هوامش في السحر: 03 – الأب المسحور أو بين مطرقة الزَّوجَة وسندان الخليلة

2٬989 views مشاهدة
هوامش في السحر: 03 – الأب المسحور أو بين مطرقة الزَّوجَة وسندان الخليلة

يعتبر السِّحْر واحدا من الممارسات التي تطالها رقابة مزدوجة في المغرب: فالإسلام يرى فيه ردة وكفرا، والحداثة تختزله إلى ممارسة مخجلة أو مظهر للسذاجة والشعوذة. غير أن فيما وراء هذا النَّبذ – المكرَّس على مستوى البحث أيضا – يمكن طرح تساؤلات عدة منها: لماذا يلجأ فردٌ مَّا إلى السِّحر؟ أي شيء يودُّ التعبير عنه شخصٌ ما عندما يؤكد أنه مسْحُور؟ أي أنواع الخطاب يستدعي الشخص المسحور لإعطاء شكل لأزمته؟
كيف يتخلص منها؟ ماذا تمثل الممارسات السحرية في المغرب الراهن؟ من هو السَّاحر؟ هل هو و«زبائنه» أو «ضحاياه» مرتدّون وكفّار، سذَّج ومشعوذون بالقدر الذي يُرَدَّد؟ أي شيء تمسُّه هذه المعتقدات السحرية في الأرتذكسيين والحداثيين، على السواء، إلى حد أنهما يتواطآن ضمنيا في إدانة هذه الظواهر؟…
لا ترمي التأملات التالية إلى الإجابة عن مجموع هذه الأسئلة، وبالمقابل ستعرضُ حالة أزمة تعرض للسحر، كما صاغتها ابنتان للضحية، مع محاولة الكشف عن مرتكزات الخطاب السِّحري في هذه القضية وما يحاول كلٌّ من المسحور ووسَطُه أن يرمزان إليه باستدعاء هذا الخطاب.
سيغيب في الحالة المعروضة هنا الفـرقـاء المعنيون مباشـرة بالسِّحر (وهم المسْحور وزوجته والفقيه السَّاحر). فدور الإخبار قامت به ابنتان للضحيـة (الأب حريـري)(1)، اللتـان قصتا علينا الحكـايـة نفسها: الأولى ناديـة، عمرها 22 عاما، طالبة بكلية الآداب بالرباط، رَوَت الحكاية لتجيب عن السؤال الملح الذي يدشِّنُ كل علاقة بين الباحث ومخبريه، وهو هل السِّحـر موجود أم لا؟(2)، والثانية عائشة، عمرها 24 عاما، طالبة أيضا في المؤسسة نفسها، حكت روايتها لتأكيد رواية أختها. الأختان معا أكَّدَتا لنا أنه لو لم يكن أبوهما هو الذي تعرَّض شخصيا للسِّحر لما خطر على بالهما أنهما سيصدقان، في يوم من الأيام، بوجود السِّحر. فكيف تمَّ ذلك؟
1. تحــول غامـض ومفـاجـئ
كان الأب «حريري» يعامل أبناءه بخشونة نظرا لمعاناته من مرض عصبي يتطلبُ التردد على الطبيب كل أسبوعين. وكانت فظاظته تتضاعف عندما يأتي بعض أقاربه من مدينته الأصلية لقضاء بضعة أيام عنده. ونتيجة لقساوته، فإن لا أحد من أبنائه كان يجرؤ على الجلوس بجانبه أوقات الأكل، لأنه إن يفعل لن يفطن إلا وقد تلقَّى صفعة قوية دون أن يعرف السَّبب. ومع ذلك، لم تكن عائلته تؤاخذه على سلوكه ذاك لأنها كانت تعتقد أنه غير مسؤول عن فظاظته، كان قاسيا رغم أنفه، بسبب مرضه. والدليل على ذلك هو أنه كان كلما ضرب أحد أبنائه أحسَّ بالندم فيما بعد، كما تحكي نادية: «يضربك، لكنه سرعان ما يشعر بالندم الشديد، فيأتيك طالبا الصفح عنه، ثم يعطيك نقودا، بل ويبكي أحيانـا. وعندمـا يكـون سعيـدا، يقبلك من الوجنتيـن ويقـول لك: آيللِّي (= أحبيبتي)(3)»…
لكنه تغيَّر فجأة، فأصبح في منتهى الطيبوبة وصموتا لدرجة أن زوجته وأبناءه انتابتهم شكوك، فأخذوا يتساءلون عما إذا كان يخفي نية سيئة وراء صمته ذاك، خاصة وأنه لم يعد يعير أي اهتمام لدراسة أبنائه وكفَّ عن معاقبتهم. ثم بدأ يعود متأخرا إلى البيت. ولم يخطر ببال أحد أن وراء ذلك التحوُّل كانت امرأةٌ، لأن الأب كان يصلي، ولا يتردد سوى على أماكن ثلاثة: البيت، والمسجد، ومكان العمل.
غير أن ابنه الأصغر، عمره سبعة سنوات، شاهده ذات يوم وهو جالسٌ في مقهى صحبة امرأة ترتدي جلبابا أبيض علامة على كونها أرملة في وضعية حداد. لم يكن الأب يتكلم مع المرأة فحسب، بل كان أيضا يلمس يديها بين الفينة والأخرى. وبمجرد ما نقل الطفل الخبر إلى أمه تعرفت العائلة على المرأة المعنية: إنها عائشة أرملة صديقه أحمد الذي كانت تربطه به صداقة حميمية جدا «من الروح للروح».
