو تأكيدٌ لقصة سقوط اثنين من الملائكة، اسمهما هاروت وماروت، وزعمٌ بأن السحر ينحدر من أصل رباني. وعلى العكس، القول بأن «ما» حرف، وبوجوب قراءة «ملكين» «ملِكين»، هو تكذيبٌ للرواية السابقة، وبالتالي تبن لأطروحة انحدار السحر من أصل شيطاني.
وبذلك نجد أنفسنا إزاء أفقين للقراءة متعارضين، يقترحان نفسيهما لتفسير النص ذاته. يمكن التساؤل: أي اختيار يجب إجراؤه للحصول على المعنى الصحيح لما يهمنا؟ في الحقيقة، ليس هدفنا هو البحث عن المعنى «الحق» ولا الانخراط في السجالات التفسيرية، لأن ما يعنينا هو الوقوف على مختلف الطروحات المستوحاة من النص القرآني. أما الكتاب المنزل، فسيكون دائما موضوع تأويلات وإعادة تأويلات متواصلة، شأنه في ذلك شأن سائر النصوص المقدسة التي تسعى للحصول على استمرارية وديمومة[9]، وذلك لسببين على الأقل: طبيعته الرمزية، ونظام تمثيله الكتابي. فالقرآن يعرضُ نفسه باعتباره نصا قابلا للتكيف مع جميع الأزمنة والأمكنة، وبالتالي يفتح السبيل أمام تعددية من القراءات بحيث يمكن لأي واحدة منها أن تجد فيه مكانا لها. ثم إن نظام التمثيل الكتابي للنص المنزل أو للعربية نفسها، باعتبارها لغة، يترك حرية للقراءة، بمعنى أن القارئ يستطيع القيام بتجربة المعنى داخل البنية الكتابية. هذه المسألة لا تخص عربية القرآن وحدَها: «فاللغة العبرية لم تكن تكتب في الأصل إلا بالصوامت متيحة بذلك للقارئ حرية إضافة هذه الصوائت أو تلك، والتي، مع إحالتها دائما على الكلمة الإلهية، تمدّ النص بشبكة من المعاني»[10].

2. القرآن والأساطير: أساطير في أصل السحـر
من بين الأساطير التي تساق لتفسير الآية القرآنية المثبتة أعلاه، نختار ثلاثا: الأولى والثانية تحكيان كيف جاء السحر إلى العالم، أما الثالثة، فهي عبارة عن حكاية اعترافية، تروي فيها امرأة كيف تعلمت السحر على يد الملكين هاروت وماروت.

أ. ملكا بابل: هاروت وماروت
يسوق الطبري ثمان روايات لهذه الأسطورة، فيما يسوق لها ابن كثير عشرا، يتضمن السند فيها سلطات دينية كابن مسعود، وابن عباس ومجاهد، وفيما يلي إحدى هذه الروايات:
«حدثني المثنى بن إبراهيم قال: حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قال: لما وقع الناس من بعد آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله، قالت الملائكة في السماء: أي ربّ، هذا العالم إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك، وقد ركبوا الكفرَ وقتلَ النفس الحرام وأكل الحرام والسرقة والزنا وشربَ الخمر! فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم، فقيل لهم: إنهم في غيب. فلم يعذروهم، فقيل لهم: اختاروا منكم ملكين آمرهما بأمري وأنهاهما عن معصيتي. فاختاروا هاروت وماروت، فاهبطا إلى الأرض، وجُعل بهما شهوات بني آدم، وأمِرا أن يعبدا الله ولا يشركا به شيئا، ونُهيا عن قتل النفس الحرام، وأكل المال الحرام، والسرقة والزنا، وشرب الخمر. فلبثا على ذلك في الأرض زمنا يحكمان بين الناس بالحق – وذلك في زمان إدريس. وفي ذلك الزمان امرأة حُسنها في سائر الناس كحسن الزّهرة في سائر الكواكب، وأنها أتت عليهما، فخضعا لها بالقول وأراداها على نفسها، وأنها أبت إلا أن يكونا على أمرها ودينها، وأنهما سألاها عن دينها التي هي عليه، فأخرجت لهما صنما وقالت: هذا أعبد. فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا! فذهبا فغبرا ما شاء الله، ثم أتيا عليها فخضعا لها بالقول وأراداها على نفسها، فقالت: لا، إلا أن تكونا على ما أنا عليه. فقالا: لا حاجة لنا في عبادة هذا! فلما رأت أنها أبيا أن يعبدا الصنم، قالت لهما: اختارا إحدى الخلال الثلاث: إما أن تعبدا الصنم، أو تقتلا النفس، أو تشربا الخمر. فقالا: كل ما ينبغي، وأهونُ الثلاثة شرب الخمر. فسقتهما الخمر، حتى إذا أخذت الخمر فيهما وَقعا بها. فمر بهما إنسان، وهما في ذلك، فخشيا أن يُشفي عليهما فقتلاه. فلما أن ذهب عنهما السكر، عرفا ما وقعا فيه من الخطيئة، وأرادا أن يصعدا إلى السماء، فلم يستطيعا، فحيل بينهما وبين ذلك. وكشف الغطاء بينهما وبين أهل السماء، فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه من الذنب، فعجبوا كل العجب، وعلموا أنَّ من كان في غيب فهو أقل خشية، فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض – وأنهما لما وقعا فيه من الخطيئة قيل لهما: اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة! فقالا: أما عذاب الدنيا فإنه ينقطع، وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له، فاختارا عذاب الدنيا، فجُعلا في بابل، فهما يُعذبان»[11].
