م. أسليـم: الوسائط الحديثة وإشكالية تدريس اللغة العربية

1٬153 views مشاهدة
م. أسليـم: الوسائط الحديثة وإشكالية تدريس اللغة العربية
1.السياق العام للمشكلة: أزمة مدرسة اليوم
تعيش المدرسة في عالم اليوم، وفي الأقطار كافة، وضعا صعبا جراء الانتقال الجاري تحت أعيننا من اعتماد الورق حاملا للذاكرة والثقافة الإنسانية، وضمنها المواد التعليمية، إلى ظهور أقطاب متعددة للقيام بالعملية ذاتها، تتمثل أساسا في الوسائط الحديثة التي بلغت ذروتها مع إطلاق شبكة الأنترنت في مستهل تسعينيات القرن الماضي كما في اضطلاع أصحاب رؤوس المال والأعمال بالأدوار التقليدية التي كانت تقوم بها مؤسسات الهوية، وفي مقدمتها المدرسة[1]؛ « اليوم التعليم هو في السؤال. يصبح أكثر صعوبة للتدريس. هناك صراع بين زمن التلفزيون وزمن العالم التي يمضي بشكل متسارع وبين زمن المدرسة. هناك أزمة للسلطة»[2].
مظاهر الوضعية الصعبة تتمثل على الأقل في جانبين:
الأول: كون المؤسسة التعليمية لم تعد الناقل الأول للثقافة والقيم، أي لم تعد تحتكر وظيفة النقل الثقافي الذي يشكل أحد الأركان الأساسية للهوية (الركن الآخر هو اللغة الأم التي يتلقاها الطفل في العائلة ومحيطه المباشر)، فإلى جانب المدرسة هناك الآن القنوات التلفزية والمذياع وشبكة الأنترنت، الخ.، ما يجعل الطفل والتلميذ يتلقيان معارف وقيما متنوعة ومتعددة تختزل نظيرتها المتلقاة في المؤسسة التعليمية إلى مجرد صوت ضمن أصوات عدة. بتعبير آخر، ظهر اليوم منافسون عديدون لواضعي البرامج التعليمية والمقررات الدراسية والمدرِّس والكتاب المدرسي.
أما الجانب الثاني، فيتمثل في عدم مواكبة المدرسة للتغييرات التي الجارية بفعل الثورة الرقمية على صعيدين:
– التقنية: إذ توفر هذه الثورة أجهزة (هاتف، كاميرا رقمية، حاسوب، شبكة أنترنت، الخ.) لرقمنة الذاكرة والواقع المادي وبثهما في وقت وجيز جدا، وبكميات هائلة، خارج إكراهي الزمن والمكان. هذه الأدوات جعلت الإنسان المعاصر – والطفل جزء منه – يعيش في عالم غارق في الصورة والصوت والحركة animation. في المقابل لا تزال المدرسة إلى اليوم وفية لتقليدها الخطي وما باتَ يُعْرَفُ بحضارة الكتاب الذي لا يتردد الكثيرون في تأكيد أننا بصدد الخروج منها[3]. الكتاب ليس باعتباره مجرد حامل مادي فحسب، بل وكذلك بوصفه طريقة في التفكير وإنتاج المعرفة وتنظيمها وتخزينها واستعادتها. بعبارة أخرى، لم تنخرط المدرسَةُ بعدُ في هذا العصر الذي أسماه البعض بـ «عصر الصورة[4] vidéo-sphère» وأطلق عليه البعض الآخر اسم «فضاء المعلومة[5] info-sphère».
– العلاقات الاجتماعية: تُلحق الثورة الرقمية اليومَ تغييرا جذريا بالعلاقات الاجتماعية من التراتبية إلى مُساواةٍ شبه طوباوية يبشر المتحمسون إليها بأنها ستُفضي إلى:
أ) نبوغ (أو ذكاء) جَمعي intelligence collective تتأصل جذوره في الفلسفة العربية الإسلامية ممثلة في الفارابي وابن سينا وأبو البركات البغدادي، إضافة لابن ميمون[6]، حيثُ هجرةُ المعرفة إلى الشبكات وتعذر الإحاطة بها إنما هي تجلّ لما أسماه أولئك الفلاسفة بـ «العقل الفعال». هذا العقل المنفصل والمستقل بوجوده عن الإنسان تأتى له اليومَ عبر وسيط الحاسوب والشبكات الافتراضية الاشتغالَ ليل نهار كما تأتى لأي فرد أن يتصل به من أي نقطة من الكرة الأرضية للاستفادة منه والإسهام فيه[7]؛
ب) نُبوغ بيولوجي ستتحول الأرض معه، حسب أصحاب هذا الرأي، إلى دماغ كبير يُشكل كل فرد عصبونا فيه[8]، وتلك أطروحة بعض أنصار حركتي »ما بعد الإنسانية «Posthumanisme و»الإنسانية العابرة[9] Transhumanité» الداعيتين إلى تطوير الإنسان والزيادة فيه بتسخير ترسانة من العلوم والتكنولوجيات، يجمعها الاختصار[10] NBIC، وتحتل فيها الرقمية مكانة متميزة.
فالمدرسة أوَّلا وقبل كل شيء شبكة من العلاقات: بين الإدارة وهيأة التدريس، بين أعضاء هذه الهيأة فيما بينهم، على اختلاف تخصصاتهم، ثم بين المدرس والتلاميذ، بين التلاميذ فيما بينهم. كما أنها نظامٌ هرميّ.
إزاء الوضعية الصعبة التي تعرفها المدرسة اليومَ، ظهرت آراء متنوعة، يمكن تصنيفها في محورين: أحدهما يركز على المدرسة نفسها، والثاني يركز على النزعة الإنسانية.
