أشباه قصص – البحث عن الذهب1. صوت الحساء الكوني في قلبي

1٬293 views مشاهدة
minou
أشباه قصصسردمؤلفــــات
أشباه قصص – البحث عن الذهب1. صوت الحساء الكوني في قلبي

التاسعة صباحا. المكان المستشفى. فرحتُ، لأني وصلتُ أخيرا قبل الموعد بكثير؛ لم يكن سبب تأجيل راديو القلب وقياس المجهود البدني، في الزيارتين الفارطتين، هو فقط اكتظاظ القاعة بالمرضى الزوار، بل كذلك، وربما أساسا، عدم مناسبة التوقيت لإجراء هذا النوع من الفحوصات، إذ سيُؤثر على برنامج القاعة بكامله:
– الأفضل أن تعود يوم الثلاثاء باكرا على الساعة التاسعة والنصف، إذا لم يكن لديك مانع!، قال الطبيبُ يوم الأربعاء الفارط.
دخلتُ قسم أمراض القلب والشرايين، فإذا بالقاعة مرتاحة لا تئن من كثرة الزوار؛ اتجهتُ صوبَ موظفة الاستقبال، كانت قد فرغت للتو من إخضاع أحدهم لفحص التخطيط، وأثناء خروجها تركت باب القاعة مفتوحا، فإذا بالمريض الذي فرغتْ من تخطيط قلبه للتو يلوحُ وهو يكمل ارتداء ملابسه: كان رجلا مسنّا، في حوالي منتصف الستينات، أتت حقول الشيب على رأسه كاملا، انهمكَ في دس قميصه الداخلي الأبيض في السروال بحركات أبدته، وهو واقفٌ بجانب الستار الذي يحجبُ سرير إجراء تخطيط القلب، كأنَّه يتهيأ للخروج من ماخور ضاقت غرفه عن استيعاب زبائن فقسَّم القائمون عليه كل غرفة إلى عدة مقصورات، لا يفصل الواحدة عن الأخرى سوى ستار من الثوب! ألا إن أكثر الأمكنة تباينا في الظاهر لأشد تشابها في الباطن! بدت الموظفة، وهي خارجة من القاعة، كأنها تقول Au suivant تماما كما نادت عاهرات جاك بريل زبائنهن الموالين في أغنيته «في ميناء أمستردام» «Dans le port d’Amsterdam»، بل ذلك بالضبط هو ما قالته موظفة المستشفى بالذات بعد إنهاء حديثها معي، لكنها أدت نداءها بلحن ومعنى مختلفين عن ترديد جاك بريل للازمة نفسها في أغنيته الآنفة…
Blabla بيني وبين الموظفة. الطبيب غير موجود هذا الصباح. Blabla أخرى، فهمتْ الموظفة لماذا ضرب لي الطبيبُ موعدا في الصباح، مع أنه لن يحضر إلا في الزوال ليستقبل المرضى، وأدركتُ سرَّ نصيحته بالمجيء باكرا. كان موجودا في الطابق الثاني من العمارة المجاورة، يُمارسُ التوليد بطريقة شامان قبائل الهنود الحمر الذي أفرد له ليفي ستروس فصل «الفعالية الرمزية» من كتابه «الأنثروبولوجيا البنيوية» (الجزء الأول)؛مثلما يفاوض الشامان الإله المسؤول عن خروج الأجنة من أرحام أمهاتهم أحياء بعد طول المخاض وعُسره، و يفاوض الطبيب شبح الموت المتربص بالراقدين في قسم العناية المركّزة، من خلال رعايتهم التي لا تختلف في شيء عن العناية ببذرة الحياة المزروعة في أنبوب اصطناعي، بل ربما بحرص أكبر ما دام حظ خروج المريض من العناية المركزة حيا وحظ خروجه منها ميتا يستويان، هذا الحرصُ هو سر وصل جسد كل من يرقد هناك بعدد من الأسلاك الكهربائية الموصولة بدورها بأجهزة تعرض في شاشاتٍ أدقَّ تفاصيل ما يجري في جسد