إذا تذكرنا أن الأسطورة حكاية تروي كيف جاءت حقيقة ما إلى الوجود، وتعلم اللغة الوصفات الطقوسية القادرة على التحكم في القوى التي تزيح عنها الأسطورة الأقنعة، ومن ثمَّ تشكل، بمحتواها، بنية دائمة ترتبط على هذا النحو بالماضي والحاضر والمستقبل[12]، إذا تذكرنا ذلك أمكننا القول إن حكايتنا لا تروي كيف جاء السحر إلى العالم فحسب، بل وتعرض أيضا صورة لما يجب أن يكون عليه هذا السحر. بهذا المعنى، فإنها لا تقص واقعا فقط، بل وتؤسسه أيضا، ترسم معالم لكيف يجب أن يكون. وكما لا حظ ذلك جيدا إدريس شاه، فإن «أسطورة هاروت وماروت توجد في أساس مجموع السحر العربي»[13]. وإذن فما السحرُ؟ وما كونُ المرء ساحرا؟
السحر أخ لإبليس، إن جاز التعبير، بمعنى أنه لا يكف عن فتنة الناس وتعريضهم للغواية. تجد هذه الفتنة أصلها عند الملكين في امرأة حثتهما على انتهاك النظام الرمزي الذي أقامه الإسلام، وذلك بأشكال ثلاثة: الزنا، شرب الخمرة، ثم الشرك بالله. في الواقع، يطابق كل فعل من هذه الأفعال الثلاثة عددٌ من الآيات التي تحظره. من ذلك مثلا:
– في الزنا: «ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا» (الإسراء، 32)؛ «الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله…» (النور، 2)؛
– في الخمر: يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون» (المائدة، 90)؛
– في الشرك: «إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا» (النساء، 116)؛
وحضور المرأة في هذه الأسطورة ليس من باب الصدفة: فالسحر كان – وسيظل – قبل كل شيء مسألة نساءٍ. سنقف على خبر يجعل من الرسول شهيدا لقي حتفه على يد امرأة، وعلى حكاية تروي كيف تجرأت سيدة أخرى على السفر إلى بابل وتعلم السحر على يد الملكين هاروت وماروت. من جهة أخرى، تحمل المرأة في هذه الأسطورة اسم الزهرة (أي الوردة)، وبتحولها إلى كوكب يحمل الاسم نفسه، ستصير رمزا للجمال، للمتع الحسية، للذة والخلاعة. وتتفق مصنفات السحر العربي الإسلامي على ضرورة إنجاز طقس سحر الحب والتهييج والجمع بين الرجل والمرأة، في ساعة الزهرة[14].
بما أن الملكين نفسيهما وقعا ضحيتين لإغراء خرق النظام الرمزي للشريعة، فإنهما لا يكفان – ولن يكفا مثل إبليس – عن تعريض الناس للفتنة متمثلة في تعليم السحر. وإذن فالساحر هو كل شخص يعقد صلاتٍ مع كائنات خفية، غير مرئية، مجسدة هنا في اثنين من الملائكة، هو شخص يجرؤ على انتهاك القواعد الأخلاقية والاجتماعية للإسلام. وسيستخلص بعض الفقهاء تعريفا مماثلا من الحديث النبوي، إذ يقول «وأما السحر الوارد في الحديث فإن المراد به الأقوال، والأفعال التي تنافي أصول الدين، وتتعارض مع الأخلاق الشرعية»[15]. ويذكر لنا القرآن مثالا عما يتعلمه الناس من الملكين: وسائل زرع التفرقة بين الرجل وزوجته، وهو ما يتعارض كليا مع أمر الإسلام للجنسين من المؤمنين بضرورة الارتباط في إطار مؤسسي يضمن التناسل والتزايد. ألم يتوجه الرسول إلى أتباعه بما يلي: «تناكحوا تكثروا، فإني أباهي بكم الأمم يوم القيامة»[16]؟ بالإضافة إلى ذلك، أن يصير المرء ساحرا بعقد علاقات مع قوى غير مرئية، فذلك طريقة في منافسة الرسول؛ أليست سلطة النبي، والغاية من وجوده، ورسالته، هي بالضبط ضمانُ وساطة بين المرئي واللامرئي، بين عالم البشر وعالم الله، بين عالم الإنسان وعالمي الملائكة والج
ن باعتبارهما فضائين محجوبين عن البشر؟
قبل أن نرى كيف يعلم الملكان الناسَ السحرَ، قد يكون من المفيد عرض الأسطورة الأخرى التي ترى أن للسحر أصلا شيطانيا.

ب. سليمان، الشياطين والسحـر
يورد الطبري سبع روايات لهذه الحكاية (فيما يورد لها ابن كثير ثلاث عشرة) التي تروي كيف أن إبليس استولى على عرش النبي سليمان، لمدة من الوقت، خلالها تمكنت الجن من تدوين وصفات السحر ونقلها لبني الإنسان. فيما يلي إحدى هذه الروايات:
«حدثني أبو السائب قال، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن المنهال، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان الذي أصاب سليمان بن داوود، في سبب أناس من أهل امرأة يقال لها جرادة، وكانت من أكرم نسائه عليه. قال: فكان هوى سليمان أن يكون الحق لأهل الجرادة فيقضي لهم، فعوقب حين لم يكن هواه فيهم واحدا. قال: وكان سليمان بن داوود إذا أراد أن يدخل الخلاء، أو يأتي شيئا من نسائه، أعطى الجرادة خاتمه. فلما أراد الله أن يبتلي سليمان بالذي ابتلاه به، أعطى الجرادة ذات يوم خاتمه، فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها: هاتي خاتمي! فأخذه فلبسه. فلما لبسه دانت له الشياطين والجن والإنس. قال: فجاءها سليمان فقال: هاتي خاتمي! فقالت: كذبتَ، لست بسليمان! قال: فعرف سليمان أنه بلاء ابتلي به. قال: فانطلقت الشياطين فكتبت في تلك الأيام كتبا فيها سحر وكفر، ثم دفنوها تحت كرسي سليمان، ثم أخرجوها فقرأوها على الناس وقالوا: إنما كان سليمان يغلب الناس بهذه الكتب! قال: فبرئ الناس من سليمان وأكفروه، حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، فأنزل ثناؤه: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} – يعني الذي كتب الشياطين من السحر والكفر – {وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا}، فأنزل الله عز وجلَّ عذرَه»[17].
تتقاطع هذه الأسطورة مع سابقتها كما تغنيها بتفاصيل هامة. هكذا، فالسحر والساحـر يكونان دائما في تعارض مع النظام الرمزي الإسلامي. لم يزيف الجن رسالة الله بواسطة السحر فحسب، بل وكذلك أحدثوا خلطا بين الدين والسحر، ألحقوا تشويشا برسالة الله، من خلال إدماجها في السحر والزعم بأنه وحي سليمان. زعمٌ لن يكف عن تهديد النبي محمد إبان نشر دعوته. ألا يعيد القرآن، في مناسبات عديدة، قولة للمشركين يتهمون فيها الرسولَ بأنه مسحور أو مجنون؟ وإذن فالمسألة مطروحة في ذلك المستوى الذي لم يكف الأنثربولوجيون عن مناقشته، ألا وهو مسألة العلاقة بين السحر والدين.
تحدد الأسطورة الحالية أصلا ثانيا للسحر، وهو الشياطين، وبذلك سيحتل السحر الشيطاني مكانة هامة في مصنفات السحر العربي الإسلامي. من جهة أخرى، وتطابقا مع المقطع القرآني الذي يرى أن السِّحر يُنُقل بطريقة التعليم، فإن السحرة العرب سيسوقون في مصنفاتهم وصفات للسحر الشيطاني ليتعلمها بنو الإنسان.