في المحور الأول، لا يتردد البعضُ في اعتبار المدرسة بصدد تلقي ضربات قوية[11]، فيدعو إلى التعجيل باعتماد تقنيات الإعلام والتواصل الجديدة. وتتفاوت بعض ذلك الاقتراحات:
فثمة من يدعو ضمينا إلى الإبقاء على الدور المركزي للمدرِّس مع الحرص على تمكين التلميذ من الاستفادة من المعارف المودعة في الشبكة شريطة عدم التضحية بالتفكير العميق؛
وهناك من يدعو إلى إخراج مدرسة جديدة إلى حيز الوجود، تحت عنوان «المدرسة 2.0 Ecole version 2.0» تأخذ فيها العلاقات شكلا أفقيا، حيث يختفي الأستاذ ويصير الجميعُ معلما وتلميذا في الآن نفسه[12].
خلافا لهذه النوع من الآراء، وفي إطار ما أسميناه بـ «بمحور النزعة الإنسانية»، ثمة من يرى أنَّ «القراءة لم تعُد تُعلم إطلاقا في المدرسة فقط، [وأنَّ] انفجار القراءة وتنوعها يمكن أن يكونا أفضل الأشياء وأسوأها: الأسوأ أن يتجاهل المثقفون هذا الواقع فيصيروا بدورهم أميين، والأفضل أن الواقع الجديد يمنحُ للأميين طرقا أكثر ملاءمة، وأدوات أكثر عملية ستفتح لهم ومن تلقاء أنفسهم سُبل قراءة الكتاب»[13]. هذا الرأي يرى وُجوبَ تجاوز المدرسة للمفهوم التقليدي للقراءة الذي يربطها بالخط إلى رؤية أوسع تتجدد فيها الرؤية السّقراطية للتعليم وموقفه من الكتابة. فمعلوم أنَّ سقراط كان ينزل إلى الساحة العمومية لتعليم الناس بخلاف أفلاطون الذي جعل التعليم مقصورا على والجي أكاديميته. ويمكن اعتبار مؤسسات التعليم الحالية منحدرة من انتصار المنظور الأفلاطوني للتدريس الذي يقضي بوجوب فصل المدرسة عن الساحة العمومية لكي لا يتعرض الخطاب التعليمي لتشويش من لدن الخطابات الأخرى[14].
وهناك من يرى أنَّ المشكل يتأصل في الطريقة التي استعادت بها النزعة الإنسانية مفهوم التربية الإغريقي، حيث نقلته من نشاط مبكر يتلقاه الإنسان في مرحلة مبكرة من العمر ليُشغله في مرحلة أولى عندما يصير مُواطنا مرحلة أولى، ويشغله مُغنيا إياه بتجاربه في الحياة في مرحلة ثانية عندما يصير مُفكرا وحكيما في خريف عُمره، حوَّلَت النزعة الإنسانية التربية من هذا المفهوم إلى جعلها نشاطا مرتبطا بأداء وظيفة داخل المجتمع ما أدى إلى نشأة التخصصات في القرن XIXم واختفاء مفهوم الإنسانيات في مستهل القرن XXم لفائدة اصطلاح العلوم الإنسانية[15]. بتعبير آخر، مَكمَن التراجع الذي تشهده التربية عموما، بما فيها العلوم الإنسانية، حسب هذه الوجهة للنظر، هوَ ربطُ التعليم بسوق الشغل، ومفتاحُ الحلِّ تخليصُها من هذه الصِّلةِ بإعادتها إلى ما كان يفعله قدماء اليونان.
أخيرا، ترى أطروحة متطرفة أنَّ المشكلة تكمن في الكتابة والقراءة نفسيهما، باعتبارهما الوسيط الوحيد الذي تمّ اعتماده لترويض الإنسان وأنسنته على امتداد الألفيتين السابقتين. وحيثُ أثبت هذا الوسيط فشله، فيجب استغلال إنجازات التقنية لإجراء خطوة عملاقة في هذه الأنسنة (عبر ترقية الإنسان طبعا)، ومن ثمة وجوب التخلي عن الكتابة والقراءة نفسيهما، واقتلاع الإنسان من «عصر الأدب L’âge post-littéraire»» و«عصر المراسلات L’âge post-épistolaire» إلى ما بعدهما، إلى «ما بعد الإنسان»[16].
ليس القصد من عرض المواقف السابقة تبني أحدها أو ترجيحه على الآخر، وإنما هو فقط استخلاص أنَّ الموضوع الذي يجمعنا اليوم وهو أزمة تدريس اللغة العربية إنما له صلة بأزمة المدرسة نفسها باعتبارها مؤسسة تقع تحت وطأة تغييرات عميقة على إثر الثورة الرقمية. وهذه سنة الثورات الكبرى التي تكون لها على الدوام آثار جمَّة في سائر مناحي الحياة (المجتمع، الثقافة، المعرفة، التقنية، الشغل، الخ.). كما تغدو أزمة المدرسة المغربية نابعة من أزمة المدرسة عامة اليوم. وإذا كان البعض لم يتردد في وصف الوضع الراهن للمدرسة المغربية بأنه كارثي، فقد يكونُ في استفحال العلة أحيانا فرصة لاستئصالها، لاسيما أنَّ بُلدانا صغيرة، مثل، صارت مضرب مثل في ما حققته من تقدم كبير في قطاع التعليم في ظرف وجيز جدا، وصار ما ابتكرته من طُرقٍ لتدريس بعض المواد قدوة لعدد كبير من بُلدان العالم، فصار يقال: «تدريس الرياضيات على الطريقة السنغافورية» و«تدريس الفيزياء على الطريقة السنغافورية»، كما صار يُنصَح بتعلُّم تعليم هذه المواد من سنغافورة[17].
2.السياق الخاص لمشكلة تدريس اللغة العربية:
يتميز المشهد اللغوي في المغرب بالتعدد المتزايد، سواء من حيث اللغات المدرَّسة أو المُمَارسة اجتماعيا.
فمن حيث التدريس، كانت العربية إلى وقت حديث هي اللغة الرئيسية المُدرَّسَة، وإلى جانبها كان يتم تعليم لغات أجنبية محدودة هي: الفرنسية، والإسبانية والأنجليزية والألمانية.
وإلى اللغة العربية، أضيفت مؤخرا اللغة الأمازيغية باعتبارها لغة رسمية.