المريض، وسرّ حصر الزيارات في وقت مضبوط ووجيز يكتفي الزوار فيه بالإطلال على قريبهم أو صديقهم من نافذة زجاجية تقع في ممر يقع في الجهة الأخرى من البناية… باستثناء الطبيب والممرضات وعاملات النظافة وعامل إحضار وجبات الطعام، لا يحق لأي كان أن يدخل إلى الغرفة. ومن دخل، لضرورة قصوى، فإنه لا يفعل إلا وقد ارتدى قبعة وبذلة وحذاء من الثوب أو البلاستيك حرصا على راحة المريض ومنعا لأي عدوى! يقضي الطبيبُ حصة عمله الصباحية في تفقد المرضى، فيأمر بإجراء هذا التحليل الطبي أو ذاك على هذا المريض، إعطاء هذا الدواء أو ذاك للمريض الآخر، نقص كمية الأكسجين أو زيادتها للمريض الثالث، وما إلى ذلك. كلٌّ وما قالتْ شاشته. لا مجال لأقل إهمال أو تقصير؛ فالموت متربص بكل من في داخل هذا الرحم الكبير. جلستُ في أحد الكراسي المصطفة قبالة باب هذا الجناح أنتظر أن يخرج الطبيب ليلتقط أنفاسه أو يمتثل لأمر إحدى الأرواح التي استغرق في مفاوضتها في الداخل…
بين الفينة والأخرى، كان يخرج عاملان يقودان عربة تحمل مريضا أو مريضة؛ هذا في غيبوبة، وتلك تفتح عينها بالكاد. بمحاذاة بعض العربات، كان يتحرك قضيبٌ حديدي عُلقتْ فيه زجاجة للتغذية عن طريق الحقن بالسوائل… هذا المريض إلى قسم الجراحة، وذاك إلى القسطرة، هذا إلى التصوير بالأشعة وتلك إلى جناح الرٌّقود، بعد خروجه من دائرة الموت سليما، وما إلى ذلك. ولم تكن تلك الأجساد الممدودة المحمولة سوى دنان عُتّق فيها العجزُ والوَهنُ إلى أن فتح شهية الموت الذي يعرف وحده أيها سينتقي ويحتسي، كما كتبتُ لاحقا في أحد الإدراجات:
الموتُ ووَهنُ الجسَدِ وعجزِه سيفانِ مُسلَّطـانِ على الإنسانِ ينتهيانِ بإسقاطِه طالَ الزَّمنُ أم قصُرَ؛ منْ لم يمرَض أو يَمُتْ صَغيرا يتهاوَى جسَدَهُ في الكبَر ويُمحَى كهْلا عَجوزاً!…
أما العمال الذين يدفعون العربات، فكانوا يبدون لامبالاة تامة بمن يدفعون. هذا يشير إلى ذاك بيد، والآخر يغرق في محادثة زميل أو زميلة له، بصوت خفيض يزاوج بين الابتسام الناتج ربما عن تبادل نكتٍ حتَّى… فلفرط إدمان حمل الأجساد المتعبة المنهكة ودفعها وجرها وحملها ووضعها، انتهى بهم الأمر إلى الاعتياد على ذلك كما يعتاد بائع الخضر سياقة عربته في الأزقة والطرقات… ومع ذلك، فهدوء المكان وهندسته يفرضان هيبة وخشوعا استثنائيين تبديانه مثل معبد، إذ انكسر الزمن نفسه وتوقف. يكفي أن يرتدي كل من في المكان ملابس سومرية أو فرعونية، وأن تُستبدل العربات الحديدية بأخرى خشبية… وها نحنُ في القرون الخالية التي لم نبرحها بعد، في الواقع، كما كتبتُ في إدراج سابق:
في الواقع، من سومَر إلى أيامنا هذه لا شيء تغيَّر، بل نحن سومريون من حيثُ أننَّا لا نفعَلُ سوى مواصلة بناء ما بدأوه، لكن بإيقاع أكبر: نكتبُ، نبني مُؤسَّسات، نشيدُ شبَكَات، نضاعفُ التخصُّصات…
خرج الطبيبُ، بابتسامته وتحيته المعهودتين، حرر المطلوب. عدتُ إلى البناية الأخرى.