قبل أن يموت أحمد، على إثر مرض عضال، كان الأب حريري هو الذي يتولى نقله إلى المستشفى على متن سيارة العمل. وأثناء احتضار أحمد «شبّك يده فيدُّو» (أمسك بيد الأب حريري)(4)، ثم ترك له الوصية التالية، حسب رواية نادية:
«أنا خلِّيت اولادي في يد الله وفيدك. اعطيني عهد الله يلا ما تهل فيهم بعدما نموت» / (لن يعتـن بأبنائي بعد موتي إلا الله وأنت. عاهدني بالإحسان إليهم بعد موتي).
وحسب رواية عائشة، فقد قال أحمد:
«ها عار الله يلا ما تهللا فولادي بعد ما نموت، راهم فعنقك، وأنا تنعتبرك بَّاهم الثاني» / (أناشدك الله أحسِن إلى أبنائي بعد موتي. هم أمانة في عنقك، وأنا أعتبرك بمثابة أب لهم بعد موتي).
وعملا بهذه الوصية، تكفل الأب حريري نفسه بمصاريف الطقوس الجنائزية بعد موت أحمد، وأخذ يتردَّدُ يوميا على بيت الميت لتفقد أحوال أبنائه، وبذلك كانت له فرصة اللقاء المتواصل بعائشة.
باستحضـار هـذه المعطيات، اعتقدت العائلة أن الأب كان يتصـرَّف بمحض إرادته، ولذلك ما أن عاد إلى المقهى حتّى أخذ أبناؤه وزوجته في لومه وتوبيخه مرتكزين، في ذلك، على «حجج» دينية أخلاقية، «عقلانية»، إذ قالوا له: «لا الله ولا المنطق السليم سيغفران لك ما أنت بصدد فعله. أنت تخون روح صديقك. ثم إن مثل هذا السُّلوك قد يصدر من شاب طائش ولن يصدر أبدا عن رجل مثلك، في الخمسين من عمره، فضلا عن أنه رب عائلة وأبُ أبناء وبنات…»
تظاهر الأب بالتأثر لهذا الكلام، فكف عن التأخر في العودة إلى البيت، لكن لما تتبع أبناؤه خطواته اكتشفوا أنه ظل يتردَّد على عائشة خفية، فافترض الجميع آنذاك وجود شيء ما يجبره على الارتباط بتلك المرأة، وقرَّرت الأم أن تزور عرَّافة (شوافة).
2. العـرافـة تفســر وتنصـح:
اغتنمت الأم وابنتاها فرصة غياب الأب فاستشرنَ عرَّافة. قالت لهن: «هو (الأب) الآن مسافر. وقد جَرَتْ له حادثة سير، لكنها ليست خطيرة. وحدها السيارة لحقتها بعض الخسائر. وإني أراه مسحورا من قِبَل امرأة. فليفتِّشْ منزلها، سيجد فيه السِّحر. إني أرى هذه المرأة تعمل كل ما في وسعها (من سحر) كي تأخذه لكم بصفة نهائية».
بمجرد ما عاد الأب إلى البيت نقلت له زوجته نبوءة العرَّافة، فتبدت صحيحة، ولذلك قرَّر الأب تفتيش منزل عائشة بحثا عن السحر. وبالفعل، اغتنم فرصة غيابها فقام بذلك، وإذا به يجد السحر مدفونا تحت «زليجة» في غرفة النظافة. لقد دلَّته على مكانه ابنة عمة لعائشة أكدت له بدورها أن هذه الأخيرة كانت تتردَّد على «الفقهاء» لتأخذه من أبنائه وزوجته. حمَل الأب حريري السِّحر إلى بيته وأراه للجميع: قطعة قصب مختومة بشمع، وبداخلها مشاق من شعر الأب، وشعيرات من أشفاره، وأجزاء من أظافره، وخيطا بطول قامته، ثم قطعة جلد من حذائه.
وسيمَكِّن كل من نبوءة العرَّافة والسِّحر المعثور عليه آل حريري من فهم مسألتين لم يعيروهما أهمية من قبل، وذلك على شاكلة ما يسميه المحللون النفسانيون بـ «الأثر البعدي (أو المؤجل أو اللاحق) ((l’après coup، الذي يشيع استخدامه من قبل فرويد «في علاقته بمفهوم الزمانية والسببية النفسيين: إذ تنقح التجارب، والانطباعات والآثار الذاكروية لاحقا انطلاقا من التجارب الجديدة، ومن العبور إلى درجة أخرى من النمو. وقد يسبغ عليها عندها معنى جديدا وفعالية نفسيـة في آن معا»(5).
المسألة الأولى تتعلق بمعنى التحذير الذي كان أحمد قد وجَّهه للأب حرير أثناء احتضاره. فقد قال له بشأن زوجته عائشة: «نوصِّيك ردّْ بالك من هذ الحرامية راها تقدر تلعب بك» / (أوصيك بالحذر من هذه الشريرة، فهي قادرة على أن تجعل منك لعبة (أو قادرة على الإيقاع بك)).
فبحسب عائلة حريري – وهذا ما لم يتضح إلا بعد إصابة الأب بالسحر – لما كان أحمد يتلفظ بهذا الكلام إنما كان يؤكد ضمنيا أنه كان على علم بخيانة عائشة إياه. فقد كان يعود إلى البيت ويجدها رفقة رجال لا يعرفهم، ومع ذلك لم يكن يقوَ على قول أي كلمة لأن عائشة كانت تسحره. وفي الاتجـاه نفسه أكَّدت بنتا حريري أن أحمد قد يكون لقي حتفه من جرَّاء سحر قاتل دسَّته له في الطعام (توكال).