كيف ينقل الملكان معرفتهما السحرية إلى بني البشر؟ يُقدَّم لنا الجواب على شكل قصة اعترافية يمتزج فيها الواقع بالأسطورة على نحو ما كان في أزمنة البدايات، حيث «كان التواصل مع السماء (…) سهلا، وكان اللقاء مع الآلهة يتم في الواقع»[18]. تندم امرأة على فقدان إيمانها، فتسعى إلى التوبة، وتعترف لجماعة المؤمنين بأنها تعلمت السحر على يد الملكين هاروت وماروت، واصفة لهم كيفية ذلك:

ج. أسطـورة في تعلـم السحــر
كان النبي قد مات عندما قصدت إحدى النساء بيته لاستشارته حول مسألة شخصية. ولما علمت بوفاته، أجهشت بالبكاء، وردَّدت على مسمع من المؤمنين الحاضرين: إني أخشى أن يكون الله قد لعنني إلى الأبد. فيما يلي قصتها كما روتها أم المؤمنين عائشة:
«حدثنا به الربيع بن سليمان قال، حدثنا ابن وهب قال، أخبرنا ابن أبي الزناد قال، حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: قدمت علي امرأة من أهل دُومَة الجندل، جاءت تبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته حَداثة ذلك، تسأله عن شيء دَخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به. قالت عائشة لعروة: يا بن أخت، فرأيتها تبكي حين لم تجد رسول الله (ص) فيشفيها! كانت تبكي حتى إني لأرحمها! وتقول: إني لأخاف أن أكون قد هلكت! كان لي زوج فغاب عني، فدخلت عليَّ عجوز فشكوت ذلك إليها، فقالت: إن فعلتِ ما آمرك به، فأجعله يأتيك! فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين، فركبت أحدهما وركبت الآخر، فلم يكن كشيء حتى وقفنا ببابل، فإذا برجلين معلقين بأرجلهما، فقالا: ما جاء بك؟ فقلت: أتعلم السحر! فقالا: إنما نحن فتنة، فلا تكفري وارجعي. فأبيت وقلت: لا. قالا: فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه. فذهبت ففزعت فلم أفعل، فرجعت إليهما، فقالا: أفعلت؟ قلت: نعم، فقالا: فهل رأيت شيئا؟ قلت: لم أر شيئا! فقالا: كذبت لم تفعلي، ارجعي إلى بلادك ولا تكفري، فإنك على رأس أمرك! فارببتُ وأبيتُ، فقالا: اذهبي إلى ذلك التنور فبولي فيه. فذهبت إليه فبلت فيه، فرأيت فارسا متقنعا بحديد خرج مني حتى ذهب في السماء، وغاب عني حتى ما أراه. فقالا: صدقت، ذلك إيمانك خرج منك، اذهبي. فقلت للمرأة: والله ما أعلم شيئا! وما قالا لي شيئا! فقالت: بلى، لن تريدي شيئا إلا كان! خذي هذا القمح فابذري. فبذرت، وقلت: أطلعي! فأطلعت، وقلت: أحقلي! فأحقلت، ثم قلت: أفركي! فأفركت، ثم قلت: أيبسي! فأيبست، ثم قلت: أطحني! فأطحنت، ثم قلت: أخبزي! فأخبزت. فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا كان، سُقط في يدي وندمت والله يا أم المؤمنين! والله ما فعلت شيئا قط ولن أفعله!»[19].
تأتي هذه الحكاية لتقوي الفكرة المتضمنة في الأسطورتين السابقتين (حول ملكي بابل والنبي سليمان)؛ وهي أن السحر شرك بالله مادام يقع على طرف نقيض من النظام الرمزي الذي أسسه الإسلام. ولكن القصة نفسها جاءت أيضا لتصف – ولعل هنا مكمن الأساسي فيها – الكيفية التي يتمّ بها تعلم السحر على يد الملكين، مضيفة عناصر جديدة تهم حقل الخفي والكيفية التي يتدخل بها. كيف يصير المرء ساحرا؟ وما معنى أن يصير ساحرا؟
في الحكاية السابقة، رغبت المرأة في تعلم السحر على إثر غياب زوجها، وتبعا لنصيحة أسدتها إليها امرأة عجوز. ومعنى ذلك أننا إزاء توظيف للسحر في مجال «خير»، كما أمام تقويةٍ لصورة المرأة الساحرة، وبالخصوص صورة الساحرة العجوز.
أما التعلم، فتمَّ على ثلاث مراحل: الرغبة في المسارَّة، السفر إلى بلد الملكين والتفاوض معهما، ثم امتلاك القدرة السحرية. وبذلك ينطبق هذا التعلم مع خطاطة المسارة الأكثر انتشارا في العالم القديم، وتتضمن دائما «انفصالا للشخص عن العالم، المرور بتجربة كبيرة، ثم العودة إلى الجماعة بشخصية جديدة منبثعة»[20].

– اختيار تعلم السحر والسفـر إلـى بلاد الملكيـن
يُفهمُ من الحكاية أن المرأة ما كانت لتصير ساحرة لو لم تستشر العجوز. فقد تمَّت المسارة بحث من العجوز. وهذه الرسالة تأتي لتعكس وتجذر الاعتقاد المنتشر بشكل واسع في المجتمعات القديمة[21]، والذي يجعل من السحر انشغالا أنثويا. وفي أيامنا هذه، يعتبر السحر في المغرب انشغالا نسائيا بالدرجة الأولى. يقال إن النساء هن اللواتي يجرؤن على ربط صلات مع اللامرئي ومع كل ما ينتمي إلى الموت والعالم الشيطاني. في الأساطير، تتحقق هذه الصلة عبر سفر ليلي، على متن كلبين أسودين ليسا في الحقيقة سوى شيطانين. فقد ورد في الحديث النبوي أن الكلب الأسود شيطانٌ، ومروره أمام المسلم يبطل الصلاة[22].
يستخلص من مقطع قرآني أنَّ للجن قدرة خارقة على طي المسافات؛ فعندما رغب سليمان في إحضار عرش ملكة سبإ طمأنه جني بأنه قادر على تحقيق هذه الرغبة في أقل من رمشة عين:
«أيكم ياتيني بعرشها قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين، قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك» (النمل، 38-40)
مثل هذه القدرة تستثمرها الأسطورة، إذ ما مضت لحظات على إقلاع المرأتين من البيت حتى وصلتا إلى بابل. من جهة أخرى، فقد سبق للرسول نفسه أن عودنا على هذا الضرب من السفر الليلي الذي تطوى خلاله آلاف، لا بل ملايين الكيلومترات في رمشة عين، من خلال حادث الإسراء والمعراج[23].