على المستوى الجامعي، وبفعل العولمة واقتصاد السوق، صار بوسع الطالب المغربي أن يتعلم، فضلا عن الفارسية والعبرية، لغات أخرى، مثل اليابانية والإيطالية والصينية، الخ.
هذا في التعليم العمومي. أما في التعليم الخاص، فتمنح مجموعة من المعاهد الحرة بالمدن الكبرى إمكانية تعلم قائمة كبيرة من اللغات، تتضمن فضلا عما سبق، الهولندية والتيلاندية والكورية، الخ…
أما إذا انتقلنا من التعليم المؤسسي إلى إلى العالم الافتراضي الذي يُلغي عمليا بُعْدَي الزمان والمكان، ويُوَفِّرُ للجميع، أفرادا ومؤسسات، فرصة إلقاء ما شاؤوا من الموادّ، بما فيها التعليمية، فقد بات بوسع أفراد العالم قاطبة – وضمنهم المغاربة طبعا – أنْ يتعلَّموا ما شاؤوا من اللغات لا لشيء سوى لأن عددا هائلا من المواقع وأشرطة الفيديو توفِّرُ هذه الإمكانية.
ضمن هذا المشهد تحتل اللغة العربية وضعا اعتباريا خاصا حيث تنقسم إلى عربية فصحى وأخرى دارجة.
تشكل الدارجة لغة التخاطب اليومي للمكوِّن العربي من ساكنة المغرب، وهي ذات تنويعات جهوية (عربية الشمال، عربية الشرق، عربية الوسط، عربية الجنوب، ثم الحسانية)[18]، وإليها تنضاف عربية وسطى تستخدمها وسائل الإعلام السمعية والمرئية. من غير المعروف ما إذا كان هذا الاستخدام يسير نحو توحيد لغوي على غرار ما تمَّ في فرنسا غداة الثورة الفرنسية. فالدولة القومية تقتضي استخدام لغة موحَّدة ومعيارية، ولكن:
مع العولمة ونهاية الدولة القُطرية مَحليا لفائدة سياسات لامركزية وربما على حكامة باعتبارها إبدالا جديدا للدولة[19]، وعالميا في سياق هذا الانتقال الذي نعيشه اليوم من عصر الطاقة إلى عصر المعلومة وظهور الاقتصاد المجرَّد.
– ثمَّ مع التحول العميق الذي يعرفه الرابط الاجتماعي: حيث خلافا لما كان عليه الأمر سابقا، حيث كان يتأسس على طقوس العبور وعلاقات القرابة والأصل العرقي والجنس والدين والجغرافيا، صارَ اليوم يتحدد باهتمامات مشتركة، ومن ثمة أصبحت الهوية تتصف جراء هذا الانتقال باللحظية والمصلحة والتعدد والمتاجرة[20] وقدرة الفرد على الانسلاخ من مجموعة انتمائه المحلية ليتجه رأسا إلى الجماعة الكونية ويختار ضمنها مجموعة/مجموعات للانتماء[21]، مما أفضى إلى ما يُسميه البعض بـ «عودة القبلية» أو «القبلية الجديدة»[22].
مع ها وذاك، من الصعب جدا تحقيق توحيد لغوي في هذا النطاق إن كان المشروع موجود أصلا.
هذه العربية الدارجة بشقيها – عربيات الجهات إن جاز التعبير وعربية الدارجة الوسطى – لا تحضر في المدرسة، إذ لا تأذن الوثائق الرسمية باستخدامها إلا في المراحل التعليمية الأولى عند الاقتضاء لا غير، ما يُفيد أنَّها تشكل موضوع مَمنُوعٍ. الممنوع لا بالمعنى السلبي بل بمعنى الواجب لتأسيس «قانون» بالتعريفين اللذين يجعلانه «تجسيدا لنظام بالقياس إليه يمكن للفرد أن يجد مكانه ويتحدد كهوية»[23]، أو «علاقة معترف بها مع ما يمكن أن يُنتهك ويطرح، نتيجة لذلك، بلا انقطاع مسألة الخرق»[24]. بهذين التعريفين ينبثق القانون من ثلاثة أمكنة هي: الدخول إلى اللغة كعالم رمزي، وظيفة الأب عبر إواليات أوديب ومنع غشيان المحارم، ثم حدوث قطيعة داخل العلاقة الانصهارية بين الفرد ومخياله عبر تدخل طرف ثالث هو الاسم»[25].
كما أنَّ هذه العربية الدارجة تشكل موضوع نقاش ساخن، بين دُعاة اعتمادها بديلا للعربية الفصحى ومعارضي ذلك، ما اقتضى تأسيس جمعية الدفاع عن اللغة العربية. بيد أنها بدأت تتسلل إلى حقل المكتوب على أكثر من واجهة (وهذا طارئ تعرفه اليوم كافة لغات العالم):
-الحوامل الورقية (صحافة، كتاب ورقي)؛
-الحوامل الرقمية، من هاتف رقمي إلى شبكة الأنترنت (منتديات، مدونات، ساحات التخاطب الفوري، أشرطة فيديو، الخ.)؛
في القطاع الرقمي الذي وسَّع استخدام الدارجة يتم كتابة العربية بالحرفين العربي واللاتيني على السواء. يشترك في هذه الممارسة أميون ومتعلمون، بل وحتى مثقفون حيثما تتعذر الكتابة لأسباب تقنية. في هذا الصدد، تمَّ ابتكار حلول خاصة لكتابة بعض الأصوات الغائبة في الحرف اللاتيني، مثل الخاء والعين والحاء.
كما يتم اعتماد تعابير أجنبية وإقحامها في النصوص الإبداعية المكتوبة بالفصحى ذاتها، بما جعل البعض يرى أنَّ «تسرب الإنجليزية بهذا الشكل إلى اللغة العربية أدى إلى انتشار ظاهرة لغوية جديدة تعرف بـ «العربليزية»، أي استخدام مفردات من اللغة الإنجليزية وكتابتها بأحرف عربية ضمن سياق النص بشكل طبيعي، دون ترجمتها، أو وضعها بين أقواس، حتى تبدو وكأنها جزء من اللغة الأصلية للنص»[26].