*
*     *

في شبابيك الأداء، blalba شبه سوريالية مع الموظفة كادت أن تفضي إلى تأجيل الزيارة إلى الأسبوع القادم لولا تدخُّل العمّ الحاسوب الذي حسم التلكؤ بتسجيل إصابة النصر، وها أنا جالسٌ في البناية الأولى بغرفة الانتظار لإجراء الراديو، لكن بجوار من؟ البنت التي قال طالعها الأسبوع المنصرم إنها ركبت سفينة الأحلام مع أحدهم، وتوغلت في البحر أكثر مما يجب، فإذا بها في قعر المحيط. ها هي نفسها جالسة في الكرسي نفسه الذي جلست فيه يوم الأربعاء السابق: جميلة، أنيقة بالملابس نفسها، (سروال دجين أزرق وقميص صوفي أسود)، والشفتين المزينتين بطلاء الشفاه الأحمر القاني، وشعر الرأس الأسود القصير، والوجه المحمر دون أن يُفصح عمَّ إذا كانت حمرته بسبب البكاء أم بمساحيق التجميل. الفرق الوحيد بين هذا الصباح وذاك هو أنها جاءت وبرفقتها بنت أخرى احتجبت بالطريقة التركية، فبدت بنحافة جسدها كعارضة أزياء متنكرة في هيئة ناسكة: سروال أزرق داكن اتسع أقصى طرفاه السّفليان إلى أن صار يبدو كتنورة طويلة فضفاضة، قميصٌ علوي قصُرَ والتصق بالجسم إلى أن صرَّحَ بممتلكات الصدر والظهر والذراعين كاملة، فولارٌ أطبق على شعر الرأس، لكنه زهد في الوجه وأذن لفنون المساحيق بالسفور..
خرجتُ إلى بهو المستشفى لاقتناء فنجان كابوتشينو من آلة الخدمة الأوتوماتيكية. ومع أنَّ العملية لم تستغرق أكثر من حوالي دقيقتين، فسرعان ما علا صوتان داخل القاعة: موظفة الاستقبال تقول:
– فلان، أين فلان؟
والطبيب يعيد:
– فلان، أين فلان؟؟
قلتُ وأنا ألج القاعة مهرولا:
– ها أنا! ها أنا!
ابتسم الطبيبُ وقال مداعبا:
– أين كنت أ السي فلان؟ منذ الصباح ونحن نناديك، فما ظهر لك أثر…
بادلته المداعبة بأخرى، صافحته بحرارة، دخلنا الغرفة، ثم توالت أوامره:
– اخلع ملابسك!
– تمدَّد فوق السرير!
– تمدد على جنبك الأيسر لا الأيمن!
ثم أمسكَ بيده اليمنى مجسا في رأسه شِبه كرة مطاطية، وطفق يضعه في أنحاء شتى من القلب ومحيطه، في حين انشغلت يده اليسرى بتشغيل أزرار جهاز موصول بحاسوب وشاشة أبديا الآلة كمقصورة قيادة طائرة أو سفينة فضائية. يضع الطبيب المجسَّ بيده في صدري، وهو يطيل الإنصات ويرى في الآن نفسه ما تعرضه شاشة الحاسوب. بين الفينة والأخرى يخرج صوتٌ قادم من بعيد، شبيه بأصوات تقليب موجات المذياع، قدَّرتُ أنَّ الصوت كان يخرج من جسدي، وأنه لم يكن سوى بقية من بقايا غليان حساء الكون البدئي الذي نظَّرَ له العالم كاموف Gamow في منتصف القرن الثاني واكتشفه العالمان بنزياس Penzias وولسون Wilson حوالي عقدين بعد ذلك… لم أتفاجأ لذلك، إذ افترضتُ في إدراج سابق أننا بقايا كواكب ونجوم:
إذا صحَّ أننا مِن غباَر السَّماء أتينَا، من السِّليسْيوم ومن سَديم نجمْ كبير انفجَر منذُ حوالي أربعة مَلايير ونصْف مليَار سنة جئنا، وأنَّنا نحملُ في أجسَادنا بقايا النّجوم، كان ما نقومُ به ونتكلَّمُ به كلُّه أفعالٌ وأقوالٌ صادرة عن الكواكب والنجـُوم.