– التفاوض مع الملكيـن
قبل أن تتعلم المرأة السحرَ جرى بينها وبين الملكين حديثٌ، هو في الحقيقة مفاوضة مستلهمة من المقطع القرآني الذي استوحته الأسطورة. قال القرآن: «وما يعلمان به من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر»، وفي الأسطورة يتكرر التحذير نفسه مرتين، كما أن الملكين لم يعلما المرأة إلا بعد أن تأكدا من إصرارها على التحول إلى ساحرة، من خلال استجابتها لشرطهما. أما نقل القدرة السحرية، فأخذ شكل تبادل أو مقايظة: التنازل عن الإيمان مقابل الحصول على القدرة السحرية. ومعنى ذلك أن السحر والإيمان لا يلتقيان.
وإذن فالسحر والدين يتعارضان. لا يمكن امتلاك أحدهما دون فقدان الآخر، ومن ثم ندم المرأة ومحاولتها استعادة إيمانها. يتوفر الأدب المسيحي على مادة غزيرة في هذا الموضوع الذي أفرد له فرويد دراسة خاصة تناول فيها حالة رسام إيطالي وقع ميثاقا مع الشيطان[24]. كما أن التمثل نفسه غزيرٌ في الكتب التي تتناول السحر الأوربي في العصر الوسيط: يصير المرء ساحرا بعد أن يوقع عقدا مع جني أو شيطان، بعد أن يتخلى عن الله، عن العذراء والمسيح، وأحيانا بعد أن يُقبل مؤخرة الشيطان متنكرا بهيأة تيس، ويدوس بقدميه صليبا أو يبصق عليه[25]. بل وستمضي بعض الكتب الإسلامية الصادرة باللغة العربية حديثا إلى تبني الطرح نفسه، إذ يخصص صاحب الصارم البتار فصلا بكامله لطرق تعاقد الساحر مع الجن والشياطين، نسوق منها، على سبيل المثال:
«الطريقة السفلية: وهذه الطريقة مشهورة بين السحرة بالطريقة السفلية (…) وتتلخص (…) فيما يلي: يقوم الساحر – عليه لعائن الله المتتابعة – بارتداء المصحف في قدميه على هيئة حذاء ثم يدخل به الخلاء ثم يبدأ في تلاوة الطلاسم الكفرية داخل الخلاء ثم يخرج ويجلس في غرفة ويأمر الجن بما شاء فتجد الجن يسارعون إلى طاعته وتنفيذ أوامره…»[26]؛
«طريقة النجاسة: وفي هذه الطريقة يكتب الساحر الملعون سورة من سور القرآن بدم الحيض أو بغيره من النجاسات ثم يقول الطلاسم الشركية فيحضر الجني فيأمره بما يريد»[27].
وفي الكويت، يقال إنه «إذا اختارت المرأة لنفسها أن تكون ساحرة، فما عليها إلا أن تأخذ خروفا وتدفنه في إحدى المقابر، ثم تزوره طيلة أربعين ليلة، وفي كل ليلة تبول عليه مرة، فإن صوت الرأس وثغا في آخر زيارة لها، ولم تخف فإنها بلغت مأربها، وتحققت أمنيتها، وصارت ساحرة، أما إذا خافت من صياحه، فإنها لا تصلح لتولي هذا المنصب»[28].
وفي المغرب، يُسمع باستمرار أن الممارسات السحرية الأشد فعالية هي تلك التي ينجزها سحرة أو ساحرات يتوضئون بالبول، ويضعون قطع براز في أفواههم، ويصلون وبهم جنابة. تقول الأسطورة بمجرد ما تبولت المرأة فوق التنور غادرها إيمانها. لقد أظهر ميرسيا إلياد أن التحكم في النار ممارسة يشترك فيها شامان المجتمعات البدائية، ومتصوفو الثقافات المسيحية على السواء: «بقدرة الشامان على احتمال النار، فإنهم يتجاوزون الشرط البشري ويشاركون في شرط الكائنات الروحية: مثل الأرواح، يصيرون غير مرئيين، يطيرون في الهواء، ويصعدون إلى السماء، ويهبطون إلى مقر أرواح الأموات»[29]. يبدو أن المرأة قد اجتازت التجربة نفسها، لكن بكيفية مقلوبة: فبدل أن تمسك النار بيديها، أو تسير فوقها، دون أن تحترق، قامت، على العكس، بإخمادها. ولعل فعل الإخماد هذا هو ما يفسِّرُ ما ترتب عنه مباشرة: مفارقة الإيمان إياها. بتعبير آخر، إذا كان التحكم في النار باعتباره بوابة إلى عالم الماوراء لا ينالُ لدى الصوفي إلا بعد المرور من تجربة ترسيخ للإيمان، فإن الساحرة المرشحة تمكنت من القفز فوق هذه المرحلة على غرار ما سيفعل السحرة الذين سيستطيعون التحكم في الجن وتسخير الشياطين بعد التبول على القرآن ومخاطبة الله بعبارات فاحشة.

– الإحـراز على القدرة السحـريـة
تجد أولُ محاولة قامت بها المرأة تفسيرها في كون القدرة السحرية، أو السلطة السَّاحرة، إنما تنحدر من اللغة التي قال عنها فرويد: «لا نستهن بالكلمة! فهي أداة للسلطة (…) حقا في البدء كان الفعل، أما الكلمة، فلم تأت إلا فيما بعد. وقد حققت الحضارة تقدما كبيرا عندما تمكَّن الفعلُ من الاعتدال إلى أن صار كلمة. لكن هذه الأخيرة كانت في الأصل سحرا، كانت فعلا سحريا، وقد حافظت على الكثير من قوتها القديمة»[30].
وهذه القدرة للكلمة على الخلق والتأثير في العالم الخارجي، تنحدر من مصر القديمة، إذ ورد في بردية آمسو قبل أن يوجد العالم لم يكن هناك إلا الواحد، وعندما حان وقت الخلق: صنع هذا الواحد فمه، «وبفمه نطق باسمه، بكلمة القدرة، فأوجد ذاته، وبزغ من المادة الأولى التي وجدت بغير شكل منذ الأزل، وكان الواحد كامنا فيها، وكان اسمه أوزيريس، جلبة المادة الأولى، ولم يكن هناك وجود لشيء قبله، ولم يكن هناك غيره، وعندما بزغ بكلمة فمه إذ نطق باسمه، صنع كل الأشياء وحده»[31].