أما المسألة الثانية، فتتعلق بالحدث الثاني: قبل أن تكشف نادية أن أباها مسحور لاحظت ذات يـوم أنه عاد إلى البيت وحذاؤه قد اقتُصَّت منه قطعة صغيرة دون أن يفطن. نبَّهَته للأمر، لكنه لم يأخذ كلامهـا مأخذ جدٍّ. قالت له: «انظر، لقد أخذوا قطعة من جلد حذائك، دون أن تفطن، وكأنهم يريدون أن يسحروك».
بعدما تأكد الأب من أن عائشة سَحرته قرَّر أن يضع حدا لعلاقته بها، كما قرَّر أن يحتفظ بالأشياء (عناصر السِّحر) التي عثر عليها في منزلها، باعتبارها دليلا على سوء نيتها، ثم قال: «إن تسحرني مرة أخرى أضربها حتَّى تشرف على الموت، ثم أحمل هذه الأشياء إلى الشرطة وأسجل شكاية ضدها». وبمجرد ما قطع الأب زياراته لعائشة استرجع اهتمامه ببيته، فكف عن الدخول إليه متأخرا، وأخذ يستفسر أبناءه عن دراستهم. وإذا كانت هذه العودة إلى حالة ما قبل التعرض للسحر قد تمَّت دون استدعاء أي عرَّافة أو فقيه لممارسة طقوس إبطال السِّحر، فذلك لأن عناصر السِّحر، حسب الاعتقاد الشائع في المغرب، تكف عن الفعل – أو تبطل فعاليتها – حالما يعثر عليها المسحور.
3. عـــودة السحــــر
بعد مدة، جاءت امرأة تخبر زوجة حريري بأن عائشة قد سحرت الأب من جديد. وإذا كان علمه بهذا النبأ غير مؤكَّد في روايتي ابنتيه، فالثابت عندهما أنه زَارَ عائشة في اليوم نفسه (يوم وصول النبأ) مدشنا مرحلة جديدة في علاقته بها. هكذا ففي الأيام الموالية لم يعد يزورها يوميا فحسب، بل وصار يبيت عندها باستمرار دون أن يكثرت لأسرته، صار يعود إلى بيته مقررا أن يقضي الليلة فيه، لكن ما تصل ساعة متأخرة من الليل حتَّى يستيقظ ويتهيأ للالتحاق بالمرأة المعنية. وكلما وجَّه له أبناؤه أو زوجته لوما أجاب: «بصراحة، شيء ما يرغمني على زيارتها. لا أستطيع استعادة الإحساس بالراحة إلى بعد رؤيتها».
للتخلص من عائشة ستقوم أسرة حريري، هذه المرة، بمسعيين مختلفين: الأول انصبَّ على إبطال سحر الأب. ولتحقيق ذلك زار الأب نفسه عدة عرافات و«فقهاء»، لكن دون جدوى. بل إن زوجته وابنتاه هن الأخريات كنَّ يتردَّدن على عدد من مشاهير مزيلي السحر، لكن دون أي نتيجة أيضا. عن تلك المرحلة تحكي نادية:
«كنا نضع له “حروزا” داخل وسادته، فينساها (=عائشة)، لكن ما تمر بضعة أيام حتى يزورها. وأخيرا اقتنعنا بأننا كنا نبذر النقود هباء، ولذلك قررنا العدول نهائيا عن استشارة «الفقهاء» والعرَّافات، لأنها (=عائشة) ساحرة كبيرة».
لقد كانت الساحرة المزعومة، بحسب روايتي ابنتي الضَّحية، تستمد سلطتها السِّحرية من ابن خالٍ لها يعدُّ من الفقهاء «العفاريت». كان يأتي من منطقة سوس (الكائنة جنوب المغرب) إلى الرباط خصِّيصا ليمارس طقوسه السحرية لفائدة ابنة أخته. وبما أن تدخٌّلاته السحرية فعالة جدا، فقد انتهى به الأمر إلى تحقيق شهرة كبيرة جدا بمدينة الرباط، حيث لا يتمكن من الاستفادة من عمله اليوم إلا البرجوازيون نظرا لكونه لا يفعل ذلك إلا مقابل مبالغ مالية كبيرة، تتراوح بين 3000 و000 10 درهم. ولإثبات فعالية هذا الفقيه روت ابنتا الضحية حكايات كثيرة عمَّا ناله أفرادٌ بفضل تدخلاته السِّحرية. من ذلك، مثلا، أن فتاة لثغاء وذميمة انقلبت من مجرد «عاهرة» تعمل سكرتيرة عادية بإحدى الشركات إلى أم للطفلين، وهي تمتلك الآن إقامة فخمة وسيَّارة، وتشغل سائقا، الخ.، بعد أن تزوجت بأحد الأغنياء بفضل زيارتها الفقيه المذكور.