دون الاستطراد في ذكر الأمثلة في هذا الباب الذي بات يشكل خطرا حقيقيا مُحذقا ليس بالعربية فحسب، بل وكذلك بسائر اللغات المكتوبة اليوم، نود التركيز على الوضع الاستثنائي للغة العربية:
فهي تنقسم إلى قسمين: عربية كلاسيكية تَزداد بُعدا عن الراهنية، حيث من الصَّعب دحض واقع أن قسما كبيرا من النصوص القديمة صار اليوم لا يُقرأ إلا بمجهود يُشبه الترجمة أو الشرح، أي بمجهود إعادة الكتابة. هذه العربية مَحمية – إن جاز التعبير – في المنظومة الثقافية العربية القديمة النحوية والبلاغية، الخ.، وعربية عصرية تسعى إلى الاقتراب من الراهنية، لكنها تبتعد عن العربية الكلاسيكية، على مستوى المعجم، كما على مستوى بعض التراكيب التي تخرق قواعد النحو القديم. من أمثلة ذلك:
– ظهور عدد من المفردات الجديدة (مثل: «إكساب»، «تمهير»، «توافُر»، «إقدار»، الخ.) في غياب مُعجَم مرجعي يُحيَّنُ بانتظام على غرار ما يتم في باقي اللغات الحية.
– اعتماد الجملة الاسمية بنية أساسا والحال أن بنية الجملة في اللغة العربية هي فعلية في المقام الأوَّل (مثال: «الدرسُ انتهى» بدل «انتهى الدرس»)؛
– عودة الضمير على لاحق وهذا خطأ نحوي جسيم (مثال: «في خطابه أمام الحشود، قال الزعيم» بدل: «قال الزعيم في خطابه أمام الحشود»)؛
– إضافة مفردة واحدة إلى عدة مفردات (مثال: «كانَ تلاميذُ وأساتذة وإداريو المدرَسَة حاضرين» بدل: «كان تلاميذ المدرسة وأساتذتها وإداريوها حاضرين»)
ومردّ تسلل مثل هذه الصيغ يعود بالتأكيد إلى المثاقفة والترجمة وعلاقة الهيمنة بين اللغات التي لا يتسع المقام لبسطها.
والخلاصة أنَّ اللغة العربية بشقيها الكلاسيكي والعصري ليست لغة تخاطب يومي لأي مجموعة اجتماعية بالمغرب[27]، وهو ما يمنحها وضعية شبه لغة ثانية وما قد يجعل من الصعب ليس تدريسها فحسب، وبل وكذلك يدفع التلاميذ إلى النفور منها، لاسيما أنَّ:
– سياسات التعريب لم تتواصل بحيث تشمل التعليم العالي، وما تحقق منها أظهر أنَّ العملية لم تخدم اللغة العربية وتحسن موقعها في الخريطة اللغوية بقدر ما شكلت آلية للانتقاء الاجتماعي تتيح لأبناء الطبقات الميسورة ولوج التخصصات التي تضمن لهم احتلال مواقع إدارية واجتماعية ناجحة[28]. أكثر من ذلك، تبيَّنَ أنَّ أشد المتحمسين للتعريب في ستينيات القرن الماضي كانوا يدرسون أبناءهم في مؤسسات البعثات الأجنبية (الغربية)[29] وليس في المدارس العمومية؛
– تعلم لغات مثل الفرنسية أو الأسبانية أو الأنجليزية، مثلا، يُفضي إلى التواصل بهما في سائر القطاعات المهنية التي تعتمدها نطقا وكتابة، في حين العربية بخلاف ذلك. ومن شأن هذه الهوة بين تعلمها وقطاع الشغل أن تنفر التلاميذ من تعلمها، وأن تجعلهم يفضلون التوجه نحو الشعب العلمية على الشعب الأدبية، في التعليم الثانوي، واختيار كليات العلوم على كليات الآداب، وتفضيل التسجيل داخل كليات الآداب في شعب غير شعبة العربية… ولنا أن نتصور تعقيد الوضع عندما يدرُسُ التلميذ المواد العلمية في الثانوي باللغة العربية حتى إذا بلغ الجامعة وجد نفسه مُطالبا بالتوفر على مستوى في اللغة الفرنسية يؤهله لمواصلة الدراسة المواد نفسها! كل شيء يتم كما لو كان يقال له: «لك أن تضع العربية الآن في متحف اللغات أو مستودعها، فهي لن تفيدك في ما ستدُرُسه الآن».
بيد أنَّ المغرب لا يشكل بلدا وحيدا في هذا الباب:
فالعربية الفصحى لا تشكل لغة للتواصل اليومي في أي بلد من بلدان العالم العربي، مع أنها تظل في المقابل، أداة مشتركة بين سكان هذا المجال الجغرافي الممتد من المحيط إلى الخليج الفائق عدد سكانه اليوم 350 مليون نسمة، وتشكل كنزا ثمينا وضمانة لإشعاع الثقافة العربية في عالم اليوم، وإذا كان هذا المعطى أهمّ حجة يمكن إشهارها في وجه دعاة استبدال الفصحى بالدارجة، فإنه يتعين في المقابل وجوب توحيد الجهود بين سائر الأقطار العربية لحماية اللغة العربية ضمن مُنظمة تشبه المنظمة الفرنكوفونية، مثلا، لاسيما أنَّ بعض الدراسات تشير إلى أنَّ القنوات التلفزية قد ساهمت في تقليص فوارق الاستعمال اللغوي بين المشرق والمشرق العربيين[30]، ومجموعة من الإحصائيات تؤكد أن اللغة العربية توجد ضمن اللغات العشر الأكثر انتشارا في العالم[31]. وأمام هذه الإحصائيات:
يمكن التساؤل عما إذا كانت الوسائط الحديثة (الرقمية بالخصوص) قد وضعت العربية في بيئة رواج وانتشار هي من الفوران بحيث تُجَازف بتجاوز اختصاصييها ومُقعِّديها وتحويلهم إلى أقلية أمام حُشود الممارسين. فمع الثورة الرقمية لم تعد الكتابة ممارسة حكرا على أقلية (أدباء نخبة، كتاب…)، بل صارت ممارسة يومية في الجسم الاجتماعي لملايين البشر يوميا، ممَّا يجعل من إصلاح اللغة العربية ضرورة مستعجلة؛ لن ينتظر الأطفال والشباب ولا عموم المواطنين عمَل النحاة واللغويين الاختصاصيين الدؤوب والمتطلب لعدة سنوات قصد إنتاج وصفات جاهزة وقابلة للتطبيق الفوري. فالحشود تتدبر أمر التواصل خارج ما تقوله المعاجم وقواعد النحو.