صارت الكلمة لدى المرأة، بعد تحولها إلى ساحرة، قدرة تُخضع الأشياء أوتوماتيكيا للرغبة إذ يكفي النطق بكلمة «كن» فيكون الشيء المرغوب فيه. هكذا، وفي لحظة وجيزة، وتحقيقا لرغبة المرأة، زُرعت البذرة وصارت سنبلة ثم خبزا. نجد مشهدا شبيها في متوالية من أسطورة مالكية، تمَّ تدوينها في بلد السيرير (بالسينغال)، مما يوقف على حجم الانتشار الذي ستشهده هذه الحكاية مع منحها تلوينات ثقافية محلية طبعا:
«شـرعت العجـوز في شحـذ السكين من جديد. تمطى بانديا والي واستيقظ ثانية. قالت له العجوز: «أي شيء أزعجك يا بانديا؟»، فقال: «أريد أن أقضم ذرة يتم حصدها فورا». اتجهت العجوز نحو باب المسكن وضربت على فخذها فنزل المطر وانزرعت الذرة، ثم ضربت على فخذها ثانية فنبتت الذرة، ثم ضربت فخرجت السنبلة، وضربت من جديد فنضجت السنبلة[32].
وإذن فالسحر لم يعد تشغيلا (أو تطبيقا) لمعارف وطقوس مدونة في كتب تنحدر من الشياطين، كما تؤكد الأسطورة المتعلقة بسليمان، بل صارَ قوة تنبثق من داخل الفرد بمجرد ما يتخلى عن إيمانه ودينه، صار تحققا لكلية قوة الفكر، خاصية ملازمة للغة نفسها على نحو ما يرى فرويد عندما يؤكد: «كل سحر الكلمات ينبع من هذا الاعتقاد بكلية قدرة الفكر، مثله مثل اليقين الراسخ بالقدرة المرتبطة بمعرفة اسم من الأسماء أو النطق به»[33]. فكرة سعى مالينوفسكي إلى دحضها قائلا: «يعرف فرويد هذه الوظيفة للسحر باعتبارها إيمانا بـ “كلية قدرة الفكر” (Allmacht der Gedanken) (…) بيد أنني أقول إن تصحيحا يفرض نفسَه، وهو تصحيح تأخذه نظريتي بعين الاعتبار»[34]. ويتمثل وجه التصحيح – باختصار شديد – في قوله: «يظهر السحر المنظم دائما في مجالات الأنشطة التي يعرف فيها الإنسان تجربة عجزه البراغماتي»[35]. بيد أن هذه البراغماتية ستفضي بمالينوفسكي إلى منزلق اعتبار جميع الملفوظات اللغوية وصفات سحرية تؤدي دائما إلى التأثير في الواقع: «إن استعمال البشر أنفسهم للغة يقودهم إلى الإيمان بأن لمعرفة اسم ما، والاستعمال الصحيح لفعل ما، والاستخدام المنتظم لحرف ما، لذلك كله قدرة روحية تتعالى عن مجرد قيمته التبادلية. والطفل يمارس في محيطه تأثيرا شبه سحري، إذ يكفي أن ينطق بكلمة واحدة فيلبي الكبار حاجته»[36]. منزلق سيلاحظه تودورف، ويدحضه قائلا: «لقد كتب مالينوفسكي في معرض بحثه عن تعريف للكلمة السحرية، يغطي جميع الحالات التي لاحظها في جزر الطروبرياند، “كل طقس هو “إنتاج” قوة أو “توليدها” (…) غير أنه من الواضح جدا أن تعريفا واسعا بهذا الشكل يغطي ظواهر تنتمي إلى حياتنا اليومية ولا تصنف عادة باعتبارها ظواهر سحرية (…) فالطفل سباق إلى استعمال اللغة السحرية بدون انقطاع. “ينادي الطفل الأم أو المرضعة أو الأب، فيظهر الشخص. وعندما يطلب الطعام، فإن الأمر يتمّ وكأنه يتلفظ بعزيمة سحرية” (…) لكن إذا كانت الكلمة السحرية هي كل كلمة تؤدي إلى فعل (أو يتبعها أثر) فلن تبق آنذاك كلمة واحدة ليست سحرية»[37].
سنرى في التأملات النظرية للرازي وابن خلدون أن ما من فرد إلا ويكون ساحرا بالقوة، ويكفي أن يتعلم فيصير ساحرا بالفعل، أي شخصا قادرا على التأثير في المجالين الطبيعي والبشري. هكذا سيتم المضي إلى حد القول إن الساحرات هن اللواتي يمتلكن القدرة على تحويل البشر إلى حيوانات والحيوانات إلى بشر[38]. بهذا الصدد يمكن أن نورد المقطع التالي من ألف ليلة وليلة:
«فذهب الطواشي، وعاد معه سيدته بنت الملك، فلما نظرت إلي غطت وجهها، وقالت يا أبي كيف طاب على خاطرك أن ترسل إلي فيراني الرجال الأجانب؟ فقال يا بنتي ما عندك سوى المملوك الصغير والطواشي الذي رباك وهذا القرد وأنا أبوك فممن تغطين وجهك؟ فقالت إن هذا القرد ابن ملك واسم أبيه أيمار، صاحب جزائر الأبنوس الداخلة، وهو مسحور، وسحره العفريت جرجيس الذي هو من ذرية إبليس، وقد قتل زوجته بنت ملك أقناموس، وهذا الذي تزعم أنه قردا إنما هو رجل عالم عاقل. فتعجب الملك من ابنته»[39].
وللإشارة، فإن الإغريق بدورهم كانوا يؤمنون بالقدرة على تحول بني آدم إلى حيوانات عن طريق السحر. ففي المقطع التالي من الأوذيسة، نقف على وصف للكيفية التي حولت بها سيرسة رجال عوليس إلى خنازير:
«… ومزجت لهم خليطا من النبيذ الأحمر، فيه من دقيق الشعير والجبن والعسل. وزادت عليه عقاقير قوية، إذا شرب منها الإنسان نسي كل ما يحب. ولما شربوا ضربتهم بعصاها السحرية فمسخوا حالا، ويا للهول! خنازير لهم رؤوسها وأصواتها وشعورها الشائكة. ولكن بقيت لهم قلوب البشر في صدورهم، وجعلتهم سيرسة في زرائب، وأطعمتهم من ثمر الدفل والبلوط والشوح»[40].