أما المسعى الثاني، فقد ركَّز على ممارسة عنف كلامي وجسدي ضد السَّاحرة عائشة. في ذلك الوقت كانت نادية، بتشجيع من أمها، تذهب إلى عائشة وتغرقها بالشتائم والنعوت المُخجِلَة على مرأى ومسمَع من الجيران: كانت تقذفها بـ «العاهرة»، و«الساحرة»، و«سارقة أبٍ له خمسة أبناء»، الخ. وفي إحدى المرات لم تتردَّد في ضربها. وبمثابة ردِّ فعلٍ قامت عائشة بسحر نادية نفسها، فعانت هذه الأخيرة من «فَيْضَة» (نزيف في الرَّحم) طيلة عشرين يوما زارت خلالها عددا من الأطباء دون أن يعثر أي واحد منهم على أعراض مرض مَّا، فلم تجد الشفاء إلا على يد فقيه كتَبَ لها حجابا ينبغي تجديده مرة واحدة كل سنة. بعد هذا الحدث، قررتْ نادية ألا تجازف مرة أخرى بمحاولة التفريق بين أبيها وخليلته لأن هذه الأخيرة ساحرة كبيرة.
بما أن المسعيين السَّابقين آلا إلى الفشل، فقد استقرت قضية الأب حرير في الوضع الحالي:
– الأب أعلنَ عجزَه عن هجر خليلته / ساحرته. فبعد فشله في إبطال سحرها انتهى إلى الاستسلام لها والكف عن التفكير في سحره. أكثر من ذلك شَرَعَ في مطالبة زوجته بالسَّماح له بالزَّواج بعائشة، وتهديد ابنتيه الكبيرتين، نادية وعائشة، بعدم الموافقة على زواجهما ما لم يتزوج هو نفسه بخليلته.
– أما الأم والأبناء، فبعد فشلهم في إزالة سحر الأب، عقب تجريب جميع الوسائل، انتهوا إلى الاعتراف بالوضع الاعتباري للأب بوصفه مسحورا، أي قبوله كما هو، وإلى فقدان أي أمل في التفريق بينه وبين خليلته.
والملاحظ أن الروايتين معا (المحكيتين من قِبل ابنتي الضَّحية) لا تحدِّدان عدد العرَّافات والفقهاء الذين تمَّت استشارتهم لتخليص الأب من سحره ولا نوعية الطقوس التي استُعمِلَت لهذا الغرض. لم يكن هذا التَّحديد ضروريا في نظرهما. والواقع أن تأكيد المسحورين نسيانهم الزيارات والطقوس التي قاموا بها سابقا يجد تفسيره في أمرين: ففي مجال إزالة السحر، ما يهم الضحية هو النتيجة التي سيتم الحصول عليها بعد العمل، ولذلك سرعان ما ينسى المسحور تفاصيل سيرورة خلاصه من سحره. ومن جهة أخرى، يعتبر هذا النِّسيان وسيلة لتجنب التعرض لتهمة الاشتغال بالسحر. فبحسب الاعتقاد السَّائد في المغرب، وبلدان عديدة،: «من يعرف وصفات سحرية يمكنه أن يمارس السِّحر (أو هو ساحرٌ بالأحرى)».
تقدم أسرة حريري تفسيرا مزدوجا لفشلها في إزالة سحر الأب: فمن جهة، رب بيتهم ضحية لفقيه متمكن جدا من سحره، فضلا عن أنه معنيٌّ جدا بتدخله (السحري)، ذلك أنَّ صلة قرَابةٍ تجمعه بعائشة. ومن جهة أخرى، إن عائشة نفسها سَحرتْ الأب باستعمال وصفات تتضمن عناصر ذات فعالية دائمة كالماء والصابون اللذين استُعمِلا في غسل الميت. عن هذا الجانب تقول نادية: «يُقالُ إن ذلك (الماء والصابون) يقتل اليَدَ، ولذلك لم يعد أبي يقوى بتاتا على رفع يديه لضربنا». أما عن رفض الأسرة السَّماح للأب بالزواج من خليلته فيُفسَّرُ في روايتي ابنتيه بأمرين: أولهما الخوفُ من قتل عائشة إياه بواسطة سحر مميتٍ مثلما قد تكون فعلت بزوجها الميت. أما الثاني فلكون عائشة أرملة أمّ لخمسة أطفال، أكبرهم لا يتجاوز عمره 11 عاما. وإن تتزوَّج ثانية تُحرَمُ من راتب المعاش الذي تتقاضاه عن موت زوجها. متى تمَّ ذلك صار الأب حريري ربَّ أسرة تتكون من زوجتين و12 طفلا…
4. بيـن سنـدان الـزوجـة ومطـرقـة الخليلـة
يمكن التساؤل الآن عمَّا يحاول الأب حريري التعبير عنه أو إخراجه (من إخراج: mise en scène) حينما يصرح بأنه مسحورٌ. لماذا فشلت جميع محاولات إزالة سحره؟ لماذا يؤكد عجزه عن فراق خليلته مع أنه يعلم أن علاقته بها علاقة محرمة وغير قانونية؟(6) لماذا يرفض أبناؤه وزوجته السماح له بالزواج بها لكي تصبح علاقته بها علاقة قانونية ومحللة؟
من المفيد ملاحظة أن قضية الأب حريري تتضمن اللحظات الثلاث التي تتكون منها كل أزمة تعرض للسحر كما حدَّدتها جان فافري سعادة(7)، وهي:
أ) لحظة خسارة مع السعي إلى إيجاد تفسير لها، ينتهي بتعيين مسؤول عنها (ساحر)؛
ب) لحظة إبطال السحر: تتميز بممارسة طقس أو عدة طقوس يُفتَرَض مبدئيا أن تفضي إلى اللحظة الثالثة، وهي:
ج) خلاص الضَّحيـة.