أن تحتل لغة ما رُتبة متقدمة في الاستعمال على الصعيد العالمي أمر فهذا يُفيد ليس كثرة الطلب عليها فحسب، بل وكذلك تنوع مصادر تعلمها وطرقه، ما يعني أنَّ المدرسة لم تعد هي المكان الوحيد لتعلم هذه اللغة، وهذا هو واقع الحال بالنظر لتعدد مواقع تعليم لغة الضاد في شبكة الأنترنت ووفرة الأشرطة ذات الصلة (موقع يوتوب). ومع ذلك، يصادف تدريس اللغة العربية صعوبات تتجسَّدُ في ما بات يؤكده معظم مفتشي التعليم من أنَّ العربية هي المادة التي يحصل فيها التلاميذ على أدنى النقط في المؤسسات التعليمية.
فأين يكمن المشكل؟
أقترح إلقاء نظرة على كيفية بناء الدرس اللغوي في هذه المادة بالتعليم الثانوي في بلادنا:
3.السياق الخاص: الكتاب المدرسي لتعليم اللغة العربية (ثلاث ملاحظات):
تقوم العملية التعليمية-التعلمية على مثلت ديداكتيكي يتألف من ثلاثة أطراف، هي: الأستاذ والتلميذ والكتاب المدرسي. هذا هذا المثلث يقع في أسفل هرم تراتبي، حيثُ يُشرفُ على عمل الأستاذ ويؤطره:
– المفتش التربوي: ويتلقى تكوينا بمركز تكوين مفتشي التعليم، ويقع هذا الإطار التربوي في خط تراتبية أخرى، حيث تنقطع صلته بالمركز عقب التخرج، فلا يوافي هيأة التدريس بتغذية راجعة حول الحصيلة الميدانية لأجرأة تكوينه. وهو، من هذه الناحية، يستوي مع المعلمين وأساتذة التعليم العالي بسلكيه، حيث تنقطع صلة هؤلاء بمؤسسات تكوينهم بعد التخرج، فلا يوافونها بمعطيات ميدانية لتحيين برامج التكوين.
-صعودا في السلم الهرمي يقع مؤلفو الكتاب المدرسي، وهم مجموعة أساتذة لمادة اللغة العربية و/أو مفتشوها، يُتَرجمون وثائق البرامج والتوجيهات الرسمية لتدريس مادة اللغة العربية إلى نُصوص وأنشطة تعليمية-تعلمية؛
– في أعلى السلم، تقع مُديرية المناهج والحياة المدرسية: وتستثمر مجموعة من الوثائق المرجعية المؤطرة للعملية التعليمية – التعلمية: الميثاق الوطني، الوثيقة الإطار، الكتاب الأبيض[32]، لصياغة الوثيقة الأساس المعتمدة في تأليف الكتب المدرسية وتدريسها.
تحدد وثيقة التوجيهات الرسمية لتدريس اللغة العربية بالثانوي مدخلا تعليميا يقوم على مجموعة من القيم والكفايات، تم بموجبها تقسيم المادة التعليمية إلى مجالات ست، هي: – وحدة مجال القيم الإسلامية، ووحدة مجال القيم الوطنية الإنسانية، ووحدة المجال الحضاري، ووحدة المجال الاجتماعي والاقتصادي، ووحدة المجال السكاني، ثمَّ وحدة المجال الفني الثقافي.
مُلفتَة للنظر هذه التراتبية التي لا يتفاعل فيها أي طابق عموما من طوابق الهرم – إن جاز التعبير – مع غيره على شكل تغذية راجعة في وقت يروج فيه الحديث عن ضرورة إرساء حَكَامَةٍ تشكل هي نفسها مادة تعليمية في مراكز لتكوين الأطر التعليمية مثل مركز تكوين مفتشي التعليم.
وضع البرامج تغلب عليه العلاقة الهرمية كما في تركيبة الوزارة عموما، فلا تتوفر عموما إمكانية تغذية راجعة بين الأستاذ وهيأة التفتيش ولا بين هيأة التفتيش ومركز تكوين المفتشين والدوائر المختصة في الوزارة، ولا بين مركز تكوين المفتشين. صحيح أن الوثائق الرسمية ممتلئة، لكن هذه الثقافة لم تنتشر بعدُ.
يقود تأمل التوزيع الدوري cyclique للمجلات الستة الآنفة الذكر إلى طرح سؤالين:
الأول: لماذا تكرار المجلات الستة في كل سنة بدل توزيعها على نحو آخر، كأن تخصَّص السنة الأولى لمجالي القيم الإسلامية والقيم الوطنية والثانية لوحدتي المجال الحضاري والمجال الاجتماعي والاقتصادي فيما تخصص السنة الثالثة لوحدتي المجال السكاني والمجال الفني الثقافي؟
الثاني: عندما يدرج مؤلفو الكتاب المدرسي نصا ما في أحد المجالات الست ألا يُجازَفُ بسجن النص ضمن هذا المجال بشكل نهائي في ذهن التلميذ؟ بتعبير آخر، ألا يشكل كل نص جسدا يتخلله أكثر من مجال من المجالات الآنفة؟
قد يقتضي استدراك الخللين السابقين إعادة النظر في الحدود التي تمَّ رسمها بين الوحدات / المجالات، على نحو يتيح مد جسور بينها من جهة، كما قد تقتضي مراجعة معايير انتقاء النصوص وتبديدها، على نحو يجعل كل نص يُدرَجُ في أكثر من وحدة / مجال.