حاليا، في المغرب، يُعتقد في بعض الأوساط أن الساحرة هي المرأة العجوز التي تقوى على جعل الأشياء المنزلية تتحرك وتنتقل من مكان لآخر دون أن يمسها أحد، وتقوى على إحضار الرجل الغائب، الخ. بمجرد تلفظها بكلمات معينة. كما يُنظر إلى أولئك الذين يعقدون حلقات للفرجة، يغلون فيها الماء بدون نار، أو يجمدون الماء بدون ثلج، أو يحولون الأوراق العادية إلى أوراق نقدية، الخ.، ينظر إليهم باعتبارهم سحرة حقيقيين.
انطلاقا من الأساطير الثلاث المذكورة أعلاه، سيجد جميع المعنيين بالسحر إمكانية للدفاع عن الموقف الذي يتبنونه. هكذا، فأنصار السحر سيركزون على أسطورة هاروت وماروت ويعتبرونها قصة حقيقية (ابن حجر، الطبري، الفخر الرازي، الحسن البصري)، وسيقدمون لها تبريرات عديدة. فبحسب فخر الدين الرازي، الذي يقال إنه ألف كتابا اسماه «السر المكتوم في مخاطبة النجوم»، لقد كلف الملكان بنقل السحر إلى بني البشر لأسباب ستة هي:

1 – كثرة السحرة في ذلك الزمان، وادعائهم النبوة. ولتمكين الناس من معارضة مدعي النبوة أنزل الله الملكان لتعليم الناس السحر.
2 – معرفة اختلاف المعجزة عن السحر تقتضي العلم بماهية كليهما.
3 – قد يكون السحر الموقع للفرقة بين المشركين والألفة بين المؤمنين كان مباحا في ذلك الزمان، فبعث الله الملكين لتعليم الناس السحر لهذا الغرض.
4 – وجوب تصور السحر والعلم به لكي يتأتى النهي عنه.
5 – قد تكون للجن معرفة بأنواع من السحر تفوق تلك التي للبشر، فبعث الله الملكين لتعليم الناس أمورا يقوون بها على معارضة الجن.
6 – قد يكون ذلك تشديدا في التكليف لأن الله متى علم الإنسان سبل نيل الملذات العاجلة، ثم منعه من استعمالها، كان ذلك في منتهى الصعوبة[41].

وآنذاك ستفرَد داخل السحر مكانة لما هو رباني وديني، وسيتم عنونة بعض المصنفات السحرية بعبارات تتضمن اسم الله، وعالم الروح، مثل اسم الله الأعظم[42]، والنور الرباني في العلم الروحاني[43]، والسر الرباني في علوم الفلك والروحاني[44]، والمندل والخاتم السليماني والعلم الروحاني[45] كما سيتم المضي إلى حدّ نسبة بعض المصنفات السحرية أو الدعوات السحرية إلى سلطات دينية مثل الغزالي والإمام الشافعي، وخلق سحر بكامله يقوم على أسماء الله الحسنى، والآيات والسور القرآنيتين. في المنظور نفسه، سيكون هناك سحر يمكن نعته بـ «الشيطاني» ينجز وصفاته باستخدام النص القرآني. كما سيخضع الساحر الجنَّ لنفسه بواسطة الأسماء التي كان يحكم بها النبي سليمان الجنَّ.
على العكس من ذلك، سيبدي معارضو السحر إزاء الأساطير نفسها أحد تصرفين: إما سيجدون فيها أدلة على صواب آرائهم أو سيلجأون إلى الانتقاء، وبذلك ستُعتَبَرُ قصة الملكين هاورت وماروت وقصة المسارة السحرية للمرأة الملعونة مجرد حكايتين مختلقتين، من صنيع النحال والمزيفين (رأي ابن كثير، القرطبي، الألوسي، الرازي)، فيما سيُنظر إلى قصة سليمان والجن باعتبارها قصة حقيقية. أخيرا، سيلجأ آخرون، أمثال الرازي وابن خلدون، إلى دراسة جوهر السحر والقدرة السحرية. وإلى أيامنا هذه لازال مجموعة من المؤلفات الإسلامية تتناول موضوع السحر داخل الإطار نفسه، ونعني به الإطار الذي حدَّده القرآن، والأساطير المسخرة في شرحه، دون أن تتجاوزه.
هكذا، بالمواقف العديدة التي تمنحها الأساطير، فإنها تسهِّل، بل تضمن المرور من القرآن إلى السحر ومن السحر إلى القرآن، وهي في ذلك تتيح الوقوف على البُعد الإثنوغرافي للكتاب المنزل، إذ بفضل النقاشات التي أثارتها مشكلة معاني القرآن وجدت مجموعة بكاملها من المعلومات ذات الطبيعة التاريخية والإثنوغرافية – وقسم هام من ميراث الثقافة العربية الشفهي الذي تم جمعه في عصر التدوين – وجدت لنفسها مكانة داخل المصنفات الإسلامية الجادة ككتب تفسير القرآن. نقول: تتيح الوقوف على ذلك البُعد مع عكس واحدة من مميزات اللغة العربية القرآنية، وهي أنها تسهل الانتقال من معنى لآخر يمكن أن يختلف كليا عن الأول، بل ويمكن أن يناقضه. في هذا الصدد، إذا صدقنا ابن الجوزي، فإن جماعة المسلمين كانت تشهد أحيانا نكتا تنقلب إلى مآسي. من ذلك مثلا الحكايتين التاليتين:
«حدثني حماد ابن إسحاق قال: كتب سليمان بن عبد الملك إلى أبي بكر بن حز أن “أحصِ» مَن قِبَلك من المخنثين، فصحف كاتبه فقال “أخص”، فدعا بهم [أبو بكر] فخصاهم»[46].
«عن المدائني قال: قرأ إمام ولا الظالين بالظاء المعجمة، فرفسه رجلٌ من خلفه، فقال الإمام: آه ضهري، فقال له رجل: يا كذا وكذا خذ الضاد من ضهرك واجعلها في الظالين وأنت في عافية»[47].
———
هوامــش
[1] من هذه المؤلفات، يمكن ذكر العناوين التالية: إبراهيم محمد الجمل، جذور الشر. الحسد… السحر… إبليس من منظور إسلامي، بيروت، دار الكتاب العربي، ط. I / 1985 (290 ص.)؛ أحمد حجازي السقا، علم السحر بين المسلمين وأهل الكتاب، (د. م.)، مكتبة الثقافة الدينية، 1989 (116 ص.)؛ فتحي يكن، حكم الإسلام في السحر ومشتقاته، بيروت، مؤسسة الرسالة، ط. V / 1993 (110 ص.)؛ وحيد عبد السلام بالي، الصارم البتار في التصدي للسحرة الأشرار، الدار البيضاء-جدة، المكتبة السلفية-مكتبة الصحابة، 1992 (264 ص.)؛ محمد بيومي، السحر والسحرة في الكتاب والسنة، المنصورة، 1995، (88 ص.)؛ إبراهيم محمد الجمل، السحر. دراسة في ظلال القصص القرآني والسنة النبوية، القاهرة، مكتبة القرآن، (د. ت.)، (158 ص.).