تميَّز دخول الأب لمرحلة الخسارة بحدثين هامين، هما: القلب الذي أصاب صورته داخل عائلته، ثم إقامته علاقة معاشرة حرَّة (concubinage) مع امرأة.
فقبل أن يسحر الأب كان، بما يمارسه من عنف كلامي وبدني، يجسد صورة الأبي الحقيقي كما ترسمها التقاليد(8). لكنه كفَّ عن ذلك بمجرد ما تحوَّل إلى شخص صموت. كأنه تأنَّث، إن جاز هذا التعبير. أكثر من ذلك، فقد سمح لنفسه بارتكاب فعل لا تقبله التقاليد الثقافية المغربية ولا العقيدة الإسلامية. فإذا كانت الأولى لا تعترف بأي علاقة بين الجنسين خارج مؤسسة الزواج، فإن الإسلام يدرج هذه العلاقة في خانة الزنا الذي يقول عنه عبد الوهاب بوحديبة: «الزنا نقيض النكاح (الزَّواج)، وبذلك فهو محرَّم تحريما صارما: لقد خصَّه القرآن بسبع وعشرين آية على الأقل. جاء في سورة الإسراء: “ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا”. أما في سورة النور فقد اعتبرته الآية الثالثة شكلا من أشكال الوثنية الخالصة…»(9).
وقد استدعت العائلة حريري السِّحر أساسا لتفسير هذه الخسارة المزدوجة؛ السوسيو-عائلية والدينية-الأخلاقية التي لحقت بالأب. ينخرط هذا التفسير، كما صاغته العرَّافة، في سجلَّين: أحدهما تمثلات الحبّ في التقليد الثقافي المغربي، والآخر تصورات الإسلام المتعلقة بالسحر. لقد خاطبَتْ زوجة الضحية وابنتيها: «أبوكم سحرته امرأة تعمل كل ما في وسعها كي تأخذه منكم». وبالفعل، يلتقي التقليد الثقافي المغرب مع الإسلام في الاعتقاد في قدرة السحر على خلق علاقة بين شخصين بينهما تقابل جنسي، لكن بينما يطلق التقليد المغربي على هذا النوع من العلاقات اسم «الحب» يطلق الإسلام عليها اسم «التأخيذ».
للتخلص من هذه المواقف يُبيح الإسلام اللجوء إلى السحر، بل ويقدم حتى الوصفات الضرورية لهذا الغرض. من ذلك، مثلا، ما أورده ابن كثير عن القرطبي عن وهب أنه قال: «يؤخذ سبع ورقات من سدر فتدق بين حجرين ثم تضرب بالماء ويقرأ عليها آيات الكرسي ويشرب منها المسحور ثلاث حسوات ثم يغتسل بباقيه فإنه يذهب ما به، وهو جيد للرجل الذي يؤخذ عن امرأته»(10).
وبذلك تدخَّلت اللحظة الثانية، في أزمة حريري، التي تضمنت ثلاث حركات اثنتان منها تطابقتا مع التعاليم الدينية.
وإذا كانت جميع مساعي تخليص الأب من سحره قد باءت بالفشل، فذلك يرجع لسببين: أولهما كونه ضحية ساحرين يجسدان صورتين للساحر على نحو ما صاغته أساطير الإسلام: صورة الساحر باعتباره شخصا يحكم الجن والشياطين باستخدام معرفة يتلقاها عن طريق التعلم. ووراء هذه الصورة نجد أسطورة ما يمكن تسميته بـ «الأصل الشيطاني للسحر»، التي تقول إحدى رواياتها إن الشياطين اغتنموا فرصة إطاحة إبليس بالنبي سليمان لردح من الوقت، فألفوا كتبا في السحر، ثم دفنوها تحت عرشه حتَّى إذا مات أخرجوها للناس فتوارثها هؤلاء ومنها يتعلم الناس السحر إلى اليوم(11).
الصورة الثانية للساحر تجعل منه امرأة شريرة، ووراء هذا التمثل نجد ما يمكن تسميته بـ «الأصل الرباني للسحر» التي ترى أن الله أوكَلَ للملكين هاروت وماروت مهمَّة تعليم السحر للناس، لاختبار إيمانهم. وبهذا الصَّدد يسوق الطبري وابن كثير رواية امرأة سافرت إلى بابل على ظهر كلب أسود، ثم أجرت مفاوضات مع الملكين هاروت وماروت، فعلماها السِّحر(12).
أما السبب الثاني، في فشل إبطال السحر الذي يعاني منه الأب، فيعود إلى كون ساحريه يرتبطان بقرابة فضلا عن كونهما معنين معا بنتائج طقوسهما السحرية. ففي المغرب يسود الاعتقاد بأن عدم فعالية طقوس السَّاحر لا تعود إلى افتقاره إلى معرفة عميقة بالسِّحر بقدر ما تعود إلى غشه في إنجاز الطقوس، وذلك إما لكونه غير معني مباشرة بنتائجها أو لكونه لا يغامر بربط اتصال مع الجن خشية ما قد يترتب عن ذلك من عواقب وخيمة قد تصل إلى حد الموت. ويغذِّي هذا الاعتقاد عددٌ لا نهائي من الحكايات الرائجة حول فقهاء اختَطفهم الجنّ أو ألحقوا بهم عاهات جسدية أو أفقدوهم عقولهم، الخ. بسبب تجرؤهم على تطبيق بعض الوصفات تطبيقا حرفيا.