هذه المجالات، تتكرر على امتداد السنوات الثلاث، وتشكل الإطار الذي تُدرَجُ فيه محتويات الدروس والكفايات والمهارات التي يُنتظر أن يكتسبها التلميذ. وبذلك ما يبقى على لجنة تأليف المقررات المدرسية سوى اختيار النصوص الملائمة، لكل مجال وملئها بالأنشطة التعليمية التعلمية التي سيتعين على الأستاذ والتلميذ تنفيذها.
أول ما لا يُلاحَظ على الكتاب المدرسي أنَّ تأليفه عملية حكر على مختصين في اللغة العربية، يقعون هم الآخرون في مرتبة أعلى من مدرسي المادة في المستويات المعنية (أساتذة جامعيون، مفتشون ممتازون، أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي في حالة كتب التعليم الثانوي الإعدادي)، فلا يحضر أي مدرس للغة العربية ضمن فريق تأليف كتاب المستوى (أو السلك) الذي يدرسه.
تتألف اللجان عموما من ستة إلى سبعة أفراد، يضطلع أحدهم بدور منسق لجنة التأليف، ما يُفيد أنَّ كل عضو من الأعضاء الستة يتولى تأليف مجال من مجالات الكتاب الستة. والحال أنَّ هذه اللجان ينبغي ألا تشمل فقط أعضاء من مدرسي السلك نفسه؛ فهم أدرى بنفسية تلاميذهم وميولهم وخصوصيات بيئتهم الطبيعية والاجتماعية، بحكم تجربتهم في التعامل معهم، بل ويجب أن تشمل أيضا أعضاء آخرين متعددي التخصصات لفتح جسور بين اللغة العربية وباقي المواد التي يتلقاها التلاميذ في السلك نفسه.
وعلى ذكر تعدد التخصصات، للوزارة الآن مشروع بصدد التجريب في مجموعة من المراكز التربوية الجهوية لتكوين أساتذة متعددي التخصصات. إلا أن ما يُلفتُ النظر فيه هو بدل أن تُضمَّ اللغة العربية إلى الفلسفة أو الاجتماعيات أو حتى إلى لغة أجنبية أخرى، فقد تمَّ إلحاقها بالتربية الإسلامية، ما يُجازفُ بتكريس التمثل الذي يختزل اللغة العربية إلى لسان تراثي ويماهيها مع الدين.
ثاني ما يُلاحظُ هو التعاملُ مع اللغة العربية باعتبارها وحدة معزولة عن باقي المواد. نعم هناك إشارات إلى ضرورة هذا الربط، ولكن أي اقتراح أو إرشاد عمليين لأستاذ اللغة العربية لا يوجدان. في هذا الصعيد قد من الأفضل التعامل مع المواد باعتبارها نسقا من العناصر المتفاعلة في ما بينها والمتبادلة الأدوار، بحيثُ عندما تكون مادة اللغة العربية هي المدرَّسَة فيجب التعامل معها باعتبارها مركزا لكُتل، هي سائر المواد التي يتلقاها التلميذ لدى أساتذة آخرين (جغرافيا، علوم طبيعية، تاريخ، رياضيات، الخ.) تدور حولها – إن جاز التعبير – وترتبط بها بصلات. وكذلك الأمر بالنسبة لباقي المواد، بحيث تصير العملية التعليمية تبادلا لدوري المركز والهامش بين سائر المواد الدراسية.
يقتضي هذا وجوبُ صياغة البرامج والتوجيهات التربوية الخاصة بكل المواد المدرَّسة في سلك التعليم الثانوي الإعدادي من لدن لجان تنسق العمل في ما بينها وتمد جسورا بين سائر المواد. وقد يقتضي ذلك إعادة النظر في الوحدات التعليمية بحيث يُتاحُ لكل أستاذ لدى تدريسه لمادته أن يُلقي إشارات إلى ما يدرسه التلميذ بالتزامن في المواد الأخرى. فالمعارف والتخصصات مترابطة في العمق، ومن شأن مثل هذه الإشارات أن تخلص المواد من طابعها الجاف بقدر ما من شأنها أن تعزز تحصليها. يمكن لنص في تاريخ الرياضيات مثلا، أو فوائدها العملية، أن يُحفز التلميذ على التحصيل في هذه المادة ويمحو من ذهنه كونها مادة لإنجاز معادلات وحسابات لا غير.
كما يقتضي من واضعي البرامج التعليمية ومؤلفي الكتب المدرسية العمل ضمن وحدة كبيرة متعددة التخصصات، فلا يوعز تأليف كتاب تدريس اللغة العربية إلى مدرسين لهذه المادة فحسب، ولا إعداد كتاب تدريس مادة الفيزياء إلى متخصصين في الفيزياء وحدهم، بل يوعَزُ إليهم القيام بالعمل نفسه لكن باعتبار مادة التأليف عنصرا ضمن نسق يتألف من مجموع البرامج والمواد التعليمية لمستوى دراسي بوصفها متداخلة ومتفاعلة في ما بينها.
الملاحظة الثالثة: الفصل بين الدروس داخل الكتاب الواحد وغياب إفضاء هذا الدرس إلى ذاك. وإلى الفصل بين المواد، يضاف الفصل بين دروس المادة الواحدة:
أثناء تدريس درس في مادة اللغة، يجب أن يشكل هذا الدرس محورا / مركزا تحوم حوله سائر الدروس الأخرى، بحيث يتاح للأستاذ إرسال إشارات إلى باقي الدروس.
وما يصدق على دروس المادة الواحدة يتعين أن يصدق على باقي المواد بحيث تتبادل هي الأخرى موقعي المركز والهامش بينها: فعندما تكون المادة هي دراسة المؤلفات، مثلا، يجب أن ترتبط بجسور إلى باقي مكونات مادة اللغة العربية.