 

*
*      *

خلعتُ عني بقايا الحساء الكوني، ثم صعدتُ مجدَّدا إلى بناية أجنة الأنابيب، حيث تركتُ الطبيبَ مستغرقا في مفاوضة المسؤول عن كل نطفة رقدت هناك، بغاية إقناعه بإخراجها حية. أريتُه نص تفسير الحساء الأولي، أمر بالاتجاه إلى إحدى القاعات، تبعتني ممرضتان. داخل الغرفة المغلقة، باشرت إحداهما قراءة تراتيل الطقس والقيام بحركاته التمهيدية، في حين وقفت الثانية تراقبُ المشهد صامتة كمومياء محنطة. قالت مُزاولة الطقس:
– اخلع ملابسك!
ثم انهمكت في وصل ما يُشبه أقطابا كهربائية بأنحاء شتى من صدري وبطني، مع وصل رؤوسها بأسلاك كهربائية مرتبطة هي الأخرى بحاسوب، ثم لفت حول ساعدي الطرف الأول لجهاز قياس ضغط الدم الموصول طرفه الثاني هو الآخر بالحاسوب عبر شريط كهربائي… طرحتْ بضع أسئلة، أفضت الإجابة عنها إلى تنشيط ذاكرتها وذاكرتي: هي تعرفت عليَّ وتذكرت جيدا أني كنتُ قضيتُ أسبوعين هنا بقسم العناية المركزة، في حين تذكرتُ صديقي محمودا ميري الذي نام هو الآخر في الغرفة نفسها التي رقدتُ فيها، وخرجتُ منها حيا بينما غادرها هو ميتا، مع أنَّ وعكته كانت أقل حدَّة من نوبتي. سألتُ الممرضة:
– هل تتذكرين محمودا؟
– من هو محمود؟
قصصتُ عليها حكايته، أجابت:
– للأسف، لا!
دخل الطبيبُ، سألته:
– أتتذكر محمودا؟
– محمود؟ من هو؟
حكيت له القصة، استمع بانتباه شديد، ثم عقب:
– لا للأسف الشديد!
ثم أضاف:
– رحمه الله!
أيقنتُ أنَّني لو كنت أنا الذي خرجتُ من وعكتي ميتا، وكان محمود هو الذي خرج حيا، وكان هو الذي يخضع الآن لاختبار المجهود البدني بدلا منِّي، ثم سأل الممرضة والطبيبَ:
– أتتذكر(ي) أسليـم؟
– لا، من هو أسليـم؟
– هو صديق لي، وصفه كذا، عمره كذا، [وما إلى ذلك]. رقد أسبوعين في قسم العناية المركزة، بجناح القلب، في الغرفة نفسها التي رقدتُ فيها، لكنه غادرها ميتا، في حين خرجتُ منها حيا!
– للأسف لا! رحمه الله!
بدأ الطقسُ فعليا، مشيءٌ، ثم مشيٌ، فهرولة، فجريٌ، فوق البساط الكهربائي المتحرك الذي يزيد الطبيبُ سرعة دورانه تدريجيا وهو مستغرق، في الآن نفسه في قراءة ما تعرضه الشاشة، وفي قياس ضغط الدم بين الفينة والأخرى والمرأتان في أقصى درجات اليقظة والتأهب، ربما تحسبا لأقل حركة غير عادية قد تفضي إلى عياء فانهيار، ثم سقوط، فيكون المآل مجددا هو مناداة عربة، وهيَّا إلى الرحم الكبير، كما طار بي إليه صديقيَّ سعيد بنـﮕراد وجعفر عاقيل يومَ داهمتني الضربة المفاجئة وأسقطتني…