عندما يتعرض شخصٌ مَّا من ريف المايان بفرنسا للسحر، ثم يزور عددا من مزيلي السحر للتخلص من أزمته، ولا يصل إلى نتيجة، فإنه يستدعي مفهوم القوة (Force) لتفسير ذلك الفشل، فيؤكد أن ساحره أقوى من مزيلي سحره، ولذا يبحث عن مبطلٍ للسحر (désensorceleur) أكثر قوة من ساحره، قادر على إرجاع الضربة بضربة أقوى. وطوال خضوع هذا الفرنسي المسحور لتكفل مزيلي سحره يتجنب بعناية شديدة نظر ساحره وكلامه ولمسه(13). أما في المغرب، فالوضع مختلف تماما. السَّحرة ومبطلو السحر، على السواء، يعزون فعالية طقوسهم إلى «قوة»، لكنهم لا يزعمون أبدا امتلاك قدرة التحكم فيها نظرا لأنها صادرة عن الله، ومن ثمة غياب علاقة ثنائية (بين الساحر والمسحور أو مبطل السحر) شبيهة بتلك التي نجدها في فرنسا أو رومانيا أو إفريقيا السوداء(14). إن كانت هناك علاقة مَّا ثنائية في المغرب، فإنها تتمُّ دائما في مستوى غير سحري يتيح للمسحور أن يسوي حسابه مع الساحر باللجوء إلى عنف كلامي، بل وحتَّى جسدي في بعض الأحيان، دون أن يخشى عواقب ذلك. فقد رأينا كيف هدَّدَ الأب حريري بـ «ضرب ساحرته إلى أن تشرف على الموت»، وكيف لجأت إحدى ابنتيه إلى شتم ساحرته، بل وإلى ضربها أيضا. إذا كان المسحور لا يفكر على الإطلاق في خوض حرب سحرية ضد ساحرته، فلأنه يخشى إثارة غضب الله باستثمار سلطته في هدف شرير.
وراء ارتباط الأب حريري بخليلته/ساحرته يوجد أمران: التعارضٌ الوجداني (ambivalence) القائم دوما بين القانون والخرق، واستدعاءٌ للاعقلاني، بمعنى محاولة الانفلات من رقابة العقل للحفاظ على بعض المعتقدات والسحرية الدينية وعلى رغبة مَّا. فهو لم يكن يعتبر وضعه غير عادٍ ولم يفكر في جعل حدٍّ له إلا عندما كان يستحضر العقيدة والقواعد الأخلاقية والقانونية.
نستعمل القانون في هذا السياق بالمعنى الذي يمنحه إياه جلبير غرانغيوم وغ. روزولاطو، وهو: «تجسيد نظام بالقياس إليه يمكن للفرد أن يجد مكانا له ويتحدَّد باعتباره هوية»؛ «علاقة معترف بها مع ما يمكن انتهاكه، وبالتالي فهو يطرح بلا انقطاع مسألة الانتهاك»(15). والقانون، بهذا المعنى، ينبثق من ثلاثة أمكنة، هي: الدخول إلى اللغة باعتبارها عالما رمزيا، وظيفة الأب عبر إواليتي أوديب ومنع غشيان المحارم(16)، ثم حدوث قطيعة داخل العلاقة الانصهارية بين الفرد ومُتَخيَّله من خلال تدخُّل طرف ثالث هو الاسم(17).
يقدم الإسلام، بإباحته تعدد الزوجات، الحل الأمثل لقضية الأب حريري، لكن عاملين حالا دون هذا الحل: الأول مادِّي. فدخله المتواضع لن يتيح له تأمين حاجيات أسرة ستصير مكونة – لو فعل – من زوجتين و12 طفلا. أما العامل الثاني فيبدو في الظاهر عائليا، لكنه يرتبط في العمق بما يمكن تسميته «رقابة الحداثة» مُعَبَّرا عنه برفض عائلة حريري الترخيص له بالزواج من خليلته. فتعدد الزوجات في المغرب ظاهرة في طريق الانقراض، خاصة في المدن الكبرى. لكن آل حريري باحترامهم قانون الحداثة هذا (الذي يمنع تعدد الزوجات) كانوا ينتهكون قانونا آخر، هو قانون الإسلام الذي يبيح تعدد الزوجات ويحرم المعاشرة الحرة.
في معرض تحليل العلاقة الموجودة بين الرغبة وصيغة «أعرفُ جيِّدا…، ولكن مع ذلك…» تؤكد جان فافري أنَّ: «مانوني علمنا كيفية استجلاء برهان نموذجي للتعبير: “أعرفُ جيدا…، ولكن مع ذلك…” يأتي لإلغاء الاعتراف (باستحالة تحقيق الرَّغبة) مباشرة بعد وضع هذه المسألة في عبارة “أعرفُ جيدا”»(18).