يستخلص مما سبق أنَّ تأليف الكتاب المدرسي لمادة اللغة العربية عملية تصطدم تصطدم بنظام الكتاب عامة وبمنطقه الخطيين المنحدرين من زمن الدفتر كما تصطدم بالبيئة الحالية للكتاب نفسه التي يعيش فيها صعوبة كبيرة لا يتردد البعض في تسميتها بزمن الخروج من عصر جتنبرغ[33] بعد إقامة فيه استغرقت القرون الخمسة الماضية.
بتعبير آخر، إنَّ الثورة الرقمية التي اعتبرناها في مستهل هذه الورقية أهم عامل في تأزيم المدرسة الحالية هي نفسها التي تؤزم الكتاب المدرسي على مستوى التأليف. بيد أنه لحسن الحظ أنّ! الرقمية سم وترياق في آن واحد. فإزاء الصورة القاتمة التي رسمناها بعض ملامحها أعلاه، ثمة محاولات لنقل الدرس اللغوي العربي على شبكة الأنترنت…
محمد أسليـم
(ورقة ألقيت في اليوم الدراسي: المدرسة المغربية وإشكالية تدريس اللغة العربية، مركز الدراسات والبحوث الاجتماعية، وجدة، 26 نونبر 2011)
——–
هوامــش
[1] Jeremy Rifkin , L’Âge de l’accès. La nouvelle culture du capitalisme, Paris : La Découverte, p. 222.
[2] Joël de Rosnay, Enseigner aujourd’hui ? Conférence dans le cadre de l’ANAE (Association nationale des acteurs de l’école) :
http://www.cite-sciences.fr/derosnay/articles/Enseigner%20aujourdhui.html
[3] في السنة الأولى من الألفية الحالية عُقدَت ندوة دولية بباريس تحت عنوان وداعا جتنبرغ:
“L’adieu à Gutenberg?”.Colloque international au Palais du Luxembourg, salle Clemenceau, 21 janvier 2000.
وبالعنوان نفسه، يمكن الاطلاع على دراسة هامة لجان كليمون انطلاقا من الرابط:
http://www.autosoft.fr/deasic/adieugutenberg-jclement.pdf
[3]
[4] يتعلق الأمر بريجيس دُبريه الذي يصنف تاريخ الحوامل إلى ثلاثة مراحل: عصر اللوغوس Logo-sphère، عصر الخط Grapho-sphère، ثم عصر الصورة أو الفيديو Vidéo-sphère، ويتأسس على السمعي-البصري وعلى الإلكترونيك»، وهي وسائط تُستخدم في كل الفنون بما فيها المسرح والكتابة الأدبية، بل وحتى النقد. انظر كتابه:
– Régis Debray, Vie et mort de l’image, Gallimard, 1995.
أو ترجمته إلى العربية:
– ريجيس دوربيه، حياة الصورة وموتها، ترجمة فريد الزاهي، البيضاء-بيروت، إفريقيا الشرق، 2002.
[5] يُنظَرُ، على سبيل المثال:
Patrick Peccatt, La révolution numérique considérée comme une quatrième révolution:
http://blog.tuquoque.com/post/2009/11/03/revolution-numerique-quatrieme-revolution
[6] Pierre Lévy,L’intelligence collective, pour une anthropologie du cyperespace, Paris, La Découverte , 1994.
الفصل الخاص بهذا الموضوع (الأصول العربية-الإسلامية للذكاء الجمعي)، متوفر للقراءة انطلاقا من العنوان:
http://www.archipress.org/levy/aql.htm
[7] نفسـه
[8] Jean-Pierre Dupuy «Quand les technologies convergeront», Revue du MAUSS 1/2004 (no 23), p. 408-417 :
http://www.cairn.info/revue-du-mauss-2004-1-page-408.htm.
[9] عنوان الموقع الرسمي للحركة:
http://transhumanism.org/index.php/WTA/languages/C46
[10] اختصار يجمع بين تكنولوجيات النانو، والتكنولوجيات البيولوجية والمعلوميات والعلوم المعرفية. علما بأنَّ كل حقل من الحقول الأربعة الشابقة يتألف من مجموعة من العلوم: فمثلا: العلوم المعرفية وحدها هي حقل لقاء بين عدد من الحقول، هي: الفلسفة، علم النفس، الذكاء الاصطناعي، اللسانيات، علوم أعصاب الدماغ، الأنثروبولوجيا والمعلوميات.
[11] Julien Gautier, «Du monde sur papier au monde sur écran», Intervention à l’occasion d’une journée d’étude sur le thème “Ecole et médias”, organisée par le CIEM et l’association Ars Industrialis de Bernard Stiegler :
http://skhole.fr/conférence-skhole-video-du-monde-sur-papier-au-monde-sur-écran
[12] وردت هذه المعلومة في محاضرة Alexandre Serres، تحت عنوان: «Culture informationnelle»، ضمن أشغال الندوة السابقة.
[13] Michel Melot, «Nous sommes tous des illettrés ou l’avenir de la lecture», in bbf 1989 – t. 34, n° 2-3, dossier : 1789-1989 :
http://bbf.enssib.fr/consulter/bbf-1989-02-0203-016
[14] عرضنا موقف سُقراط الرافض للكتابة في دراستنا: «من الدفتر إلى الشاشة: تحولات القراءة والكتابة»، وقد ورد هذا الموقف في:
Platon, Phèdre, édtions livres-et-books.fr, p. 72.