[2] بما أن هذه السورة نزلت على الرسول بعد تعرضه للسحر، فقد فضلنا إدراجها في القسم الخاص بالحديث النبوي ضمن العمل الحالي.
[3] ابن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، بيروت، دار الكتب العلمية، ط. I / 1992، مج. 1، ص. 496.
[4] تتوفر اللغة الفرنسية، إلى حدود عام 1991، على 43 ترجمة للقرآن الكريم، واختيارنا للترجمتين الحاليتين اختيار عشوائي، أملاه علينا توفرنا على نصيهما لا غير. للوقوف على بيبليوغرافيا للترجمات الغربية لمعاني القرآن، من إنجاز سعيد علوش، راجع: عبد النبي ذاكر، قضايا ترجمة القرآن، طنجة، سلسلة شراع، كتاب نصف الشهر، العدد 45، 15 ديسمبر 1998، صص. 77-82.
[5] LE CORAN, traduction Régis Blachère, Paris, G.-P. Maisonneuve & Larose, 1980, p. 42.
[6] Le Coran, traduction et préface par Kasimirski, Paris, Editions Baudouin, 1980, p. 14.
[7] ابن جرير الطبري، جامع البيان…، م. س.، مج. 1، ص. 499-500، وأبو بكر بن العربي، أحكام القرآن، القاهرة، دار الفكر، 1972، ج. 1، ص. 28، وفخر الدين الرازي، قصة السحر والسحرة في القرآن الكريم، حققه وقدمه وعلق عليه: محمد إبراهيم الجمل، القاهرة، مكتبة القرآن، 1985، ص. 174-175، وابن كثير، تفسير القرآن العظيم، بيروت، دار المعرفة، 1981، ج. 1، ص. 136-137، ود. أحمد حجازي السقا، علم السحر بين المسلمين وأهل الكتاب، م. س.، ص. 29.
[8] أبو بكر بن العربي، أحكام القرآن، م. س.، ص. 29، وفخر الدين الرازي، قصة السحر والسحرة…، م. س.، ص. 177-178، وابن كثير، م. س.، ص. 136-137، وابن جرير الطبري، جامع البيان…، م. س.، ج. 1، ص. 500.
[9] في هذا الصدد يقول إتيامبل: «إذا تعين تحديد الطبيعة المشتركة لهذه اللغات الدينية، الهيروغليفية، السنسكريتية، لاتينية الكنيسة، حصلنا على ما يلي، أو ما يقاربه: إنها لغات تتمثل وظيفتها في التعبير عن فكر مشكَّل تشكيلا نهائيا، يقترح نفسه أولا وقبل كل شيء للبقاء ثابتا». انظر:
Etiemble, «Littératures cléricales», Rymond Queneaux (Dir), Histoire des littératures, I. Littératures anciennes, orientales et orales, Encyclopédie de la Pléade, Paris, Librairie Gallimard,1955, pp. 27-43.
[10] Jean Brun, L’homme et le langage, Paris, PUF, 1985, p. 209.
[11] الطبري، جامع البيان…، م. س.، ج. 1، ص. 503. انظر كذلك: أبو بكر ابن العربي، أحكام القرآن، م. س.، ج. 1، ص. 29، فخر الدين الرازي، قصة السحر والسحرة…، م. س.، ص. 179-180، أبو محمد عبد الله اليمني اليافعي الشافعي، الذر النظيم في خواص القرآن العظيم، الدار البيضاء، مكتبة الوحدة العربية، (د.ت.)، ص. 41-42، ابن كثير، تفسير القرآن…، م. س.، ج. 1، ص. 136-137،، زكريا القزويني، عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات، تحقيق فاروق سعد، بيروت، دار الآفاق الجديدة، 1973، ص. 95-96، ود. أحمد حجازي السقا، علم السحر بين المسلمين وأهل الكتاب، م. س.، ص. 16-17، وزهير حموي، الإنسان بين السحر والعين والجان، الكويت-بيروت، دار حواء-دار ابن حزم، ط. 3، 1994، ص. 100.
[12] راجع:
– Claude Lévi-Strauss, Anthropologie structurale, Paris, Plon, 1958, t. 1, p. 231, Mircéa Eliade, Le sacré et le profane, Paris, Gallimard, 1967, p. 67, 82, Jean Brun, L’homme et le langage, op. cit., p. 86.
[13] Idriss Shah, La magie orientale, Paris, Payot, (s.d.), p. 96.
[14] معلوم أن المصنفات السحرية تقسم اليوم إلى ساعات فكلية، وتمنح كل ساعة لكوكب من الكواكب السبعة، كما تجعل كل ساعة خاصة بعمل معين من الأعمال السحرية. وهكذا، فهم جعلوا الساعة الأولى من يوم الأحد للشمس، ويعمل فيها للقبول والدخول على الملوك أصحاب الباس الشديد، والثانية للزهرة، مذمومة لا يفعل فيها شيء من الأشياء أبدا، والثالثة لعطارد، يسافر فيها ويكتب فيها لعطف القلوب، الخ. ، وجعلوا الساعة الأولى من يوم الثلاثاء للمريخ يكتب فيها للبغضة ونزف الدم والأسقام والأمراض، والثانية للشمس لا يعمل فيها شيئا، والثالثة للزهرة يعمل فيها للمحبة والزواج، الخ. انظر: داوود بن عمر الأنطاكي، تذكرة أولي الألباب والجامع للعجب العجاب، بيروت، المكتبة الثقافية، (د. ت.)، ج. 2، ص. 111.
[15] عبد الرحمان الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، بيروت، دار الكتب العلمية، 1986، ج. 5، ص. 460.
[16] الغزالي، إحياء علوم الدين، بيروت، دار القلم، (د. ت.)، ج. 2، ص. 21، وابن العديم الحلبي، الدراري في ذكر الذراري، القاهرة، دار الهداية، 1984، ص. 15.
[17] الطبري، جامع البيان…، م. س.، مج. 1، ص. 494، وابن كثير، تفسير القرآن…، م. س.، ج. 1، ص. 134، انظر أيضا: ابن العربي، أحكام القرآن، م. س.، ج. 1، ص. 26، والرازي، قصة السحر والسحرة…، م. س.، ص. 167.