وفي الاتجاه نفسه، يمكن القول إن الأب حريري، بخرقه المزدوج، إنما يحاول التعبير عن – أو إخراج (mise en scène) – رغبة مَّا: كل شيء يتم وكأنه يقول: «أعرف جيدا أنَّ لا الدين ولا القانون يبيحان علاقتي بعائشة، ولكن مع ذلك ثمة شيء ما يرغمني عليها: إنني مسحور»؛ أو «أعرفُ جيدا أنني لن أستطيع الزواج منها، لكن مع ذلك سأظل مرتبطا بها». ويبدو أن هذه الرغبة تجد سندها في الاعتقاد في سلطة السحر اللامحدودة، باعتباره نفيا لكل قانون، وفي الاعتقاد في سلطة الموتى. وبخصوص هذه النقطة، يشيع الاعتقاد في الأوساط التقليدية بالمغرب بأن الموتى يبقون على صلة بعالم الأحياء، الأمر الذي عاد خطابٌ علميٌّ ما ليؤكده(19). فهم – بحسب هذا الاعتقاد – من عالم الماوراء يشاهدون ما يجري في الأرض ويحملون مشاعر الرضى أو الغضب تجاه أقاربهم ومعارفهم. بهذا المعنى، قد يكون الأب حريري ضحية للكلمة – الوصية التي تركها له صديقه أحمد لحظة احتضاره، إذ قال له: «ستكون أبا ثانيا لأبنائي بعد موتي». من هذا المنظور، إذا كان الأب يؤكد عجزه عن فراق عائشة، فذلك لكونه يخشى عواقب إثارة مشاعر الكراهية في صديقه الميت، خاصة أنه لم يأخذ الكلمة-الوصية السابقة باعتبارها صيغة مجازية، بل باعتبارها حقيقة سعى لترجمتها حرفيا على أرض الواقع. في هذا المستوى تكون الكلمة-الوصية حقَّقت هذه السلطة السحرية التي يتحدث عنها فرويد قائلا:
«لا نقلل من شأن الكلمة! فهي أداة للسلطة (…) حقا، في البدء كان العمل، أما الكلمة فلم تأتِ إلا فيما بعد. وقد حققت الحضارة تقدما كبيرا عندما تمكَّن الفعلُ من الاعتدال إلى أن صار كلمةً. لكنها كانت في الأصل سحرا، كانت فعلا سحريا، وقد حافظت على الكثير من قوتها القديمة»(20).
أخيرا، بين الأب وجماعته العائلية تواطؤ – غير معلنٌ علنه – على إخراج هذا الجانب الذي تنفي به الثقافة أساسَها نفسَه وتزوِّد به أفرادها على شكل تعاليم يسميها جورج دوفرو «أنماط الاستعمال الخارجة عن العرف والشَّرع» أو «أنماط السلوك السَّيِّء». فهو يرى أن الثقافة تسمح بهذه الاستعمالات والسلوكات المقنَّنَة داخلها مُسبَقا، للأفراد الواقعين تحت وطأة شدة(21). في هذا السِّياق، يتم كل شيء كأن الجماعة تقول للفرد المعني: «لا تفعل كذا، لكن إذا فعلتَه فيجب أن تفعله على هذا النحو»(22). على المنحى نفسه، يمكن القول: عندما تتبنى أسرة حريري سلوكا مزدوجا إزاء الأب (الاعتراف بعلاقته غير الشرعية بعائشة مع رفض السماح له بالزواج منها)، فإن كل شيء يتم وكأنها تقول له: «لا ترتبط بخليلة ولا تتزوج بامرأة أخرى، لكن إذا فعلتَ فقل إني مسحور». وهذا الأمر له مرتكزه في الثقافة المغربية التقليدية. ولربما كان المقطع التالي من أغنية شعبية يلخص حالة الأب حريري:
«امراتـي وصاحبتـي
عجبونــي بجـــوج

هـــــذي كواتني
هـــذي شـواتني

ما نبـراش»(23)

(زوجتي وخليلتــي
كلتاهمــا تعجبـنـي

حب هذه يكوينــي
حــب تلك يشـويني

لــــن أشفى أبـدا)

(نشرت هذه الدراسة في مجلة العرب والفكر العالمي، العدد 13-14، ربيع 1991، صص. 197-205.)
——-
هوامــش
(1) حرصا على كتمان هوية الأشخاص الواردين في هذه الحالة غيرنا أسماءهم بأسماء مستعارة.
(2) سبق أن تناولنا هذا السؤال ضمن دراسة «هل السحر موجود؟» المنشورة في الكتاب الحالي.
(3).آيللي: كلمة بربرية، وترجمتها الكلمة الموضوعة بين معقوفين.
(4) هذه الإشارة صيغة لإعطاء عهد أو ميثاق في الأوساط التقليدية المغربية، ويتعلق الأمر فيها بإمساك كل من المتعاقدين كف الآخر مع تخليل الأصابع في ما بينهما. وتنطوي هذه الحركة الجسدية على بعدين: أحدهما دنيوي، يتمثل في وجوب التزام الطرفين بما تعاهدا عليه، والآخر قدسي (أو ما ورائي)، وينطوي على اعتقاد في تعرض المخل بالميثاق لعقوبة من قبل قوى غيبية.
(5) Jean Laplanche et J. – B. Pontalis, Vocabulaire de la psychanalyse, Paris, Presses Universitaires de France, 1967, p. 33.
أو: جان لابـلانش وج. ب. بونتاليس، معجم مصطلحات التحليل النفسي، ترجمة د. مصطفى حجازي، بيروت، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، الطبعة الثانية 1987، ص. 138. وعنه نقلنا المقطع السابق.
(6) يدرج القانون الجنائي المغرب هذا النوع من العلاقات في إطار الفساد، ويعاقب عليه بالسجن، إذ ورد في الفصل 490 من القانون الجنائي ما نصه: «كل علاقة جنسية بين رجل وامرأة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر إلى سنة». وباعتباره هذه العلاقة جنحة غير ضبطية، يمكن للمحكمة أن تعوض الحبس بغرامة نافذة تصل إلى 5000 درهم.
(7) Jeanne Favret -Saada, Les Mots, la Mort, les Sorts; la sorcellerie dans le Bocage, Paris, Ed., Gallimard, 1977.