وصلة تنزيل الكتاب:
http://www.livres-et-ebooks.fr/ebooks/Ph%C3%A8dre_(Platon)-3551
[15] Marc Fumaroli, Les humanités aujourd’hui, conférence donnée à l’Université de tous les savoirs, le 18/10/2008 :
http://www.canal-u.tv/themes/lettres_arts_langues_et_civilisations/lettres_classiques_langue_et_litterature_francaise/lettres_classiques/les_humanites_aujourd_hui_marc_fumaroli
[16] يتعلق الأمر بالفيلسوف الألماني Peter Sloterdijk الذي يمثل جناح العلوم الإنسانية في الجمعية العالمية للإنسانية العابرة World Transhumanist Association، وصاغ رأيه هذا في محاضرة شهيرة تحت عنوان «قواعد للحديثة الإنسانية. جواب عن رسالة [هايدغر] حول النزعة الإنسانية»، صدرت بعد ذلك في كتيب منفرد:
– Peter Sloterdijk, Règles pour le Parc humain. Réponse à la lettre sur l’humanisme, traduction d’O. Mannoni, aux éditions Mille et Une nuits, La petite collection, 26/01/2000, (64 p).
وأثارت زوبعة من النقاشات، يمكن قراءة نص الكتيب كاملا، كما مجموعة من الردود، في الملف الذي خصصته له مجلة Multitudes، تحت عنوان «قضة سلوتردايك»:
http://multitudes.samizdat.net/spip.php?page=rubrique&id_rubrique=191
يمكن الاطلاع (باللغة العرية) على عرض هام للسجال الذي قام بين هابرماس وسلوتردايك في الموضوع:
– محمد الشيخ، «في طبيعة البشر: المجادلة بين هابرماس وسلوتردايك»، ضمن مؤلف جماعي بتنسيق محمد المصباحي، فلسفة الحق عند هابرماس، الرباط، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، سلسلة مناظرات وندوات، رقم 151، صص. 39-60.
[17] يُنظر، مثلا، توماس فريدمان، «تعلموا تدريس الرياضيات من سنغافورة»، 17 شتنبر 2005:
تعلموا-تدريسhttp://www..voltairenet.org/
[18] حول المشهد اللغوي بالمغرب عامة، وموقع اللغة العربية فيه، يمكن الرجوع إلى:
– Gilbert Grandguillaume, Arabisation et politique linguistique au Magreb, chaptire : Pour une anthropologie de l’arabisation au Maghreb», Paris, edition Larose
أو ترجمته: جلبير غرانغيوم، اللغة والسلطة والمجتمع في المغرب العربي، فصل: »من أجل أنثروبولوجيا للتعريب في المغرب العربي» ترجمة محمد أسليم، الدار البيضاء، إفريقيا الشرق، 2010، صص. 11-83.
[19] Jacques Chevallier, «La Gouvernance, un nouveau paradigme étatique?», in Revue française d’administration publique, 2003/1 – no105-106, pages 203 à 217 :
http://www.cairn.info/load_pdf.php?ID_ARTICLE=RFAP_105_0203
[20] Jeremy Rifkin , L’Âge de l’accès. La nouvelle culture du capitalisme, Paris : La Découverte, p.181.
[21] Marc Augé, «Culture et déplacement», Conférence donnée à l’université de tous les savoirs le 16/11/2000 :
http://www.canal-u.tv/themes/sciences_humaines_sociales_de_l_education_et_de_l_information/sciences_de_la_societe/sociologie_demographie_anthropologie/sociologie/culture_et_deplacement.
[22] Michel Maffesoli, Le Temps des tribus Le Livre de Poche, 2000.
كما يمكن الرجوع في العربية إلى مؤلف:
عبد الله الغذامي، القبيلة والقبائلية أو هويات ما بعد الحداثة، البيضاء-بيروت، المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية، 2009، (280ص.).
[23] GRANDGUILLAUME, Gilbert, 1985, «Père subvertit, langage interdit», in Peuples Méditerranéens, n° 50, Paris, Janvier-Mars, 1990, pp. 171-176.
أو ترجمته العربية: «الأب المقلوب واللغة الممنوعة»، ضمن جلبير غرانغيوم، اللغة والسلطة والمجتمع في المغرب العربي، البيضاء-بيروت، إفريقيا الشرق، 2011، صص. 124-155.
[24] ROSOLATO, Guy, Essais sur le symbolique, Gallimard, Paris, 1969.
[25] جلبير غرانغيوم، «الأب المقلوب واللغة الممنوعة»، م.س.
[26] الرأي للصحفية الأردنية بريهان قمق، ونقلناه عن: إيمان يونس، تأثير شبكة الإنترنت على أشكال الإبداع والتلقي في الأدب العربي الحديث، دار الهدى للطباعة والنشر كريم – دار الأمين للنشر والتوزيع، عمان – رام الله، 2011، ص. 101.
[27] هذا الوضع عير عاد، وقد يكون واحدا من عوائق نهضة المغرب والعالم العربي عموما، حيث يتكلم الأفراد لغة لا تُكتَب ويكتبون لغة لا يتخاطبون بها!!
[28] جلبير غرانغيوم، «من أجل أنثروبولوجيا للتعريب في المغرب العربي»، م. س.
[29] نفسه.
[30] Barbara Loyer, Culture et mondialisation…, op.cit
[31] ثمة اختلاف في تقدير ترتيب اللغة العربية عالميا ليبقى كونها ضمن اللغات العشر الأوائل هو القاسم المشترك بين كل هذه التخمينات. هكذا فموسوعة Encarta تصنف اللغة العربية في المرتبة الثانية عالميا بـ 420 مليون متكلم، ومجلة Toudu تصنف لغة الصاد في المرتبة السادسة عالميا بـ 175 مليون متكلم…
[32] لجان مراجعة المناهج التربوية المغربية للتعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي والتأهيلي، ربيع الأول 1423 – يونيو 2002
[33] في السنة الأولى من الألفية الحالية عُقدَت ندوة دولية بباريس تحت عنوان وداعا جتنبرغ:
“L’adieu à Gutenberg?”.Colloque international au Palais du Luxembourg, salle Clemenceau, 21 janvier 2000.
وبالعنوان نفسه، يمكن الاطلاع على دراسة هامة لجان كليمون انطلاقا من الرابط:
http://www.autosoft.fr/deasic/adieugutenberg-jclement.pdf
الكاتب: محمد أسليـم بتاريخ: الأربعاء 05-09-2012 06:02 صباحا  

الاخبار العاجلة