[18] Mircea Eliade, Mythes, rêves et mystères, Paris, Gallimard, idées, 1957, p. 84.
[19] الطبري، جامع البيان…، م. س.، مج. 1، ص. 506، وابن كثير، تفسير القرآن…، م. س.، ج. 1، ص. 142، فخر الدين الرازي، قصة السحر والسحرة…، م. س.، ص. 48-49، إبراهيم محمد الجمل، السحر. دراسة في ظلال القصص القرآني والسيرة النبوية، م. س.، ص. 121-122.
[20] Max Guilmot, Les rites initiatiques en Egypte ancienne, Paris, Robert Laffont, 1977, p. 30.
[21] انظر على سبيل المثال:
– Edmond Doutté, Magie et religion dans l’Afrique du Nord, Alger 1908, Rééd. Paris, J. Maisonneuve et P. Geuthner, 1984, p. 33-34, et Marcel Mauss, «Esquisse d’une théorie générale de la magie», in Sociologie et Anthropologie, Paris, PUF, 1950, p. 20.
[22] صحيح مسلم، الحديث رقم 789، وصحيح الترمذي، الحديث رقم 310، وسنن أبي داود، الحديث رقم: 603. للإشارة، فإننا نستشير في هذا البحث نسختين من صحيح البخاري: إحداهما على شكل كتاب مطبوع، أثناء الإحالة عليها نذكر الجزء والصفحة، والأخرى متضمنة في موسوعة الحديث الشريف، الكتب التسعة، الإصدار 1.2، المنشورة في قرص مضغوط، وأثناء الإحالة عليها نكتفي بإثبات رقم الحديث. أما الإحالات إلى باقي الصحاح، فنسوقها من الموسوعة آنفة الذكر.
[23] حول تفاصيل هذا السفر الليلي، انظر، على سبيل المثال: صحيح مسلم، الحديث رقم 238، وسنن النسائي، الحديث رقم 444، ومسند أحمد، الأحاديث: 12047 و17164 و17165، وكذلك: ابن كثير، تفسير القرآن…، م. س.، ج. 1، ص. 38، حيث يورد المؤلف حديثا نبويا يصف فيه الرسول بالتفصيل سفره الليلي مؤكدا أنه اجتاز 7 سماوات، التقى في كل منها بنبي من الأنبياء.
[24] يتعلق الأمر بـ:
– S. Freud, «Une névrose démoniaque au XVIIe siècle», in S. Freud, Essais de psychanalyse appliquée, trad. Marie Bonaparte et Mme E. Marty, Paris, Gallimard, Idées, 1933, pp. 211-251.
أو: س. فرويد، إبليس في. التحليل النفسي، ترجمة: جورج طرابيشي، بيروت، دار الطليعة، ط. I/ 1980.
[25] انظر على سبيل المثال:
– Jean Palou, La sorcellerie, Paris, PUF, 1957, p. 16, 60, Julio Caro Baroja, Les sorcières et leur monde, Paris, Gallimard, 1972, p. 94, Josane Charpentier, La sorcellerie en pays basque, Paris, Librairie Guénégaud, 1977, p. 67.
– محمد إبراهيم الجمل، جذور الشر…، م. س.، ص. 150-151، حيث يورد المؤلف صورتين لعقدين وقعهما ساحران مع الشيطان، أحدهما يدعى (أسموديوس)، والآخر (أوربان جراندليه).
[26] وحيد عبد السلام بالي، الصارم البتار…، م. س.، ص. 69.
[27] نفسـه، ص. 70.
[28] زهير حموي، الإنسان بين العين والسحر والجان، م. س.، 1994، ص. 88.
[29] Mircea Eliade, Mythes, rêves et mystères, op. cit., p. 91.
[30] عـن:
– Jean – Jaques Winenburg, Sigmund Freud, Paris, Balland, 1985, p. 282-283.
[31] عن: شفيق مقار، السحر في التوراة والعهد القديم، لندن، رياض الريس للكتب والنشر، 1990، ص. 468.
[32] Henri Collomb, «Sorcellerie-Anthropophagie et relation duelle», in La folie, actes du colloque de Milan, 1976, Paris, UGE, 10/18, t. 2, pp. 349-377.
وقد ترجمناه إلى العربية، تحت عنوان: «السحر-الأنثروبوفاجيا والعلاقة الثنائية» ونشرناه ضمن: جماعي، أبحاث في السحر، مكناس، مطبعة سندي، 1995، صص. 65-90.
[33] S. Freud, l’Homme Moïse et la religion monothéiste, Paris, Gallimard, Connaissance de l’inconscient, 1986, p. 212.
أو (ترجمته) س. فرويد، موسـى والتوحيـد، ترجمة: جورج طرابيشي، بيروت، دار الطليعة، ط. IV / 1986، ص. 157، ومنه نقلنا نص الإحالة..
[34] Bronislaw Malinowski, Les jardins de corail, trad., Pierre Clinquart, Paris, François Maspéro, Textes à l’appui, 1974, p. 339.
[35] Ibid., p. 339.
[36] Ibid., p. 334.
[37] Tzvetan Todorov, Les genres du discours, Paris, Editions Seuil, Poétique, 1978, p. 247-248.
[38] انظر، مثلا، الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة، م. س.، ج. 5، ص. 461..
[39] ألف ليلة وليلة، بيروت، دار الهدى الوطنية، ط. I / 1981، مج. 1، ص. 63.
[40] Homère, l’Odyssée, Paris, Gallimard, 1949, p. 149.
أو: هوميروس، الأوذيسة، ترجمة: عنبرة سلامي الخالدي، بيروت، دار العلم للملايين، 1983، ص. 121. ومنه نقلنا المقطع الحالي.
[41] قصة السحر والسحرة…، م. س.، ص. 181-182.
[42] عبد الفتاح الطوخي الفلكي، بيروت، المكتبة الشعبية، (د.ت.)
[43] عبد الفتاح الطوخي الفلكي، بيروت، المكتبة الشعبية، (د.ت.)
[44] السيد الحسيني الفلكي، (د. م.)، مطبعة النصر. علما بأن هذا المؤلف تلميذ للطوخي الفلكي.
[45] للإمام الغزالي، جمع وتأليف عبد الفتاح السيد الطوخي، بيروت، المكتبة العلمية الفلكية، (د. ت.)
[46] عبد الرحمان بن الجوزي، أخبار الحمقى والمغفلين، بيروت، دار الفكر العربي، ط. I / 1990، ص. 99.
[47] نفسـه، ص. 108.

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الثلاثاء 04-09-2012 03:45 صباحا

الاخبار العاجلة