(8) حول العنف باعتباره أحد مظاهر سلطة الأب في المجتمع التقليدي، يمكن العودة إلى:
– Gilbert Grandguillaume, «Père subverti, Langage interdit», Peuples Méditérranéens, N° 33, Oct.-Déc., 1985, pp. 163-182..
وقد ترجمناه ضمن كتاب: جلبير غرانغيوم، اللغة والسلطة والمجتمع في المغرب العربي، مكناس، الفارابي للنشر، 1995، صص. 107-133.
(9).Abdelwahab Bouhdhiba, La sexualité en Islam, Paris, P.U.F, Quadrige, 1975, p. 25
(10) ابن كثير، تفسيـر القـرآن العظيـم، بيروت، دار المعرفة، 1981، ج1، ص. 148.
(11) أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، جامع البيان في تأويل القرآن، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1992، المجلد الأول، صص. 493-496، وابن كثير، م. س.، ص. 135-136.
(12) لطبري، م. س.، ص. 506، وابن كثير، تفسير القرآن العظيم، م. س.، ص. 141-142.
(13) Jeanne Favret -Saada, Les mots, la mort les sorts, op. cit.
(14) بخصوص فرنسا، يمكن العودة – بالإضافة إلى كتاب جان فافري سابق الذكر – إلى:
– Dominique Camus, Pouvoirs sorciers. Equête sur les pratiques actuelles de la sorcellerie, Paris, Editions Imago, 1988.
– Dominique Camus, Paroles magiques. Secrets de guérison; les leveurs de maux aujourd’hui, Paris, Editions Imago, 1990.
أما عن إفريقيا السوداء، فيمكن الإشارة بصفة خاصة إلى دراستين. أولهما أجريت في السودان، والثانية في السنيغال. يتعلق الأمر بـ:
– E.E. Evans Pritchard, Sorcellerie, Oracles et Magie chez les Azandé, Paris, Ed., Gallimard, 1972.
– Henri Collomb, «Sorcellerie-anthropophagie et relation duelle», La folie, actes du colloque de Milan 1976, t. 2, Paris, UGE (10/18), 1977, pp. 349-377
وقد ترجمنا الدراسة الأخيرة (السحر-الأنثروبوفاجيا والعلاقة الثنائية) ضمن مجموعة من الدراسات تحت عنوان، أبحــاث في السحر، مكناس، مطبعة سندي، 1994، صص. 65-90.
(15) انظر على التوالي:
– Guy Rosolato, Essais sur le symbolisme, Paris, Gallimard, 1969, p. 42.
– جلبير غرانغيوم، «الأب المقلوب واللغة الممنوعة»، م. س.
(16) (prohibition de l’inceste): تترجم تارة برهاق وتارة بـ «سفاح». حول الاقتراح الأول، انظر: ترجمة: حسن قبيسي لكتاب إريك فروم، اللغة المنسية، البيضاء-بيروت، المركز الثقافي العربي، ط.I / 1992، ص. 181، وحول الاقتراح الثاني، راجع ترجمة: حسين قبيسي نفسه لكتاب كلود ليفي ستروس، الإناسة البنيانية، البيضاء-بيروت، المركز الثقافي العربي، ط I / 1995، ص. 421، حيث يورد المترجم أرقام كافة الصفحات التي ورد فيها هذا المصطلح؛ ترجمة المعرب نفسه لكتاب جاك لومبار، مدخل إلى الإثنولوجيا، البيضاء-بيروت، المركز الثقافي العربي، 1996، ص. 384، حيث يسجل المعرب صفحات تردد المصطلح نفسه. والمقصود بمنع غشيان المحارم قاعدة كونية تقتضي من كل فرد الامتناع عن إقامة علاقات جنسية مع لائحة من الأقارب يختلف محتواها باختلاف الثقافات. ويترتب على خرق هذه القاعدة وقوع الفرد المنتهك تحت طائلة عقوبات شديدة.
(17) ج. غرانغيوم، «الأب المقلوب واللغة الممنوعة»، م. س.
(18) Jeanne Favret -Saada, Les mots, la mort les sorts, op. cit., p. 82-83.
(19).Sigmund Freud, Psychanalyse et médecine, Paris, Ed. Gallimard, 1948, p. 101.
(20) Jean-Jacques Wunenburger, Sigmund Freud, Paris, Ed. Balland, 1985, p. 282-283.
(21) Stresse: مصطلح كنا نترجمه آنفا بـ «الضيق»، ونتبنى حاليا الترجمة التي يقترحها كل من «معجم الثقافة النفسية لمصطلحات علم النفس»، الصادر ضمن مجلة الثقافة النفسية، مركز الدراسات النفسية والنفسية – الجسدية، بيروت، العدد الثاني عشر، المجلد الثالث، تشرين الأول، 1992، صص. 122-137، و«معجم الثقافة النفسية لمصطلحات الطب النفسي»، الصادر في المجلة نفسها، العدد الحادي عشر، المجلد الثالث، تموز 1992، صص. 117-152.
(22) Georges Devreux, Essais d’ethnopsychiatrie générale, Paris, Ed. Gallimard, 1977, p. 32.
(23) أغنية للثنائي الشعبي بناصر أوخويا وحادَّة أوعكِّي تحت عنوان: ألْعسَّاسَة» (العَسَس أو الحُرَّاس).

الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الخميس 13-09-2012 06:57 مساء

الاخبار العاجلة