*
*     *

الساعة الواحدة بعد الزوال وبضع دقائق. قلتُ:
– يستحسن أن آخذ وجبة الغداء في مطعم المستشفى لكي أربح الوقت، وأعود إلى المنزل مباشرة، وأشرع في كتابة هذا النص الذي وقع هو الآخر نطفة في ذهني، منذ أخذتُ القطار في محطة القنيطرة، وأحطتُ نموه وتطوره بكامل الرعاية والعناية داخل أنبوبه الاصطناعي في رأسي…
اكتظ المطعم عن آخره بثلاث فئات: شباب وشابات في مقتبل العمر يبدو أنهم ممرضون وممرضات طلبة، وهم الأغلبية الساحقة، زوارٌ أتوا لعيادة أقاربهم وأصدقائهم، وهم قلة، ثم حفنة من عمال المستشفى وعاملاته، وهم أقل. وفيما أنا أتناول الغذاء في مائدة بركن قصي من القاعة، ها هو محمود ميري يلوح لي، واقفا مع المصطفين. رغم أنه كان مشيحا وجهه إلى الجهة الأخرى فعيناي لم تخطئاه؛ كان هو نفسه: محمود بقبعته الرياضية الزرقاء، وشعره الأشيب القصير المتدلي تحت حواشيها، وسروال دجينه الأزرق، وقميصه الأزرق المخطط بالأبيض، وحذائه الرياضي. راودتني فكرة أن أقوم، وأمسِكه من خلف كما كنتُ أفعل في مثل هذه المواقف قبل أن يرحل إلى الضفة الأخرى، لكني خشيتُ إزعاجه. قلتُ:
– فلأتركه بسلام داخل غيابه. إن يرغب في لقاء أحد مَّا مجددا، فسيُمسك بصوانه، ويستدير إلى القاعة ويستغرق في البحث عن مقعد. آنذاك سيشاهدني لا محالة أو أناديه، وسنتدبر أمر الحصول على مقعد، فيجلس بجواري، ونتناول وجبة الغذاء معا كما تناولناها مرارا في بعض مطاعم المدينة.
لكن العكس هو ما حدث، ما إن استلم وجبته من إحدى عاملات المطبخ حتى أخذ وجهة الباب، وانصرف دون أن يلتفت إلى الوراء. ترك الأحياء لشؤونهم، وانصرف لشأنه. خرج من باب القاعة، واختفى تماما…

*
*     *

أخذت قطار العودة من محطة الرباط أﮔدال. كانت المقصورة شبه فارغة. في محطة الرباط، التحقت بمقصورتي امرأتان إحداهما في منتصف الثلاثينات مرتدية ملابس عصرية جميلة وأنيقة، كاشفة شعر رأسها، طالية وجهها بفنون من مساحيق التجميل، في حين كانت مرافقتها امرأة شبه سمراء وضعت على رأسها فولارا ولفت جسدها بشبه رداء. على عكس ما توقعتُ، جلست الأنيقة بمحاذاتي تماما، عن يميني، بينما جلست المحتجبة قبالتي. انطلق القطار، وبمدى توغله في السير اتضحَ أن صدفة السفر وحدها هي التي جمعت المرأتين، وأن أيا منهما لم تكن تعرف الأخرى أو ترافقها. خرج القطار من تلوث مباني المدينة، أخرجتْ جارتي مصحفا صغيرا واستغرقت في قراءته، صحتْ ذاكرتي، فإذا بالمرأتين هما البنتان اللتان كانتا صباح اليوم في قاعة الانتظار بقسم أمراض القلب والشرايين:
المرأة التي ارتدت الملابس العصرية هي البنت التي أفصحت قراءة طالعها عمَّ ألمَّ بها، يومَ كانت شابة في الأسبوع الماضي، وصباح اليوم. والمحتجبة هي رفيقتها عارضة الأزياء التي كانت قد تنكرت صبيحة يومنا هذا وراء اللباس التقليدي…
(انتهى)

الاخبار العاجلة